0 / 0

تعرفت على صديق للعائلة فكان سبباً في طلاقها من زوجها ، ثم تقدم للزواج بها فهل تقبل به ؟

السؤال: 191690

أنا امرأة متزوجة من شخص ، ولدينا أطفال ، ولكن العلاقة بيننا ضعيفة لعدة أسباب .
في إحدى المرات اعترضني صديق للعائلة ، وفيما بعد تبين لي أنه يريد علاقة معي ، وبصراحة كنت ضعيفة ، فقد كنت أستمتع بكلامه المعسول ، ولكن في كل مرة كان ضميري يؤنبني ، وأرفض برغم كل مشاكلي مع زوجي وتجاهله لي وسخريته لي في كل شيء ، علما أني طالبة ماجستير وعلى قدر من الجمال والحمد لله .
في إحدى المرات شك زوجي بالموضوع ، وبصراحة خفت كثيرا ، ولكني فوجئت بالصديق يتمسك بي بكل إرادته ، وبرغم كل رفضي له ، أصبح يلح علي ويتمسك بي أكثر فأكثر ، فبدأ يطاردني في كل مكان ، وأتوسل إليه بأن يتركني ، ليس لأجلي ، بل لأجل أطفالي ، فلا يتراجع أبداً ، وأخذ يقوي علاقته بأهلي وزوجي كثيرا ، خفت أن أتكلم مع أحد من أهلي أو زوجي ؛ لأن الموضوع سوف يتطور .
وفي أحد الأيام عرف زوجي بعلاقتي مع ذلك الشخص ، فما كان منه إلا أن طلقني ، علما بأنه عرف عن طريق وجود رقم هاتفه .
والآن في ظرفي هذا ، سرعان ما تقدم الشخص بخطبتي من والدتي ، وجعل زوجته تكلمني وتقول : بأنها موافقة ، وأنه ليس لديها مانع .

لا أعرف ماذا أفعل ؛ هل أقبل أم لا ؟ علما بأنه لديه 4 أطفال وزوجته تنتظر مولودا ، وهذا الشيء الذي زاد حيرتي : رجل لديه أطفال ، وزوجته حامل : فلماذا يريد الزواج بأخرى ؟!
وأريد توضيح شيء آخر : برغم ما سبب لي زوجي من ألم ويمكن من أذى ، إلا أني كنت ملبية لجميع حاجاته ، ولست مقصرة بشيء ؛ فانا كنت مساندة له معنويا وماديا ، وكنت لا ألقى إلا عبوس الوجه والنفور .

