0 / 0
57,17430/04/2014

ليس لها ولي فوكلت شخصاً بعقد نكحها مع وجود القاضي ؟

السؤال: 212323

تزوجت منذ ثلاث سنين ، وعندما تزوجت لم يكن قد مضى على اعتناقي للإسلام إلا ثلاثة أشهر، لذلك لم يكن لدي ولي ، فرشح خطيبي أحد أصدقائه ، ممن لا أعرفهم ليكون ولياً لي، وتم العقد هناك في مصر ، بحضور قاضٍ مسلم ، وخطيبي ، وهذا الشاب الذي كان ولياً لي ، والذي لعب دور أحد الشهود أيضاً ، وشاهد آخر ، والآن وبعد أن قرأت شروط الولي في حق من لم يكن لها ولي ، بدأت الشكوك تدور في ذهني ، وأخشى أن ذلك الصديق لم تكن تنطبق عليه هذه الشروط ، وبالتالي لم يكن الزواج صحيحاً!.

فما رأيكم ؟ هل كان زواجي صحيحا ؟

وهل يمكن لمن اعتنقت الإسلام أن تختار أي رجل من المسلمين ليكون لها وليا ؟ أم لا بد وأن يكون شيخاً ؟ وماذا لو اختارت شخصاً لا يصلح للولاية ، هل يكون زواجها صحيحاً ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
الأصل في المرأة التي ليس لها ولي : أن يتولى عقد نكاحها القاضي الشرعي ، أو مأذون الأنكحة .
قال ابن قدامة المقدسي : ” لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، فِي أَنَّ لِلسُّلْطَانِ وِلَايَةَ تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ عَدَمِ أَوْلِيَائِهَا … والسُّلْطَانُ هَاهُنَا هُوَ الْإِمَامُ ، أَوْ الْحَاكِمُ ، أَوْ مَنْ فَوَّضَا إلَيْهِ ذَلِكَ “.
انتهى من “المغني” (9/360) .
قال الشيخ ابن عثيمين: ” المراد بالسلطان : الإمام الرئيس الأعلى في الدولة ، أو من ينوب منابه ، والذي ينوب منابه في وقتنا الحاضر: وزارة العدل ، ومن ورائها : مأذون الأنكحة “. انتهى من “الشرح الممتع” (12/76) .
ثانياً :
إذا كانت المرأة في موضع ليس فيه قاضٍ شرعي ، يجوز لها أن تولي أمرها رجلاً عدلاً من المسلمين ليعقد نكاحها .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لِلْمَرْأَةِ وَلِيٌّ وَلَا ذُو سُلْطَانٍ ، فَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا رَجُلٌ عَدْلٌ بِإِذْنِهَا ” انتهى من “المغني” (9/362).
قال القرطبي رحمه الله : ” وَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ بِمَوْضِعٍ لَا سُلْطَانَ فِيهِ ، وَلَا وَلِيَّ لَهَا ، فَإِنَّهَا تُصَيِّرُ أَمْرَهَا إِلَى مَنْ يُوثَقُ بِهِ مِنْ جِيرَانِهَا ، فَيُزَوِّجُهَا وَيَكُونُ هُوَ وَلِيَّهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ ، لِأَنَّ النَّاسَ لا بد لَهُمْ مِنَ التَّزْوِيجِ ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُونَ فِيهِ بِأَحْسَنِ مَا يُمْكِنُ “.
انتهى من “الجامع لأحكام القرآن” (3/76).
وقال النووي رحمه الله : ” رَوَى يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : إِذَا كَانَ فِي الرُّفْقَةِ امْرَأَةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا، فَوَلَّتْ أَمْرَهَا رَجُلًا حَتَّى يُزَوِّجَهَا، جَازَ”.
انتهى من “روضة الطالبين” (7/50).

