0 / 0

ما هي الأحاديث قطعية الثبوت ؟

السؤال: 197164

أسأل عن الأحاديث قطعية الثبوت حسب فهمي أي التي لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها ومن ثم هل يمكننا إيرادها من غير الإسناد ، ثم أسأل عن اللفظ المشير إلى الأعور الكذاب أي : المسيح الدجال ، فإن البداية تصرف الدهن الى سيدنا عيسى ثم الكذاب مع أني أعلم أن اللفظ ورد في البخاري ، فلو قال قائل : كليم الله ثم اتبعها بمثل هذا يجعلني أتوقف .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الأحاديث قطعية الثبوت يقصد بها الأحاديث المقطوع بصحة نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي أربعة أنواع :
النوع الأول : الأحاديث المتواترة .
والحديث المتواتر : هو ما رواه جمع لا يمكن تواطؤهم وتوافقهم على الكذب في جميع طبقات الإسناد .
وانظر للتفصيل في تعريف الحديث المتواتر ، وأقسامه إلى جواب السؤال رقم : (34651) .

النوع الثاني : ما أخرجه البخاري ومسلم وتلقته الأمة بالقبول ، فيخرج عن ذلك تلك الأحاديث اليسيرة مما أخرجاه في صحيحيهما مما تكلم فيه بعض العلماء ، وما عدا ذلك من أحاديثهما فقطعي الثبوت على الراجح من كلام أهل العلم ، لما حفها من قرائن ، ودل عليه إجماع الأمة وتلقيها إياها بالقبول .

وقد ذهب ابن الصلاح رحمه الله في " مقدمته " (ص28-29) إلى القول بأن أحاديث الصحيحين مقطوع بصحتها تفيد العلم اليقيني ؛ لأن الأمة أجمعت على صحة أحاديث الصحيحين ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ ، سوى أحرف يسيرة من أحاديث الصحيحين تكلم عليها بعض أهل النقد كالدارقطني وغيره .
فتعقبه النووي رحمه الله في " التقريب " قائلا :
" ذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ مَا رَوَيَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ ، وَالْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ حَاصِلٌ فِيهِ .
وَخَالَفَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُونَ . فَقَالُوا : يُفِيدُ الظَّنَّ مَا لَمْ يَتَوَاتَرْ " انتهى من " تدريب الراوي " (1/141) .

وقد ذهب جمع من العلماء المحققين إلى اختيار ما ذهب إليه ابن الصلاح وخالفوا النووي رحمه الله ، قال السيوطي رحمه الله :
" وَكَذَا عَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ هَذَا الْقَوْلَ .
وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ : مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا مَمْنُوعٌ ، فَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ ، كَأَبِي إِسْحَاقَ وَأَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ ، وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِي ِّ، وَعَنِ السَّرَخْسِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ ، وَالْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ ، وَأَبِي يَعْلَى ، وَأَبِي الْخَطَّابِ ، وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ ، وَابْنِ فُورَكَ ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنَ الْأَشْعَرِيَّةِ ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ قَاطِبَةً ، وَمَذْهَبُ السَّلَفِ عَامَّةً أَنَّهُمْ يَقْطَعُونَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ .
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ – يعني ابن حجر – : مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ جِهَةِ الْأَكْثَرِينَ ، أَمَّا الْمُحَقِّقُونَ فَلَا ، فَقَدْ وَافَقَ ابْنَ الصَّلَاحِ أَيْضًا مُحَقِّقُونَ .
وَقَالَ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ ( يعني : الحافظ ابن حجر ) : الْخَبَرُ الْمُحْتَفُّ بِالْقَرَائِنِ يُفِيدُ الْعِلْمَ خِلَافًا لِمَنْ أَبَى ذَلِكَ ، قَالَ : وَهُوَ أَنْوَاعٌ : مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِمَّا لَمْ يَبْلُغِ التَّوَاتُرَ ، فَإِنَّهُ احْتَفَّ بِهِ قَرَائِنُ .
مِنْهَا : جَلَالَتُهُمَا فِي هَذَا الشَّأْنِ وَتَقَدُّمُهُمَا فِي تَمْيِيزِ الصَّحِيحِ عَلَى غَيْرِهِمَا ، وَتَلَقِّي الْعُلَمَاءِ لِكِتَابَيْهِمَا بِالْقَبُولِ ، وَهَذَا التَّلَقِّي وَحْدَهُ أَقْوَى فِي إِفَادَةِ الْعِلْمِ مِنْ مُجَرَّدِ كَثْرَةِ الطُّرُقِ الْقَاصِرَةِ عَنِ التَّوَاتُرِ ، إِلَّا أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِمَا لَا يَنْتَقِدُهُ أَحَدٌ مِنَ الْحُفَّاظِ مِمَّا فِي الْكِتَابَيْنِ…. وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَالْإِجْمَاعُ حَاصِلٌ عَلَى تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ .
وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ : وَأَنَا مَعَ ابْنِ الصَّلَاحِ فِيمَا عَوَّلَ عَلَيْهِ وَأَرْشَدَ إِلَيْهِ .
قُلْتُ (السيوطي) : وَهُوَ الَّذِي أَخْتَارُهُ وَلَا أَعْتَقِدُ سِوَاهُ " انتهى من " تدريب الراوي " (1/ 142-145) .

النوع الثالث من الأحاديث قطعية الثبوت : ما أجمعت الأمة على تلقيه بالقبول ولو لم يكن في الصحيحين ؛ لما تقدم من أن الأمة معصومة من الخطأ في إجماعها .

النوع الرابع : الخبر المستفيض الوارد من وجوه كثيرة لا مطعن فيها .
انظر : " النكت على كتاب ابن الصلاح " لابن حجر (1/378) .
وقد ذكر بعض العلماء أن الحديث الذي رواه رجالُ إسنادٍ كلهم حفاظ أئمة ، كما لو روى الإمام أحمد حديثا عن الإمام الشافعي ، ويرويه الشافعي عن الإمام مالك .
فهذا الحديث يفيد العلم والقطع بثبوته نظرا لجلالة رواته ، بشرط أن يكون له أكثر من إسناد . انظر : " تدريب الراوي " (1/144) .

فهذه الأنواع كلها قطعية الثبوت .

وبالجملة : فالخبر المتواتر ، وخبر الآحاد المحتف بالقرائن التي يحصل بها العلم القطعي ، كالذي تلقته الأمة بالقبول سواء كان في الصحيحين أو أحدهما أو كان في غيرهما قطعي الثبوت .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الصَّحِيحُ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ : أَنَّ الْعِلْمَ يَحْصُلُ بِكَثْرَةِ الْمُخْبِرِينَ تَارَةً ، وَقَدْ يَحْصُلُ بِصِفَاتِهِمْ لِدِينِهِمْ وَضَبْطِهِمْ وَقَدْ يَحْصُلُ بِقَرَائِنَ تَحْتَفُّ بِالْخَبَرِ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ ، وَقَدْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِطَائِفَةِ دُونَ طَائِفَةٍ . وَأَيْضًا فَالْخَبَرُ الَّذِي تَلَقَّاهُ الْأَئِمَّةُ بِالْقَبُولِ تَصْدِيقًا لَهُ أَوْ عَمَلًا بِمُوجَبِهِ يُفِيدُ الْعِلْمَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ وَهَذَا فِي مَعْنَى الْمُتَوَاتِرِ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (18/48) .

وعلى ما تقدم ، فمتى كان الحديث من هذه الأنواع فلا حرج أن يذكر من غير إسناد ، لكن الأفضل أن يذكر من أخرجه من المصنفين من أصحاب الكتب ، كالبخاري ومسلم وأحمد … ويذكر أيضا من صححه من الأئمة حتى يطمئن السامع لصحة هذا الحديث .
وانظر للفائدة إلى جواب السؤال رقم : (122507) .

ثانيا :
قولنا : " المسيح الدجال " لا حرج فيه ؛ لأن لفظ المسيح إذا أفرد فيُفهم أن المراد به المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، وأما إذا قيد فقيل : " المسيح الدجال " علم أن المراد بذلك شخص آخر .

قال ابن حجر رحمه الله :
" و" الْمَسِيح " يُطْلَق عَلَى الدَّجَّال وَعَلَى عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام ، لَكِنْ إِذَا أُرِيدَ الدَّجَّال قُيِّدَ بِهِ " انتهى .
وانظر لمزيد الفائدة إلى جواب السؤال رقم : (8806) .

ثم … قد ثبت في أكثر من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى الدجال بـ " المسيح الدجال " فبعد ثبوت ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يكون عندك شك أو تردد في استعمال هذا الاسم .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android