أرغب أن أعرف هل يجوز للزوج أن يطلب من زوجته ألا تتزوج بعد وفاته حتى يكونا سوياً في الجنة ؟ وقد قرأت أن أحد الصحابة قد فعل وسأل نفس الطلب ، وكيف أن الله أمر أزواج النبي صلى الله عليه و سلم ألا يتزوجن بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم
هل يطلب من زوجته أن لا تتزوج من بعده عسى أن يكونا معا في الجنة ؟
السؤال: 183485
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا يشرع للزوج أن يطلب من زوجته ألا تتزوج من بعده ، ولا يجوز له أن يشترط عليها ذلك ، فإن طلب منها ذلك أو شرطه عليها : لم يلزمها أن تجيبه إليه إن مات قبلها ، وخاصة إذا كانت شابة يخشى عليها من الفتنة ، لما في التزام ذلك من الضرر والفساد الذي لا يخفى ، ومخالفة مقصد الشارع في النكاح ، وتكثير السواد ، وسد باب الفتن .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” لا يجوز للزوج أن يشترط على زوجته ألا تتزوج أحدا بعده ؛ وذلك لأنه منافٍ للشرع فإن الذي لا يحل نساؤه من بعده هو النبي صلى الله عليه وسلم خاصة . والمرأة إذا فارقها زوجها سواء فرقة حياة أو فرقة موت ، فإنها تكون حينئذٍ حرة تتزوج من شاءت . واشتراط ألا تتزوج بعده اشتراط باطل لا يوفى به ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (19/2) .
وزواجها من بعده خير لها من عدم الزواج ، لما فيه من المنافع الكثيرة ، ولما قد يترتب من عدمه من الشر والفتنة . راجع إجابة السؤال رقم (12528) .
ثانيا :
الراجح من كلام أهل العلم أن المرأة في الجنة تكون لآخر أزواجها ؛ لما روى الطبراني في “المعجم الأوسط” (3130) عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المرأة لآخر أزواجها ) وصححه الألباني في “الصحيحة” (1281) .
راجع إجابة السؤال رقم : (8068) .
ولكن ذلك لا يعني مشروعية الوصية بعدم تزوج أحدهما بعد وفاة الآخر ، ولا يعرف عن السلف الوصية بذلك ، وغاية ما روي في ذلك أثران عن حذيفة وعن أم الدرداء ، وفي كل منهما ضعف ، وعلى فرض صحة شيء من ذلك فهي قضية عين ليس لها صفة العموم ؛ وهؤلاء نساء السلف كنّ يتزوجن بعد أزواجهن ، ولم يكن من عادة السلف أن يطلب أحدهم من امرأته عدم التزوج من بعده .
فإذا توافق الزوجان وكانا على حال من الصلاح والتقوى والتعاون على البر والطاعة ، فأرادت زوجته من بعده ألا تتزوج حتى يجمع الله بينها وبين زوجها في الجنة ، فلا حرج عليها في ذلك ، أما أن يقال باستحباب ذلك ، أو اشتراطه ، أو الوصية به : فلا .
ثالثا :
حرم الله نكاح أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من بعده ؛ لأنهن رضي الله عنهن أمهات المؤمنين ، ويحرم على الرجل الزواج بأمه ، ولأنهن رضي الله عنهن زوجاته في الجنة .
قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ) الأحزاب/ 53 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” أجمع العلماء قاطبة على أن من توفي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه : أنه يحرم على غيره تزويجها من بعده ؛ لأنهن أزواجه في الدنيا والآخرة ، وأمهات المؤمنين ” انتهى “تفسير ابن كثير” (6 /455) .
وينظر للفائدة إجابة السؤال رقم (131789) .
والله أعلم ..
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة