0 / 0

معنى قول أَنَس بْن مَالِكٍ : ( أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَحْيَ قَبْلَ وَفَاتِهِ، حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيُ ) ؟

السؤال: 201668

قال أنس رضي الله عنه : إن الله عز وجل تابع الوحي على رسول الله قبل وفاته ، حتى توفي وأكثر ما كان يوحي يوم توفي الرسول صلى الله عليه وسلم .
هل يمكن أن تشرحوا لي هذا الحديث ، لأنه يضع العديد من التساؤلات ، أي : ما هو الوحي الذي أنزل على سيدنا محمد يوم وفاته ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

روى البخاري (4982) ومسلم (3016) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَحْيَ قَبْلَ وَفَاتِهِ ، حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيُ ، ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” قَوْله : ( إِنَّ اللَّه تَابَعَ عَلَى رَسُوله الْوَحْي قَبْل وَفَاته ) أَيْ أَكْثَرَ إِنْزَاله قُرْب وَفَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالسِّرّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْوُفُود بَعْد فَتْح مَكَّة كَثُرُوا وَكَثُرَ سُؤَالهمْ عَنْ الْأَحْكَام فَكَثُرَ النُّزُول بِسَبَبِ ذَلِكَ .
قَوْله : ( حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَر مَا كَانَ الْوَحْي ) أَيْ الزَّمَان الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ وَفَاته ، كَانَ نُزُول الْوَحْي فِيهِ أَكْثَر مِنْ غَيْره مِنْ الْأَزْمِنَة .
قَوْله : ( ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد ) فِيهِ إِظْهَار مَا تَضَمَّنَتْهُ الْغَايَة فِي قَوْله ” حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّه ” وَهَذَا الَّذِي وَقَعَ أَخِيرًا عَلَى خِلَاف مَا وَقَعَ أَوَّلًا , فَإِنَّ الْوَحْي فِي أَوَّل الْبَعْثَة فَتَرَ فَتْرَة ثُمَّ كَثُرَ , وَفِي أَثْنَاء النُّزُول بِمَكَّة لَمْ يَنْزِل مِنْ السُّوَر الطِّوَال إِلَّا الْقَلِيل , أمَّا بَعْد الْهِجْرَة فنَزَلَتْ السُّوَر الطِّوَال الْمُشْتَمِلَة عَلَى غَالِب الْأَحْكَام , إِلَّا أَنَّهُ كَانَ الزَّمَن الْأَخِير مِنْ الْحَيَاة النَّبَوِيَّة ، أَكْثَر الْأَزْمِنَة نُزُولًا بِالسَّبَبِ الْمُتَقَدِّم ” انتهى من ” فتح الباري ” .

وقال ابن علان رحمه الله :
” ( إِنَّ اللَّه تَابَعَ عَلَى رَسُوله الْوَحْي قَبْل وَفَاته ) ؛ وذلك لتكمل الشريعة ، ولا يبقى مما يوحي إليه به شيء .
( حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَر مَا كَانَ الْوَحْي ) أي : وقت أكثريته ، ولما تكامل ما أريد إنزاله للعالم ، مما به انتظام معاشهم ومعادهم ، قال تعالى: ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فتوفي بعده بأشهر ” انتهى مختصرا من ” دليل الفالحين” (2/346)

ولذلك قال أبو ذر رضي الله عنه : ” تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علما ” ، قال : فقال صلى الله عليه وسلم : ( ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيِّن لكم ) رواه الطبراني في الكبير (1647) ، وصححه الألباني في الصحيحة (1803) .

وليس المراد بالوحي هنا : خصوص القرآن ، بل المراد به كل ما أوحى الله به إلى نبيه من أمر الدين ، ولو كان قد أخبرنا بذلك في سنته ، ولم ينزل بخصوصه قرآن .
راجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (150936) .

وليس المراد ـ أيضا ـ بقول أنس رضي الله عنه : ( حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيُ ..) : الخبر عن يوم وفاته صلى الله عليه وسلم خاصة ، كما فهم السائل ، بل المراد بذلك الزمان الذي توفيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو آخر عمره الشريف ، وقد يكون ذلك سنة ، أو أكثر شيئا ما ، أو أقل ، فكل ذلك يصح أنه آخر عمره ، وزمان وفاته ، ولهذا قال : ( ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ ) .
وقد كان عام تسع من الهجرة يسمى بعام الوفود ، فوفد كثير من قبائل العرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كوفد ثقيف ووفد بني تميم ووفد نجران ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ، قال ابن كثير رحمه الله :
” وَفِي سنة تسع كَانَ قَدُومُ عَامَّةِ وُفُودِ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَلِذَلِكَ تُسَمَّى سَنَةُ تِسْعٍ سَنَةَ الْوُفُودِ ” انتهى من “البداية والنهاية” (7/231) ، وينظر : “حدائق الأنوار ” للحضرمي (ص/365) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android