أنا فتاة عمري 24 سنة ملتزمة ولله الحمد , خطبني شاب ذو خلق ودين ومن عائلة محافظة ومتدينة ، حين سأل عن عمل والدي أخبروه أنه جزار ، لكن في الحقيقة هو يعمل جزارا وبائعا في نفس الوقت عند رجل أجنبي ومسيحي يتاجر في لحم الخنزير ، ويتقاضى أبي أجرة عمله, بالإضافة إلى ذلك فإن أبي مدمن خمر ، الشيء الذي يؤذي شرفنا وسمعتنا, أنا في حيرة من أمري لا أدري أيجب علي مصارحة خطيبي بهذه الأمور أم لا ؟ وإذا سألني عنها , ماذا أجيبه؟ مع العلم أني أشك في أنه سيتزوجني إذا عرف الحقيقة ، أريد الزواج لأعيش في الحلال بعد معاناة كبيرة من الحرام , أرجوكم أرشدوني للصواب .
والدها يدمن الخمر ويعمل لدى نصراني يتاجر في لحم الخنزير ، فهل عليها أن تخبر خطيبها بذلك ؟
السؤال: 193820
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
نسأل الله الكريم أن يزيل عنك ما أنت فيه من كرب ، وأن ييسر لك الزواج المبارك .
لا شك أن عقد الزواج من العقود التي لها شأن عظيم في حياة الإنسان ، لما يترتب عليه من أحوال وآثار عائلية واجتماعية وأسرية ، وما يأمله الزوج به أو الزوجة من حسن المعاشرة وكرم المصاهرة والذرية الصالحة .
ومن الأهمية بمكان عند كل من يقدم على الزواج ، معرفته بأسرة زوجته ، وسمعتهم ومقامهم ؛ وعلى ذلك فلابد أن يقوم مشروع الزواج على تمام الصدق والمصارحة ، وما قدره الله بعد ذلك سيكون .
لو كانت مشكلة والدك متعلقة بأمر خفي ، أو ذنب يتستر به : لم يكن لك أن تفضحيه ، ولا أن تذكري ذلك للخاطب ؛ لكن أمر عمله هذا ، إذا خفي يوما ، فلا بد أن يظهر ، وإذا لم يعلم به منكم ، فلا بد أن يعلم به من غيركم .
والعلاقات الإنسانية إذا لم تقم على الصدق والمصارحة والنصيحة وعدم الغش والخديعة فسرعان ما تنهار ، ثم تعقبها عواقبها الوخيمة .
روى مسلم (55) عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ) قُلْنَا لِمَنْ ؟ قال : ( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" أَوْجَبَ اللَّه سُبْحَانَهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ خَاصَّةً وَفِي الدِّينِ عَامَّةً النَّصِيحَةَ وَالْبَيَانَ ، وَحَرَّمَ الْخِلَابَةَ وَالْغِشَّ وَالْكِتْمَانَ " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (6 /150) .
فالذي ننصحك به أن تعرفي خاطبك بحال والدك ، وعمله ، وأنك راغبة في إصلاحه ونصيحته ، فإن لم يستجب ، فأنت لا ذنب لك في ذلك ، ما دمت راغبة في الخير ، حريصة على طاعة ربك ، مقيمة على مكارم الأخلاق ؛ فقد كان الصحابة في أول أمرهم كفارا ، حتى من الله عليهم بالإيمان ، ومع ذلك : فآباؤهم وأمهاتهم ماتوا على الكفر ، ومنهم من أدرك أبوه أو أمه الإسلام ، ولم يؤمن به ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الأنعام /150 ، وقال تعالى : ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) فاطر/18 .
فمن يدري ، لعل مصارحتك له أن تكون أدعى لقبوله ، وأقرب للمودة بينكما ، فيتفهم أمرك ، ويقدر لك صدقك معه ، ورغبتك في تصحيح البداية بينكما .
وتلطفي في مصارحته ، ولا يلزمك أن تصارحيه بكل شيء على التفصيل والتمام ، وأخبريه أنك ترغبين في الاستعانة به في التعامل مع هذه المحنة ، وترغبين في أن يعينك في نصح والدك ووعظه وتذكيره .
وما قدره الله لك في اللوح المحفوظ سيكون ، قال تعالى : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) الحديد/ 22، 23 .
فإن قُدر الذي تحبين فالحمد لله ، وإن قدر الذي تكرهين فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم .
راجعي للأهمية جواب السؤال رقم : (177501) .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة