0 / 0

الكلام على أثر عليّ رضي الله عنه : ” إِذَا اشْتَكَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا فَلْيَسْأَلِ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ صَدَاقِهَا ، فَلْيَشْتَرِ بِهَا عَسَلًا ، فَيَشْرَبْهُ بِمَاءِ السَّمَاءِ “

السؤال: 202806

يتداول الناس في مواقع التواصل تفسيرا للآية الرابعة من سورة النساء مخالفا لما ورد في كتب التفاسير ، فهم يقولون في تفسير قوله تعالى : (فكلوه هنيئاً مريئاً) هو مال الزوجة يشفي به الزوج ، وهو منتشر بشكل كبير تحت عنوان ” هل تعلم أن هناك أمراض ،، الشفاء منها بيد الله ثم زوجتك !! .
فما صحة هذا الكلام ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
قال الله تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) النساء/ 4 .
والمعنى :
إن سمحن لكم عن شيء من الصداق ، عن رضا واختيار بإسقاط شيء منه ، أو تأخيره أو المعاوضة عنه .
( فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) أي : لا حرج عليكم في ذلك ولا تبعة .
وفيه دليل على أن للمرأة التصرف في مالها – ولو بالتبرع – إذا كانت رشيدة ، فإن لم تكن كذلك فليس لعطيتها حكم ، وأنه ليس لوليها من الصداق شيء ، غير ما طابت به .
انظر: “تفسير السعدي” (ص 164) .
ثانيا :
روى ابن أبي شيبة في “مصنفه” (5/ 59) ، وابن أبي حاتم في “تفسيره” (3/862) ، وابن المنذر في “تفسيره” (2/560) من طريق السُّدِّيِّ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ المُغِيرَةَ بن شُعبَة ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : ” إِذَا اشْتَكَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا فَلْيَسْأَلِ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ صَدَاقِهَا، فَلْيَشْتَرِ بِهَا عَسَلًا ، فَيَشْرَبْهُ بِمَاءِ السَّمَاءِ ، فَيَجْمَعُ اللَّهُ الْهَنِيءَ الْمَرِيءَ وَالْمَاءَ الْمُبَارَكَ وَالشِّفَاءَ ” .
وقال الحافظ في “الفتح” (10/ 170):
” أخرجه ابن أَبِي حَاتِمٍ فِي التَّفْسِيرِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ ” انتهى .

والسدي هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة أبو محمد القرشي مولاهم الكوفي الأعور ، وهو السدي الكبير ، وثقه أحمد والعجلي وابن حبان ، وقال أبو زرعة: ” لين” ، وقال أبو حاتم : “يكتب حديثه ولا يحتج به” ، وقال النسائي في الكنى: “صالح” ، وقال في موضع آخر: “ليس به بأس” ، وقال ابن عدي: ” له أحاديث يرويها عن عدة شيوخ ، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به”
وقال حسين بن واقد: “سمعت من السدي فأقمت حتى سمعته يتناول أبا بكر وعمر ، فلم أعد إليه” وقال العقيلي: “ضعيف وكان يتناول الشيخين” وقال الساجي: “صدوق فيه نظر” وقال الطبري: ” لا يحتج بحديثه “.
“تهذيب التهذيب” (1/ 313-314) .
وقال الذهبي :
” رمى السدي بالتشيع ” انتهى من “ميزان الاعتدال” (1/ 237) .
ويعقوب بن المغيرة ، لا نعلم له راويا غير السدي ، وقد وثقه العجلي وحده ، والعجلي متساهل في التوثيق ، قال الشيخ المعلمي رحمه الله في تعليقه على “الفوائد المجموعة” (ص 282):
” وأما ابن حبان فقاعدته معروفة ، والعجلي مثله، أو أشد تسهلاً في توثيق التابعي ، كما يعلم بالاستقراء ” انتهى .
وقال أيضا (ص 485) :
” العجلي متسمح جداً، وخاصة في التابعين، فكأنهم كلهم عنده ثقات ، فتجده يقول ” تابعي ثقة ” في المجاهيل ، وفي بعض المذمومين ، كعمر بن سعد ، وفي بعض الهلكى كأصبغ بن نباتة ” انتهى .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
” العجلي متساهل في التوثيق ، كما هو معروف ” .
انتهى بمعناه من “سلسلة الأحاديث الضعيفة” (13/ 624) .

وعلى ذلك : فالذي يظهر من حال الإسناد المذكور : الضعف ، والقول بتحسينه فيه نظر بين ؛ لما مر من حال يعقوب بن المغيرة ، وخاصة راويه عنه : هو السدي ، وقد مر ما فيه .
ثالثا :
لا يقال : ” هناك أمراض ، الشفاء منها بيد الله ثم زوجتك ” لأن الشفاء لا يكون إلا بالله وحده لأنه هو الشافي وحده سبحانه ، فروى البخاري (5742) عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بن صهيب قَالَ: ” دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، فَقَالَ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، اشْتَكَيْتُ ، فَقَالَ أَنَسٌ: أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: ( اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ ، مُذْهِبَ البَاسِ ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا) .
فقوله ( أنت الشافي ) ، وقوله ( لا شافي إلا أنت ) يدل على أن أحدا لا يشفي أحدا إنما الشفاء بيد الله وحده ، قال القاري رحمه الله :
” قَالَ الطِّيبِيُّ : قَوْلُهُ : (لَا شِفَاءَ) خَرَجَ مَخْرَجَ الْحَصْرِ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ : ( أَنْتَ الشَّافِي ) ; لِأَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ إِذَا كَانَ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ أَفَادَ الْحَصْرَ ; لِأَنَّ تَدْبِيرَ الطَّبِيبِ، وَدَفْعِ الدَّوَاءِ لَا يَنْجَعُ فِي الْمَرِيضِ إِذَا لَمْ يُقَدِّرِ اللَّهُ الشِّفَاءَ ” .
انتهى من “مرقاة المفاتيح” (3/ 1124) .
فالله تعالى هو الشافي ، بيده وحده الشفاء ، فلا يقال : قد يكون الشفاء بيد الله ثم زوجتك .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android