إنني فتاة في الـ19 من عمري , وأنا الآن أدرس في السنة الاولى من المرحلة الجامعية , عندما كنت في الثانوية العامة تقدم لخطبتي ابن خالتي , وهو شاب يملك جميع المميزات التي تغري أي فتاة , أدب وأخلاق ووسامة ودين … الخ .
ولكنني وبكل صدق لا أميل له كثيرا , بل دائما ما يخالجني شعور قوي بأنني لا أحبه ، وأنني سأقابل شخصا آخر , وحاولت كثيرا أن أجاريه ، وأن استمع إليه ( خصوصا وأنه يكلمني كل يوم ) ، ولا ألبث أن أشعر بميل بسيط ، حتى أنزعج مرة أخرى , أرد عليه وأنا لا رغبة لي في ذلك , يجاملني بكلام ، وأنا أنافق في الرد , أتكلم لمجرد الكلام بدون مشاعر أو أحاسيس تجاهه .
بقيت على هذه الحالة حتى الآن , ولكن مشاعر الرفض ازدادت عليَّ هذه الفترة بشدة , أصبحت لا أنام , ولا أريد الاختلاط بأحد , ومنطوية , ودائمة البكاء , من أكبر المشكلات في موضوعي هذا : هو أنني لا أستطيع أن أرفض بتاتا ، سوف تكون كارثة مأساوية على العائلة , وسوف ينتقدني الجميع ، خصوصا وأنه بنظرهم شاب لا يرفض ، بل الكل يتمناه ويريده , أخبرت أمي و أبي بالموضوع ونصحوني بالاستخارة , صليت كثيرا ولكن الموضوع بدأ يتأزم أكثر فأكثر ، فالظروف والعلامات : أنه لا مجال لفض الموضوع من طرفه هو.
أرجوكم ، انصحوني فوالله لقد وصلت بي الحال إلى ما لا يرضاه أحد .
خطبها قريبها وفيه كل صفات الزوج المناسب وتشعر بأنها لا تحبه، وتريد النصيحة
السؤال: 200337
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أختنا الفاضلة
بداية ، نشكر لك ثقتك بالموقع ونسأل الله أن يوفقنا لمساعدتك .
قرأنا رسالتك وأعدنا قراءتها ، فلم نجد سوى حيرة غير مبررة أمام شاب قد جمع من المواصفات ما يجعل أية فتاة مكانك تقبل من غير تردد : دين وخلق وأدب ووسامة ومن أسرة معروفة حيث إنه ابن خالتك … ويا ليتك في المقابل أشرت إلى نقطة واحدة مقنعة تكون الفيصل لمساعدتك في اتخاذك قرارك النهائي في فسخ الخطبة ، وهذا ما لم يحصل في رسالتك ، بل كان كل دافعك في الرفض مبينا في عبارتك : ” ولكنني وبكل صدق لا أميل له كثيرا , بل دائما ما يخالجني شعور قوي بأنني لا أحبه وأنني سأقابل شخصا آخر”
نعم ، هناك قدر من الحيرة الطبيعية التي تصيب الإنسان عادة ، عند اتخاذ القرارات المصيرية في الحياة ، لكنك وأنت تؤكدين من جهة على خلوه من الصفات التي تزهد فيه بنات جنسك ، ومن جهة على تحليه بما يرغب فيه ، ومع ذلك فأنت زاهدة لا لسبب إلا لأنك ربما ستقابلين شخصا آخر ؛ فما الذي تنتظرينه في الشخص الآخر ، وليس في هذا الذي بين يديك؟ ما المواصفات التي تطمع فيها الأنثى في فارس أحلامها ، وليس في هذا ؟ وما أدراك أن هذا الرجل الآخر الذي ستقابلينه- إن قدر الله لك مقابلته- سيكون بمواصفات خطيبك أو حتى بجزء منها ؟ ما الذي يجعلك متأكدة من أنك ستقابلين رجلا آخر تميلين إليه ، ويميل إليك ويكرمك ، ولا تُمضين عمرك حسرة على فرصة قد ضيعتها يوما من بين يديك ، من أجل انتظار المجهول ، الذي لا تعلمين كنهه ، ولا زمانه ، ولا مكانه !!
ما أغربك أيها الإنسان ، تتعلق بالمفقود ، وتتمسك بالجنون ، ويأسرك المجهول ، وتريد أن تجعل الحقيقة وليدة وهم .
لا نراك ، أيتها الفاضلة ، إلا مستكثرة للسعادة على نفسك ، متناسية أن الميول العاطفي والعاطفة الجياشة تأتي مع العشرة الطيبة ، وتمليها المواقف الحياتية ، ضاربة عرض الحائط ، من غير قصد ، بالأدب الشرعي : أن تحرصي على صاحب الدين والخلق ، فكيف إذا كان من أصلك الذي تعرفينه ؟!
إن حالة التقلب بين الرفض والقبول وبين الطمأنينة وعدم الرغبة ، هي حالة طبيعية تصيب كل الفتيات في سنك الصغيرة وهن مقبلات على الزواج ، فأمامهن حياة جديدة يكتنفها الغموض وتسبح في المجهول .
عالم لا تعرفين عنه شيئا ورجل دخيل على حياتك التي قضيتها بين والديك هانئة مطمئنة ، فإذا بك أمام الاختيار واتخاذ القرار، لكنها كانت ستبقى عادية وطبيعية لولا أنك قرنتها بإحساسك بأنك ستقابلين شخصا آخر .
أختنا الكريمة ،
إنما نحن هنا لمساعدتك على فهم موقفك ؛ أما اتخاذ القرار النهائي : فيرجع لك وحدك ، وليس لأحد أن يقرر عوضا عنك ، فننصحك بأن تجلسي مع نفسك جلسة صفاء تجردين فيها كل الصفات الإيجابية لخطيبك ، وكل الصفات السلبية التي لم تذكريها هنا ، وأن ترجحي بينهما .
وإنا لنرجو من الله : أنك متى استعذت بالله من وساوسك ، واخترتيه لدينه وخلقه ، كما أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم ، وكتبه الله لك ؛ أن يجعل الله لك فيه خيرا كثيرا ، وأن يبارك لك فيه .
وإن بدا لك – بعد طول تأمل لما أنت فيه ، وبعد كل ما قيل لك – أنك غير قادرة على المواصلة : فالقرار بعدم المسير ، يكون من الآن ، وليس بعد ذلك ، من الآن : قبل أن تتعقد الأمور ، قبل أن يكون هناك زواج ، لا ينتظر نجاحه ، أو يكون هناك أولاد ، عرضة للضياع .
ثم لا تـنتظري من أحد أن يأخذ القرار بدلا منك ؛ ولا تتركي نفسك للهموم ، والقلق ، والكآبة ، بل تحلي بالشجاعة الكافية ، لاتخاذ قرار أنت تقتنعين به ، وتتحملين نتائجه ، واستعيني بالله في شأنك كله ، واستلهميه الهدى والرشاد ، واسألي الله في كل سجود أن يختار لك فإنك لا تحسنين الاختيار ، وأن يرضيك بقضائه سبحانه .
وينظر للفائدة جواب الأسئلة : رقم : (5202) ، ورقم : (12182) ، ورقم : (85056) .
وفقك الله لما فيه خيري الدنيا والآخرة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة