أنا شاب أبلغ من العمر 27 عاما ملتزم دينيا وأحمد الله على ذلك ، بداية القصة بدأت معي أثناء المرحلة الثانوية وهي كالتالي :-
كنت أقابل فتاة في صباح كل يوم عند ذهابي المدرسة ، وكنت أكن لها كل احترام وتقدير ، حيث أنها فتاه محترمة جدا ، ومؤدبة ، وذات أصل ، ونسب ، وكنت أراها يوميا كل صباح دون أن تشعر هي بشيء ، وبدون أن أتطاول حدود الله ، وأشهد الله أنني ما نظرت إليها نظرة سوء إلى يومنا هذا ، فتعلقت بها كثيرا ، ولن أقول : إنني أحببتها كثيرا ؛ لربما يكون هناك شك في هذه المرحلة العمرية ، ونقول : إنها فترة مراهقة شباب ، ثم انتهت المرحلة الثانوية ودخلنا المرحلة الجامعية ، فاقدا الأمل أنني ربما لن أقابلها مرة أخرى ، وتمر الأيام إلى أن أقابلها مرة أخرى معي في الجامعة لتكون معي في نفس الكلية ونفس القسم ، علما بأنه إلى هذه الفترة لم أكلمها أو أتحدث معها ، ولم أبوح لها بما في قلبي ، وأخذت أيضا أراقبها من بعيد مع علمي الكامل باسمها ودينها وخلقها ، كما أنني توصلت إلى أن أعرف عائلتها ؛ لأنني كنت جادا في البحث عنها ، إلى أن وصلنا إلى السنة الرابعة والنهائية من الكلية ، التي كنا ندرس فيها ، وجاء يوم وحصلت فيه على رقم تليفونها المحمول ، فأرسلت لها رسالة كان مضمونها أنني أريد أن أرتبط بها شرعيا بالزواج ، وكما أفدت سابقا أنني لم أتحدث معها مطلقا ، ولم تأتيني الجرأة لفعل ذلك وأظن أن هذا كان توفيق من الله ؛ حتى لا أدخل في دائرة الحرام أن أتحدث مع أجنبية لا تحل لي ، فوجدت وشعرت من مراقبتي لها غضبا شديدا ؛ لما قرأته في الرسالة التي أرسلتها إليها ، وربما هنا هي شكت أو أحسست بمراقبتي لها من بعيد ، فأردت أن أتحدث معها لمعرفة ردها وجها لوجه ، وأعتذر عما بدر مني ، ولكن لم أكن لأجد وسيلة سوى هذه الطريقة فوجدتها تصدني وترفض التحدث معي مطلقا ، فمن هذه اللحظة بدأت أضغط على نفسي كي أنسى الموضوع بالكامل وأعود كما كنت ، وقولت : إن الله لم يشأ أن يكون لي نصيب من هذا الأمر ورضيت بما قضى الله ، وتمر الأيام إلى أن تزوجت هي وأنجبت طفلة ، وتزوجت أنا وأنجبت أيضا طفلة ، ثم أعود مرة أخرى لمقابلتها صدفة في الشارع ، وأتذكر في لحظات ماحدث سابقا ليعود الأمر إلى ذاكرتي ، ثم سألت أحد أقاربها والذي كنت تعرفت عليه خصيصا كي أحصل منه على بعض المعلومات عن هذه الفتاه ؛ لأتعرف عليها جيدا عن قرب فأخبرني بأنها انفصلت عن زوجها لبعض الأسباب ، إلى أن جاء بالصدفة أنني أتقابل معها وجها لوجه ليمكنني الله أن أقص لها كل ما في قلبي وأعرض عليها أن تكون زوجة لي ، علما بأنني لم أقصر يوما ما مع زوجتي في أي شئ قد يحدث بيننا بعض الخلافات الزوجية ولكن يتم تسويتها ، ولكن ما أعني وأقصد أنني بعد عرض الزواج مرة أخرى على هذه الفتاة كان ردها أن أكون فقط لزوجتى وابنتي ، ولم أشعر منها برفضها الأمر أنها ترفض زواجها مني لسبب ما ، وإنما كان لحفاظها على زوجتي وبنتي وأقسم بالله وأشهدكم على ذلك أنني ما قصدت من هذا الشعور والذي قد أسميه الآن “حبا” إلا أن يكون في طاعة الله ، وبات الأمر يلازمني أينما ذهبت ، ولا أستطيع التخلص منه ، ولا أستطيع التحدث معها ثانية للتأكيد على الأمر .
فأرجو إرشادي في حالتي هذه ؟
تعلق قلبه بفتاة ورفضته ثم تزوج بغيرها ، فهل يقدم على الزواج منها إذا وافقت ؛ لأن قلبه متعلق بها ؟
السؤال: 201917
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
دعنا أيها الفاضل نحيِّ فيك أولا حياءك ، ومجاهدتك نفسك منذ حداثة سنك كي لا تقع في المحظور ، فلا أسوء من حب – من المفترض أن يتلبس بالطهر والعفاف والفضيلة – وقد اقتنصته الخطيئة .
كانت تجربتك الأولى مع عاطفتك الجياشة ، ومرت السنون وافترقت السبل ، وتزوجت وبنيت أسرتك ، فما زادك البعاد إلا تعلقا ، وإذا أنت ـ بحسب كلامك ـ في نهاية المطاف : غير قادر على النسيان .
لم تدخل البيت من النافذة بل طرقت الأبواب ، وعرضت زواجك عليها كي ترعى حبك في طاعة الله ، وفي كنف الطهر والعفاف ، فيا لها من خصال جميلة لا يتحلى بها إلا النبلاء الشهام ، الخائفين من غضب الله والسقوط في المعصية .
كم كنت كريما مع تلك الفتاة حينما لم تقتحم عليها وحدتها ولم تجرها إلى المعصية ، وكم كنت صادقا وفيا ، وأنت تحتفظ لها بمشاعرك عبر السنين من غير أن تفاتحها بها ، إلى أن قررت الزواج منها ، حينما صار ذلك ممكنا ، كما تظن .
لم يبق لذلك الجميل إلا أن تتوجه بواحد من أمرين :
الأول : إن طلبت منا النصيحة فيما هو أنسب لك : فإننا نرى الأوفق بك : أن تقطع حبال التعلق بتلك المرأة ؛ فقد فاتتك بنفسها ، ولم تقبلك زوجا ، في زمن الشباب ، رغم أنه لم يبد منك لها ما يعيبك ، أو يسوؤها .
ثم عادت ، وردتك ردا جميلا ، حينما ضعفت سورتها ، وانكسرت نفسها بما نالها ، لكنها أيضا: أبت أن تجبر ذلك الكسر ، بكسر غيرها !!
إذا الروض أمسى مُجدِبا في ربيعه * ففي أي حين يستنير ويُخْصِب
وهذا هو الذي نحبه لك ، ونختاره لك ، ولا نظن أنه من اليسير في هذه السن الصغيرة التي ما زلت فيها أن تبني بيتا جديدا ، وأنت قادر على الحفاظ على بيتك الأول !!
فإن أبيت إلا المضي في حبال التعلق بها ، بعد ما كان من أمرك وأمرها ما كان ؛ فإياك إياك أن تكون كمن يهدم مصرا ، ليبني قصرا !! إياك إياك أن تهدم بيتا قائما ، لتحصل بيتا قادما !!
فقط ، عليك أن تدخل البيت من بابه ، إن كنت فعلا مصرا على الزواج منها ، وتعلم أن نفسك لن تطيب إلا بذلك ؛ فاخط خطوك لتحقيق ذلك عمليا ، وأعلمها بجديتك في ذلك ، وحرصك عليها زوجة ، واخطبها من أوليائها ؛ فبعض النساء يغلبهن حياؤهن ولا يستطعن الرد بالموافقة للوهلة الأولى .
لكن ذلك كله مشروط بأن تعلم من نفسك كفاءة مادية ومعنوية ، وقدرة على فتح بيت جديد من غير ظلم لزوجتك الأولى ، ومن غير تشتيت لشملك الذي بنيته بزواجك وإنجابك طفلة ، وأن تعلم من نفسك القدرة على العدل فيما فرض الله العدل فيه ، فامض لما شئت ، بعد تقديم استخارة الله جل جلاله ، وسؤاله التوفيق والتيسير لما يحب ويرضى .
فإن مضى الأمر على ما تحب ، فالحمد لله .
وإن كانت الأخرى ، فليكن هذا هو آخر باب تطرقه لها ، وآخر خطوة تخطوها إليها ، واصرف بصرك ، وقلبك ، واستغن بمن عندك من الحلال .
يسر الله لك أمرك ، ووفقك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب