0 / 0

ما حكم الشرع فيمن سعت بالفساد بين الخاطب وخطيبته ليتركها وتظفر هي به ؟

السؤال: 187895

امرأة أوقعت بين اثنين كانا على وشك الارتباط بالزواج ؛ وكانت قد تدخلت لتحل مشكلة بينهما ، لكنها نقلت كلاما سيئا بينهما ، لكل طرف عن الآخر ، فافترقا ، وتبادلا بينهما الإهانات والإساءات بسبب الكلام المنقول كذبا بينهما .
ثم إن الشاب ذهب وخطب الفتاة التي أوقعت بينه وبين الفتاة الأولى التي كان يريد خطبتها .
فما حكمها عند ربنا ؟ وهل سيأتي اليوم الذي يعرف فيه هذا الرجل أنه ظلم البنت أم لا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الوقيعة بين المسلمين من كبائر الذنوب التي تفسد النوايا في القلوب ، وتفسد العلائق بين الناس ، وتنشر الفساد في الأرض .
جاء في “الموسوعة الفقهية” (5 /291) :
” تَحْرُمُ الْوَقِيعَةُ وَإِفْسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، لأِمْرَيْنِ :
الأْوَّل : الإْبْقَاءُ عَلَى وَحْدَةِ الْمُسْلِمِينَ .
الثَّانِي : رِعَايَةُ حُرْمَتِهِمْ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا ) آل عمران/103 ؛ وَلِهَذَا كَانَ إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ مِنْ أَفْضَل الْقُرُبَاتِ ، وَإِفْسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَل مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ ؟ ) قَالُوا : بَلَى ، قَال : ( إِصْلاَحُ ذَاتِ بَيْنٍ ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ ) رواه الترمذي (2509) وصححه الألباني في ” صحيح الجامع ” (2595).
وَلِهَذَا نَهَى الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَتَبُّعِ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ ، وَعَنِ الْغِيبَةِ ، وَالنَّمِيمَةِ ، وَسُوءِ الظَّنِّ ، وَالتَّبَاغُضِ ، وَالتَّحَاسُدِ ، وَكُل مَا يُؤَدِّي إِلَى الْوَقِيعَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ” انتهى .

ويتأكد هذا التحريم إذا كانت الوقيعة بين الناس لإفساد ما عسى أن يكون من أسباب ائتلافهم ومحبتهم واجتماعهم ، كالزواج .

ثانيا :
تتضمن الوقيعة بين الناس غالبا الكذب والغيبة والنميمة والبهتان ، وكل ذلك من كبائر الذنوب . راجعي أجوبة الأسئلة أرقام (23328) ، (101776) ، (99554) لمعرفة مفاسد هذه الصفات الذميمة وكيفية التوبة منها .

ثالثا :
يحرم على المسلمة أن توقع بين الخاطب وخطيبته لتظفر هي به ؛ فإن ذلك من مساوئ الأخلاق ومن الصفات المذمومة ؛ فقد روى البخاري (6601) ومسلم (1408) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ، وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ ، وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا ، وَلَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ صَحْفَتَهَا وَلْتَنْكِحْ ، فَإِنَّمَا لَهَا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهَا ) .
قال النووي رحمه الله :
” مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث : نَهْي الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة أَنْ تَسْأَل الزَّوْج طَلَاق زَوْجَته , وَأَنْ يَنْكِحهَا وَيَصِير لَهَا مِنْ نَفَقَته وَمَعْرُوفه وَمُعَاشَرَته وَنَحْوهَا مَا كَانَ لَلْمُطَلَّقَة ، فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِاكْتِفَاءِ مَا فِي الصَّحِيفَة مَجَازًا ” انتهى من ” شرح صحيح مسلم ” (9/193) .
وقال الحافظ رحمه الله :
” وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيم خِطْبَة الْمَرْأَة عَلَى خِطْبَة اِمْرَأَة أُخْرَى إِلْحَاقًا لِحُكْمِ النِّسَاء بِحُكْمِ الرِّجَال , وَصُورَته أَنْ تَرْغَب اِمْرَأَة فِي رَجُل وَتَدْعُوهُ إِلَى تَزْوِيجهَا فَيُجِيبهَا ، فَتَجِيء اِمْرَأَة أُخْرَى فَتَدْعُوهُ وَتُرَغِّبهُ فِي نَفْسهَا وَتُزَهِّدهُ فِي الَّتِي قَبْلهَا ” انتهى من ” فتح الباري ” (9/200) .

رابعا :
ليست القضية في معرفة أطراف المشكلة بحقيقة الحال ، من عدم ذلك ، فأمر الدنيا قد يخفى ، لكن يوم تبلى السرائر عند رب العالمين ، ويظهر ما تكن النفوس وتخفي الصدور ، ماذا يكون جواب المفسد والنمام عند الله ؟
والواجب على من فعلت ذلك أن تسارع إلى التوبة ، ومن تمام ذلك أن تحسن فيما أساءت فيه ، وتقر لكل طرف بما قالته عن الآخر ، ليكونا من أمرهما على بصيرة ؛ إن شاءا عادا وأتما زواجهما ، وإن شاءا بقيا على ما هما عليه .
وإن شق التصريح بحقيقة الحال ، فمن الممكن أن يكون ذلك تلميحا ، أو يكون عن طريق طرف آخر ، يسعى للصلح ، وبيان الحق فيما جرى .
وينظر إجابة السؤال رقم (14092) ورقم (178714) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android