فما حكمي تجاه زوجي , وهل أقبل بهذا الزواج ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ليس من شك في أنك أخطأت في حق نفسك ، بل في حق ربك أولا ، حينما فتحت على نفسك باب العلاقة مع هذا الرجل المعتدي ( ذي الأربعة أولاد !! ) ، ذلك الرجل الذي راح يطارد امرأة متزوجة ، ولها أطفال ؛ فماذا تتوقعين أن يريده منك ؟!
لقد أخطأت في حق نفسك ، وأخطأت في حق زوجك ، وأخطأت في حق أولادك ، وأخطأت في حق عائلتك ؛ لقد كان الواجب عليك أن تكوني حازمة ، حاسمة ، جادة ، من أول أمرك ، كان الواجب عليك أن تغلقي الباب أمامه كلية ، لا أن تطمعيه فيك كما فعلت ، وتحتفظي برقمه معك ؛ فماذا تفعلين برقم كهذا يا ترى ؟!
وحينئذ ، فأول ما يجب عليك أن تتوبي إلى ربك جل جلاله من هذه الجناية ، وتندمي على ما سلف منك .
إننا نقدر أنك ربما كنت في شيء من المعاناة مع زوجك ، نقدر أن قدرا من المشكلات تتعرض له كل عائلة ، نقدر أن بعض الحالات تزداد فيها طبيعة هذه المشكلات ، تزداد أسبابها ، تشتد حدتها ، نعلم أن قدرا من المصاعب ربما واجهك في حياتك مع زوجك ، نقدر لك معاناتك التي ربما كنت صادقة معنا ومع نفسك فيها ؛ لكننا – أيضا – نؤكد لك ، أنه لولا ظهور هذا المعتدي المتلصص على بيوت الناس وحرماتهم ، لما كان شعورك بهذه المعاناة قد بلغ بك ذلك ، ولا كنت وجدت منها مثل ما تجدين الآن ، أو مثل ما وجدت يوم ظهر هذا الرجل في حياتك .
إن امرأة تبحث عن حياة بلا مشكلات ، عن زوج بلا عيوب ، إنما تبحث عن شيء لا يوجد في دنيا الناس .
وحينئذ ؛ فإنما تبحث العاقلة ـ بعد أن صارت زوجة وأما لأطفال : كيف تتعايش مع ما تواجهه من المشكلات ، وكيف تتكيف مع تلك العيوب ؟ كيف تصبر نفسها ، كيف تعالج ما يمكن علاجه ؟
كيف تنظر إلى النصف الملآن من الكوب ، أو الربع الملآن ، أو النزر القليل من الماء في الكوب ، والذي يكفل استمرار الحياة ؛ كيف تبحث عن جوانب الخير ، لتحملها على إكمال المسير :
روى مسلم في صحيحه (1496) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ) .
وهكذا المؤمنة العاقلة ، سوف تجد من جوانب الخير في زوجها ما يحملها على إكمال المسير ؛ ولو لم يكن إلا بركة الحرص على الولد والذرية ، وطاعة الرحمن جل جلاله في إحصان فرجها ، وطاعة زوجها ، والإحسان إليه : لكفاها زادا لصبرها .
إن بالإمكان أن تري من متاعب الناس ، ومشكلات الأزواج ، أضعاف أضعاف ما رأيت ؛ أفيكون لكل امرأة وجدت شيئا من زوجها ، أن تنظر إلى غيره ، أو تهجر بيتها وأولادها ؟!
ثانيا :
إن الذي نرجوه منك الآن ، وهو من تمام توبتك ، أن تسعي – بكل جد وصدق – إلى إصلاح ما أفسدت مع زوجك الأول ؛ فإن كنت لا تزالين في عدتك منه ؛ فهو زوجك حكما ، فتواصلي معه بصورة مباشرة ، واعترفي له بخطئك ، وأنك قد تبت – صدقا – منه ، وأنك تسعين الآن إلى إصلاح ما أفسدت ، أنك راغبة في بيتك ، وزوجك ، وأولادك .
لا بأس أن توسطي من عقلاء عائلتك من يعينك على هذا ، من يوقف الزوج على بعض ما أخطأ فيه ، مما كان له دور فيما أنت فيه الآن .
ولا مانع من استمرار هذه المحاولات ، حتى ولو كانت عدتك قد فاتت ؛ فبإمكانه أن يتزوجك من جديد ؛ إن أولادك لم يفوتوا ؛ فما جنايتهم أن يتعرضوا للتشريد ، وسوء الرعاية والتربية ؛ فمع من يا ترى سوف يعيشون ؟ مع الرجل الجديد الذي ينتظر مولوده الخامس ؛ أو مع زوجة أمهم ، فمن عساها أن تكون يا ترى ؟
إننا نرى أن الفرصة ما دامت أمامك لإصلاح ما أفسدت ؛ لتثبتي لنفسك أنك عاقلة تفكرين في العواقب ، لتقولي لزوجك : إن الخطأ ليس نهاية الوجود ، بل من الممكن استدراكه ، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ) !!
ثالثا :
إذا قدر لمساعي الإصلاح بينك وبين زوجك أن تفشل ، ولم تجدي إلى ذلك سبيلا ، فإننا مع ذلك لا ننصحك بالتعجل في قبول هذا الرجل زوجا :
أما أولا : فقد اختلف أهل العلم في صحة زواج المرأة بمن أفسدها على زوجها ، وكان السبب في طلاقها منه ؛ فجمهور العلماء يرون صحة الزواج ، مع إثم من وقع في ذلك .
وذهب بعض أهل العلم إلى سد باب الفساد ، ومنع المرأة من الزواج ممن أفسدها على زوجها ، وتسبب في طلاقها منه ؛ فما الذي يحملك على التعجل في القبول بزواج تحفه المشكلات من قبل أن يبدأ ، كانت أول خطوة فيه معصية للرحمن جل جلاله ، وأهل العلم يختلفون : هل هو زواج صحيح أو باطل .
ينظر جواب السؤال رقم (84849) ، ورقم (176201) .
وأما ثانيا : فيجب التأني في شأن هذا الشخص بالتحديد ، لا سيما وهو الآن قد اعتدى على زوجك ، ولم يتب من ذلك العدوان ، بل سارع لانتهاز الفرصة ، وليست ظروفه مثالية بالنسبة إليك ، بل ربما كرر مع غيرك ، نفس الذي فعله معك ، إن رجلا يسعى فيما كان يسعى فيه هذا الرجل ، مع امرأة لها زوج وأولاد ، وهو ينتظر ولده الخامس ، رجل نتشكك كثيرا في حكمته ، وأمانته عليك بعد ذلك ، نتشكك في حسن تقديره للأمور ، ونظره إلى عواقبها ؛ فلأي شيء تتعجلين ، وما الذي يفوتك ، لو فاتك هذا الرجل ، ولم يتزوج منك ؟
ثم لا تنسي مع ذلك البعد الاجتماعي ، ونظر الناس إلى من تطلقت لأجل أن يبادر الرجل الذي أفسد عليها حياتها ، ويتزوج منها ؛ فلا يتحدث الناس أنك فعلت ، وفعلت ؛ أكثر مما تكونين قد فعلت في واقع الأمر !!
وهذا الكلام كله على فرض أن عدتك من طلاقك قد انقضت .
وأما إذا كانت عدتك باقية ، فلا يحل له أصلا أن يتقدم إلى خطبتك ، لا تصريحا ولا تلميحا ، ولا يحل لك أنت ولا أهلك أن تسمعوا منه ، فضلا عن أن تقبلوا به ؛ فإنك في فترة العدة من الطلقة الأولى أو الثانية : في حكم الزوجة ؛ أنت ـ حينئذ ـ مقصورة على زوجك خاصة .
وخلاصة ما سبق :
أن زواجك من مثل هذا الشخص ، وإن كان صحيحا عند جمهور أهل العلم ، فإن العجلة فيه غير مرغوبة لا شرعا ، ولا عقلا .
بل لو كنا سننصحك بأمر ، لنصحناك بقطع دابر العلاقة مع هذا الرجل ، وسد كل باب للتواصل بينكما ، ولو لم ترجعي إلى زوجك الأول .
فإن أبيت ، فلنستنفد كل طريق للإصلاح بينك وبين زوجك الأول ؛ فإن لم تجدي إلى ذلك سبيلا ، فأنت أبصر بأمرك حينئذ ، , وأدرى بمكامن قوتك وضعفك ، وصبرك وجزعك ؛ فانظري ما يصلحك ، ويصلح لك ، ولسنا نحرم عليك الزواج من هذا الرجل ، وإن كنا نُزَهِّدك فيه غاية التزهيد ؛ فأحسني التدبر في أمرك ، وكوني حكيمة في تصرفك ، ولا تنساقي وراء عاطفة ، ربما تزول مع أول عارض .
يسر الله أمرك ، وألهمك رشدك ، وأعاذك من شر نفسك .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android