ولكن المرأة التي ليس لها ولي ، إذا ولت أمرها لرجل من ثقات المسلمين ، مع وجود سلطان في البلد ، فهل يصح ذلك ؟
في المسألة خلاف بين أهل العلم ، وقد أجاز ذلك جمعٌ منهم ، والأكثر على المنع .
قال ابن قدامة المقدسي : ” وَالصَّحِيحُ : أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُخْتَصٌّ بِحَالِ عَدَمِ الْوَلِيِّ وَالسُّلْطَانِ” . انتهى من “المغني” (9/362).
قال الخطيب الشربيني : ” لَوْ عُدِمَ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ ، فَوَلَّتْ مَعَ خَاطِبِهَا أَمْرَهَا رَجُلًا .. لِيُزَوِّجَهَا مِنْهُ صَحَّ ؛ لِأَنَّهُ مُحَكَّمٌ ، وَالْمُحَكَّمُ كَالْحَاكِمِ…؛ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ.
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ [ وهو جمال الدين الإسنوي ] : وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِفَقْدِ الْحَاكِمِ ، بَلْ يَجُوزُ مَعَ وُجُودِهِ ، سَفَرًا وَحَضَرًا .
وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ : جَوَازُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي بَعِيدٌ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالدَّلِيلُ ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ وَلِيٌّ حَاضِرٌ ، وَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِمَنْعِ الصِّحَّةِ ، إذَا أَمْكَنَ التَّزْوِيجُ مِنْ جِهَتِهِ .
وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ مُؤْذِنٌ بِأَنَّ مَوْضِعَ الْجَوَازِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ ، وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ إمْكَانِ التَّزْوِيجِ مِنْ حَاكِمٍ أَهْلٍ حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ” انتهى من ” مغني المحتاج” (4/244) بتصرف .
وقال القرطبي : ” قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ الضَّعِيفَةِ الْحَالِ : إِنَّهُ يُزَوِّجُهَا مَنْ تُسْنِدُ أَمْرَهَا إِلَيْهِ ، لِأَنَّهَا مِمَّنْ تَضْعُفُ عَنِ السُّلْطَانِ ، فَأَشْبَهَتْ مَنْ لَا سُلْطَانَ بِحَضْرَتِهَا ، فَرَجَعَتْ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَوْلِيَاؤُهَا ” انتهى من “الجامع لأحكام القرآن” (3/76).
وجاء في ” المحلّى” (11/30) : ” وصح عن ابن سيرين في امرأة لا ولي لها ، فولت رجلاً أمرها، فزوّجها ، قال ابن سيرين: لا بأس بذلك ، المؤمنون بعضهم أولياء بعض”.

وبناء على ما سبق :
فالذي يظهر أن عقد نكاحك صحيح لأنه تم بإذن القاضي ، أو مأذون الأنكحة في مصر ، وهو بمثابة إقرار منه لهذا الرجل بتولي عقد النكاح نيابة عنك .

ثالثاً:
لا إشكال في تولي ذلك الرجل عقد نكاحك والشهادة على العقد في آن واحد ؛ ولا يؤثر هذا على صحة العقد ، فمجلس العقد قد حضره ثلاثة رجال وكل هؤلاء شهود عليه ، فالشاهد لا ينحصر فيمن وقّع على العقد ، بل كل رجل حضر العقد من كاتبٍ وقريبٍ ، فهو شاهد عليه.
قال الشيخ ابن عثيمين : ” يصح أن يكون أحد الشاهدين : المأذون الشرعي ، وعلى هذا فإذا حضر الرجل والمأذون الشرعي وشاهد ، وزوجه الولي فالعقد صحيح ؛ لأن المأذون شاهد ” ، انتهى من ” اللقاء الشهري ” (76/ 7، بترقيم الشاملة آليا) .
مع العلم أن جمعاً من أهل العلم يصححون النكاح إذا تم إعلانه وإشهاره بين الناس ، ولو لم يشهد عليه رجلان ، لأن الإعلان يغني عن الشهادة .
ينظر جواب السؤال : (151270) ، (124678) ، (112112).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android