تنزيل
0 / 0

الزوجات شريكات أزواجهن في الحياة ، لهن حقوق ، كما أن عليهن حقوق ، وللأزواج مزيد حق وفضل .

السؤال: 216686

قرأت على النت مقالاً جاء فيه : ” كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يطبخ وينظف ويكنس . إن زوجاتكم لسن عبيداً عندكم ، وإنما هن شريكات لكم ، فكونوا كمحمد صلى الله عليه وسلم ” ، فهل هذا الكلام صحيح ؟ وما الأدلة من الكتاب والسنة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ليس الحديث الوارد في ذلك الشأن هو باللفظ المذكور في السؤال ، ولا بهذا التفصيل ،
وإنما الذي يبدو أن المذكور زاد في الأمر ، ونزله تنزيلا جديدا ، ليثبت المساهمة من
الزوج لزوجته ، والمشاطرة لها في كل شيء ، وكأنه عمل مشترك ، أو قسمة بين الطرفين .

وإنما الوارد في ذلك نموذج من كمال خلقه ، وكريم خصاله ، صلى الله عليه وسلم ،
وتواضعه ، وعدم ترفعه عن شيء ، حتى إنه ليشارك أهل بيته في شأنهم ، ومهنتهم ، لا
يترفع عن شيء منه .
فقد روى الترمذي (3895) وصححه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي
) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في ” صحيح سنن الترمذي ” .

وقد سئلت عائشة رضي الله
عنها : ” مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي
بَيْتِهِ ؟ فقَالَتْ : كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ ، وَيَحْلُبُ
شَاتَهُ ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ ”
رواه أحمد (26194) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في ” السلسة الصحيحة ” (671) .
وفي رواية له أيضا (24903) : ” كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ ،
وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ ” وصححه الألباني في ” صحيح
الجامع ” (4937) .

وروى البخاري (676) عن
الأسود ، قال : ” سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ : كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ
– تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ – فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى
الصَّلاَةِ ” .

وينظر للفائدة إلى جواب
السؤال رقم : (197199) .

ثانيا :
الزوجات شريكات الأزواج في الحياة ، ولهن حقوق ، كما أنه عليهن حقوق ، إلا أن للزوج
مزيد حق . وكما يجب على الزوجة مراعاة حق زوجها ، كذلك يجب على الزوج مراعاة حق
زوجته ، قال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) البقرة/ 228 .

قال السعدي رحمه الله :
” للنساء على بعولتهن من الحقوق واللوازم مثل الذي عليهن لأزواجهن من الحقوق
اللازمة والمستحبة .
( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) أي : رفعة ورياسة ، وزيادة حق عليها ، كما
قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ
بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) ” انتهى من ”
تفسير السعدي ” (ص/102) .

فكرّم الإسلام المرأة زوجةً
، فأوصى بها الأزواج خيرا ، وأمر بالإحسان في عشرتها ، وأخبر أن لها من الحق مثل ما
للزوج إلا أنه يزيد عليها درجة ، لمسئوليته في الإنفاق والقيام على شئون الأسرة ،
وبين أن خير المسلمين أفضلُهم تعاملا مع زوجته .

قال علماء اللجنة للإفتاء في
السعودية :
” الشريعة الإسلامية قد جاءت بتكريم المرأة ، والرفع من شأنها ، وإحلالها المكان
اللائق بها ؛ رعاية لها ، وحفظا لكرامتها ، فأوجبت على وليها وزوجها الإنفاق عليها
، وحسن كفالتها ، ورعاية أمرها ، ومعاشرتها المعاشرة الحسنة ” انتهى من ” فتاوى
اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى ” (17/ 6) .

وللفائدة ينظر إلى جواب
السؤال رقم : (70042) ، وجواب السؤال رقم
: (40405) .

ثالثا :
لا شك أن النساء لسن جواري وإماء عند أزواجهن ، يستخدموهن بالقهر والنكال ،
ويعاملونهن معاملة الأسياد للعبيد والجواري ، وإنما جاءت الأصول الشرعية تقرر حسن
الصحبة وطيب العشرة ، فالزوجة في الإسلام صاحبة الزوج ، وأهله وعياله ، ولم يأت في
الشرع وصفها بأنها جارية خادمة عند زوجها ، ولكن : صاحبة لها حقوق ووصاية بالخير
وحسن المعاشرة .

وأما ما رواه الترمذي (1163)
وصححه عن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (
أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ )
، وحسنه الألباني في ” صحيح سنن الترمذي ” .

وقال الترمذي رحمه الله : ”
وَمَعْنَى قَوْلِهِ : ( عَوَانٌ عِنْدَكُمْ ) ، يَعْنِي : أَسْرَى فِي أَيْدِيكُمْ
” .

فالمقصود الوصاية لهن بالخير
؛ كما يدل صريح الحديث ، والمعنى في وصفهن بالعواني : تشبيههن بالأسارى ، من حيث إن
الأسير : ضعيف في قبضة غيره ، إن شاء أطلقه من أسره ، وإن شاء لم يطلقه ، فكذلك
المرأة عند زوجها : إن شاء أبقاها وإن شاء طلقها .
وليس المعنى أنهن ذليلات مقهورات عند أزواجهن قهر المأسور عند من أسره .

قال ابن عثيمين رحمه الله :
” يعني : بمنزلة الأسرى ؛ لأن الأسير : إن شاء فكه الذي أسره ، وإن شاء أبقاه ،
والمرأة عند زوجها كذلك ، إن شاء طلقها وإن شاء أبقاها ، فهي بمنزلة الأسير عنده ،
فليتق الله فيها ” انتهى من ” لقاء الباب المفتوح ” .

على أن الواجب ألا ننسى أيضا
أن حق الزوج على زوجته : أعظم من حقها عليه ، وأن الله جعل له درجة عليها ، وجعلها
قواما راعيا لها .
قال الله تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) النساء/228 ، وقال
تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ
بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/34 .
ولذلك وجب على المرأة خدمة زوجها ، على أرجح القولين لأهل العلم في المسألة ، حتى
قال زيد بن ثابت رضي الله عنه : ” الزَّوْجُ سَيِّدٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ ”
وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ) يوسف/ 25 ”
ينظر : ” الفتاوى الكبرى” لابن تيمية (3/106) .

وينظر إلى جواب السؤال رقم :
(10680) ، وجواب السؤال رقم : (119740)
.

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android