0 / 0

من يأخذ كتابه بيمينه هل يدخل النار ؟

السؤال: 216292

نعلم أنه في أرض المحشر هناك من يأخذ كتابه بيمينه ، وهناك من يأخذ كتابه بشماله ، ونعلم أن من أخذ كتابه بيمينه فقد أفلح ، ونعلم أيضاً أن من الناس من لا يدخل الجنة إلا بعد عذاب في جهنم ، فهذا الذي دخل الجنة بعد عذاب ، هل كان ممن أخذ كتابه بيمينه أو بشماله ؟ وهل ممن يأخذ كتابه بيمينه يدخل النار ويُعذب فيها قبل أن يدخل الجنة ، إن كان الجواب بنعم .. فما سر فرحه ، وهو يقول للناس : هاؤم اقرءوا كتابيه ؟
مَنْ دخل النار من عصاة الموحدين : هل يكون ممن يأخذ كتابه بيمينه ، وينقلب إلى أهله مسرورا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الناس يوم القيامة فريقان : فريق يأخذ كتابه بيمينه ، وهم أهل الإيمان ، وفريق يأخذ كتابه بشماله ، وهم أهل الكفران .
وقد سبق في إجابة السؤال رقم : (52887) أن الراجح أن عصاة الموحدين ، الذين يدخلون النار بذنوبهم ثم يخرجون منها ، يأخذون كتبهم بأيمانهم ، ولا يأخذ كتابه بشماله إلا الكافر المخلد في النار .
وهذا عند تطاير الصحف ، ثم يكون بعد ذلك الحساب والمجازاة .
فكل مسلم مات على التوحيد يتناول كتابه بيمينه ، وهذا هو سرّ فرحه ، ولكن ذلك لا يمنع أن يعذب الله بعض عصاة الموحدين في النار بذنوبهم ، وإن تناولوا كتبهم بأيمانهم .
سئل الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله – :
هل العاصي يُعْطَى كتابه بيمينه أم بشماله ؟
فأجاب : ” العاصي يُعْطَى كتابه بيمينه ، أما الذي يُعْطَى كتابه يوم القيامة بشماله فهو الكافر ، يُعْطَى كتابه بشماله وراء ظهره ، أما المؤمن فيُعْطَى كتابه باليمين سواءٌ أكَانَ من السابقين ، أم من المقتصدين ، أم ممن ظلم نفسه ، ثم يأتي بعد ذلك الحساب والوزن ، ثم تأتي الْمُجَازاة ” انتهى من ” شرح الطحاوية ” (ص 686) بترقيم الشاملة .
وسئل الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله – :
هل المسلم العاصي يأخذ كتابه بشماله أم بيمينه ؟
فأجاب :
” المسلم العاصي يأخذ كتابه بيمينه ، لكن ولو أخذ كتابه بيمينه قد يعذب بسيئاته ، لكن لا يخلد في النار كما يخلد الكافر ”
http://alfawzan.af.org.sa/node/8786
وجاء في ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (1/725-727) : ” مذهب أهل السنة والجماعة أنه من مات على الإيمان يتناول كتابه بيمينه ولو كان مرتكبا للكبائر ، وأن من مات على الكفر – والعياذ بالله – يتناول كتابه بشماله من وراء ظهره ، وهو بذلك يمثل هيئة الفاتر المتألم الكاره لما يتناوله ، ولكن لا بد من تناوله ، وهذا هو الذي دلت عليه النصوص ، فإنها لم يذكر فيها بالنسبة لتناول الكتاب إلا مؤمن ولو مطلق الإيمان ، وكافر وإن اختلف نوع كفره أو تفاوتت درجته ، وقوله تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا ) الآيات.. هي في الكافر كفرا يخرج عن ملة الإسلام ، لخبر الله عنه بأنه لا يؤمن بالآخرة ، في قوله سبحانه آخر هذه الآيات : ( إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ) أي : يرجع إلى ربه للحساب والجزاء ، ولا منافاة بين خبر الله تعالى عن الكافر مرة بأنه يؤتى كتابه من وراء ظهره ، وأخرى بأنه يؤتى كتابه بشماله ؛ لإمكان الجمع بينهما بأخذه كتاب عمله بشماله من وراء ظهره كما تقدم ، فإحدى الآيتين في بيان العضو الذي يتناول صحيفة العمل ، والأخرى في صفة التناول وهيئته ..
وبالله التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ” .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز . الشيخ عبد الرزاق عفيفي . الشيخ عبد الله بن قعود . الشيخ عبد الله بن غديان .
ثانيا :
قوله تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا ) الانشقاق/ 7 – 9 .
هذا وصف حال أهل الإيمان البررة الأتقياء ، يؤتون كتبهم بأيمانهم ، ويحاسبون حسابا يسيرا ، ثم يدخلون الجنة مسرورين سعداء بما آتاهم الله من الخير والكرامة .
وهم في ذلك السرور بحسب أعمالهم ، فأفضلهم عملا أشدهم سرورا ، وأشدهم فرحا بكتابه وبما فيه ، وأسعدهم بقول الله تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) الحاقة/ 19 – 24 .
أما الموحد العاصي الذي يدخل النار بذنوبه ثم يخرج منها ، فله من هذا الفضل نصيبه الذي يناسبه ، ففرحه وسروره بحسب عمله ، وما وجده في كتابه ، وكونه مات على التوحيد ، فهو يعلم أنه ليس من الكافرين المخلدين في النار ، ولذلك يفرح ، ولكن أين يقع فرحه من فرح أهل التقوى والصلاح ؟ ولا مانع من أن يقع فرحه فيعقبه حزن ثم يعقبه فرح . يأخذ كتابه بيمينه فيفرح ، ثم يعذب بذنبه فيحزن ، ثم يدخل الجنة برحمة الله فيفرح . بخلاف البررة الأتقياء الذين يفرحون ولا يحزنون ، ويرحمون ولا يعذبون .
وهذا كما أن أهل الجنة يتفاضلون في أشياء كثيرة ، في منازلهم في الجنة بحسب أعمالهم ، كما روى البخاري (3256) ، ومسلم (2831) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ ، كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ فِي الأُفُقِ ، مِنَ المَشْرِقِ أَوِ المَغْرِبِ ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ ) .
فأصحاب الجنة يتفاضلون في كل شيء ، في الحساب ، وفي تناول الصحف ، وفي الفرح بها وبما فيها من العمل ، وفي درجات الجنة ، كل بحسب عمله ، وبحسب ما تفضل الله به عليه .
فالمؤمن العاصي يأخذ كتابه بيمينه ، ويحاسب حسابا يسيرا ، وينقلب إلى أهله مسرورا ، هذا حاله في الجملة ، ولا يمنع ذلك من أن يصيبه ما يصيبه من عذاب الله بذنوبه ، فهذه الآيات إنما تحدثت عن دخوله الجنة وفرحه ، ولم تتعرض لما يصيبه عند موته ، وفي قبره ، وفي الموقف قبل تطاير الصحف ووضع الموازين .
ومن كان مصيره الجنة – أصابه قبل ذلك ما يصيبه – فلا شك أنه من الفرحين المسرورين .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android