0 / 0

تسأل عن حديث (لا طلاق في إغلاق) .

السؤال: 214699

أريد تفسيرا واضحا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا طلاق في إغلاق ) .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أخرج ابن ماجه (2046) ، وأحمد في مسنده (26360) ، وأبو يعلى في مسنده (4444) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ) وحسنه الألباني في ” صحيح وضعيف سنن ابن ماجة “(2046) .
وقد اختلف العلماء في تفسير معنى الإغلاق : فبعضهم فسره بالإكراه ، قال الخطابي ” معنى الإغلاق: الإكراه ، وكان عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم لا يرون طلاق المكرَه طلاقاً ، وهو قول شريح وعطاء وطاوس وجابر بن زيد والحسن وعمر بن عبد العزيز والقاسم وسالم ، وإليه ذهب مالك بن أنس والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه” انتهى من ” معالم السنن “(3 / 242) .
وفي ” التيسير بشرح الجامع الصغير ” (2 / 501) :”( لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ ) أي : إكراه ؛ لأن المكره يغلق عليه الباب ، ويُضيق عليه غالبا ، فلا يقع طلاقه عند الأئمة الثلاثة . وأوقعه الحنفية” انتهى.

وفسره بعض العلماء بأنه : ” نهي عن إيقاع الطلقات الثلاث دفعة واحدة ، فيغلق عليه الطلاق حتى لا يبقى منه شيء ، كغلق الرهن ، حكاه أبو عبيد الهروي ” انتهى من ” زاد المعاد في هدي خير العباد ” (5 / 195) .
وبعض العلماء فسره بالجنون ، وبعضهم فسره بالغضب الشديد ، جاء في “نيل الأوطار ” (6 / 279): “قوله: (في إغلاق) .. فسره علماء الغريب بالإكراه ، روي ذلك في التلخيص عن ابن قتيبة والخطابي وابن السيد وغيرهم ، وقيل : الجنون ، واستبعده المطرزي ، وقيل: الغضب ، وقع ذلك في سنن أبي داود ، وفي رواية ابن الأعرابي ، وكذا فسره أحمد ، ورده ابن السيد فقال : لو كان كذلك ، لم يقع على أحد طلاق لأن أحدا لا يطلق حتى يغضب ” انتهى .
وفي ” إعلام الموقعين عن رب العالمين ” (3 / 47) :” وقال الإمام أحمد في رواية حنبل: هو الغضب، وكذلك فسره أبو داود ، وهو قول القاضي إسماعيل بن إسحاق أحد أئمة المالكية ومقدم فقهاء أهل العراق منهم ، وهي عنده من لغو اليمين أيضا ، فأدخل يمين الغضبان في لغو اليمين ، وفي يمين الإغلاق ، وحكاه ابن بزيزة الأندلسي عنه ، قال : وهذا قول علي وابن عباس وغيرهما من الصحابة : أن الأيمان المنعقدة كلها في حال الغضب لا تلزم ، وفي سنن الدارقطني بإسناد فيه لين من حديث ابن عباس يرفعه: لا يمين في غضب ، ولا عتاق فيما لا يملك وهو وإن لم يثبت رفعه ، فهو قول ابن عباس، وقد فسر الشافعي: لا طلاق في إغلاق بالغضب ، وفسره به مسروق ؛ فهذا مسروق والشافعي وأحمد وأبو داود والقاضي إسماعيل، كلهم فسروا الإغلاق بالغضب ، وهو من أحسن التفسير ؛ لأن الغضبان قد أغلق عليه باب القصد بشدة غضبه ، وهو كالمكره ، بل الغضبان أولى بالإغلاق من المكرَه ؛ لأن المكرَه قد قصد رفع الشر الكثير بالشر القليل الذي هو دونه ، فهو قاصد حقيقة ، ومن هنا أوقع عليه الطلاق من أوقعه ، وأما الغضبان فإن انغلاق باب القصد والعلم عنه ، كانغلاقه عن السكران والمجنون، فإن الغضب غول العقل ، يغتاله كما يغتاله الخمر ، بل أشد ، وهو شعبة من الجنون ، ولا يشك فقيه النفس في أن هذا لا يقع طلاقه” انتهى .
والراجح في تفسير الحديث : أن الإغلاق يشمل الإكراه والجنون والعَتَه والغضب الشديد ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ” قال شيخنا [يعني : شيخ الإسلام ابن تيمية] : وحقيقة الإغلاق أن يُغلَق على الرجل قلبه ، فلا يقصد الكلام ، أو لا يعلم به ، كأنه انغلق عليه قصده وإرادته ، قلت: قال أبو العباس المبرد: الغلق : ضيق الصدر ، وقلة الصبر بحيث لا يجد مخلصا، قال شيخنا: ويدخل في ذلك طلاق المكره والمجنون ، ومن زال عقله بسكر أو غضب ، وكل من لا قصد له ، ولا معرفة له بما قال .
والغضب على ثلاثة أقسام :
أحدها : ما يزيل العقل ، فلا يشعر صاحبه بما قال ، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع.
والثاني : ما يكون في مباديه ، بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده ، فهذا يقع طلاقه . الثالث: أن يستحكم ويشتد به، فلا يزيل عقله بالكلية ، ولكن يحول بينه وبين نيته ، بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال ، فهذا محل نظر، وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه” انتهى من ” زاد المعاد في هدي خير العباد ” (5 / 195).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android