تنزيل
0 / 0

يريد طلاقها بعد خيانتها له في غيبته

السؤال: 184382

أنا في يوم من الأيام العادية خرجت أذهب إلى عملي مثل كل يوم ، فذهبت إلى الورشة ونسيت أوراق ترخيص السيارة ، فرجعت إلى المنزل ، فطرقت الباب مدة ما يقرب الربع الساعة ، حتى إني اعتقدت أنه لا يوجد أحد في المنزل ، وفجأة فتحت الباب فوجدت حال زوجتي غريبا ، ومرتبكة ، وحالها متغير ، فذهبت مباشرة إلى غرفة النوم فرأيت شخصا يختبئ بين السرير ، فضربته وضربتها ، وأنا الآن أنوي الطلاق ، ولي معها طفلان ، والشك يقتلني ، ولا أنوي معاشرتها ثانية ، مع العلم أني قلت لها إنك محرمة علي كأمي وأختي ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نسأل الله تعالى أن يعينك على هذا الابتلاء ، وأن يلهمك الصبر والسلوان ، فخيانة
الزوجة مقتل في صميم القلب ، وجرح لا يكاد يندمل ، ولكن المؤمن يحتسب أمره عند الله
تعالى ، ويعلم أن له عنده سبحانه الأجر العظيم إذا صبر على بلائه ، وحمد الله على
الضراء كما كان يحمده على السراء ، يقول الله عز وجل : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ
وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ
قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) البقرة/155-156.
ومثل هذه المرأة لا يقبل الحر العفيف أن يعاشرها ، أو يمسكها عنده ، سواء وقعت في
الزنا الصريح أم لم تقع ، وذلك خوفا على العرض من التدنيس ، وعلى النسب من الاختلاط
، ودرءا لإثم الدياثة ، فإمساك الزوجة رغم ما يَعرِف عنها زوجها من معاشرتها الرجال
– من غير توبة – انخرام للمروءة ، وانعدام للغيرة ، إلا إذا كان معذورا في ذلك لسبب
أو لآخر .
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله – في بيان حالات استحباب الطلاق -:
” أو تكون غير عفيفة ما لم يخش الفجور بها ” انتهى من ” تحفة المحتاج ” (8/2)
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن اطلع إلى بيته ووجد عند امرأته رجلا
أجنبيا ، فوفاها حقها وطلقها ؛ ثم رجع وصالحها ، وسمع أنها وجدت بجنب أجنبي ؟
فأجاب :
” في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم ( أن الله سبحانه وتعالى لما خلق الجنة قال :
وعزتي وجلالي لا يدخلك بخيل ، ولا كذاب ، ولا ديوث ) – رواه الخرائطي في ” مساوئ
الأخلاق ” (ص/198) بلفظ ( مدمن خمر ولا ديوث )، وأصح منه حديث : ( ثلاثة لا ينظر
اللّه عزّ وجلّ إليهم يوم القيامة : العاقّ لوالديه ، والمرأة المترجّلة ،
والدّيّوث ) رواه النسائي (2561)، وصححه الألباني في ” صحيح سنن النسائي “-.
والديوث الذي لا غيرة له . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن
المؤمن يغار ، وإن الله يغار ، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه )، وقد قال
تعالى : ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ
لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
) النور/3؛ ولهذا كان الصحيح من قولي العلماء أن الزانية لا يجوز تزوجها إلا بعد
التوبة ، وكذلك إذا كانت المرأة تزني ، لم يكن له أن يمسكها على تلك الحال ، بل
يفارقها ، وإلا كان ديوثا ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (32/141)
وأما قولك لها ” إنك محرمة علي كأمي وأختي ” فليس طلاقا إلا إذا نويت به الطلاق ،
وإلا فهو ظهار سبق بيان حكمه في الفتوى رقم (50305)
، (121076)
فإذا قررت فراقها ، وهو ما نشير عليك به ، لم يكف ما سبق ، بل لا بد من الطلاق
الصريح ، ولكن قبل ذلك من حقك ممارسة الضغط على زوجتك كي تتنازل عن مهرها ، فقد قال
تعالى : ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا
أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) النساء/19
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
” ( إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) قال ابن مسعود ، وابن عباس ، وسعيد بن المسيب ،
والشعبي ، والحسن البصري ، ومحمد بن سيرين ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعكرمة ،
وعطاء الخراساني ، والضحاك ، وأبو قلابة ، وأبو صالح ، والسدي ، وزيد بن أسلم ،
وسعيد بن أبي هلال : يعني بذلك الزنا ، يعني : إذا زنت فلك أن تسترجع منها الصداق
الذي أعطيتها وتضاجرها حتى تتركه لك وتخالعها ، كما قال تعالى في سورة البقرة : (
ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن
خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) البقرة/229.
وقال ابن عباس ، وعكرمة ، والضحاك : الفاحشة المبينة : النشوز والعصيان .
واختار ابن جرير أنه يعم ذلك كله : الزنا ، والعصيان ، والنشوز ، وبذاء اللسان ،
وغير ذلك .
يعني : أن هذا كله يبيح مضاجرتها حتى تبرئه من حقها أو بعضه ويفارقها ، وهذا جيد ،
والله أعلم ” انتهى من ” تفسير القرآن العظيم ” (2/241)
يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله – في شرح قول ” متن الزاد ” ” فإن عضلها ظلما
للافتداء ، ولم يكن لزناها ، أو نشوزها ، أو تركها فرضا ، ففعلت ، لم يصح الخلع “:
” قوله : ( ولم يكن لزناها ) فإذا كان لغير زناها ، لكن لتوسعها في مخاطبة الشباب ،
تتكلم في الهاتف ، وما أشبه ذلك ، فهل نقول : إن هذا من سوء الخلق الذي يبيح له أن
يعضلها لتفتدي منه ؟
نعم ، ونجعل قوله : ( لزناها ) شاملاً لزنا النطق ، والنظر ، والسمع ، والبطش ،
والمشي ، كما أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام : ( أن العين تزني ، والأذن تزني ،
واليد تزني ، والرجل تزني )، فهذا الرجل يقول : ما أصبر على هذه المرأة ، وهي بهذه
الحال ، فصار يضيق عليها لتفتدي منه ، فهذا جائز .
فإن قال قائل : إن الله يقول : ( إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ )
والكلام أو النظر ليس من الفواحش؟
فنقول : إن هذا وسيلة إلى الفواحش ، ثم إن كثيراً من الناس يكون عنده غَيْرة أن
تخاطب امرأته الرجال ، أو أن تتحدث إليهم .
ولكن إذا قدر أنه عضلها لزناها فلم تبذل ، ولم يهمها ، فهل يجوز أن يبقيها عنده على
هذه الحال ؟
الجواب : لا يجوز ، ويجب أن يفارقها ؛ لأنه لو أبقاها عنده وهي تزني والعياذ بالله
صار ديوثاً .
وقوله : ( أو نشوزها ) وهو معصية الزوجة زوجها فيما يجب عليها ، فإذا صار عندها
نشوز وعضلها وضيق عليها لتفتدي فلا حرج .
قوله : ( أو تركها فرضاً ) كأن تترك الصلاة دون أن تصل إلى الكفر ، أو تترك الصيام
، أو تترك الزكاة ، أو تترك أي فرض ، أو تترك الحجاب ، وتقول : سأخرج مكشوفة الوجه
، فله أن يعضلها إذا لم يمكن تربيتها ، أما إذا كان يرغب في المرأة ويمكن أن يربيها
فلا حرج أن تبقى معه ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (12/463)
وانظر للمزيد الفتوى رقم : (112146)

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android