0 / 0

شبهة أن كلمة فرعون يونانية وأن القرآن أخذها منهم

السؤال: 216757

البعض يقول : إن كلمة فرعون جاءت من اليونان ، والقرآن أخذ ذلك منهم ، فهل هذا صحيح ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
وجود أسماء بعض الأعلام الأعجمية في القرآن الكريم أثناء ذكر قصصهم ؛ لا إشكال فيه ؛ لأن القرآن يقص حوادث وقعت للعظة والاعتبار ، فهو يقص الواقع الذي حدث كما حدث ؛ فيذكر الأشخاص بأسمائهم والأماكن بأسمائها المتعارف عليها ، ومن شأن أسماء الأعلام أن تحكى لا أن تترجم .
قال القرطبي رحمه الله تعالى :
” لا خلاف بين الأمّة أنّه ليس في القرآن كلام مركّب على أساليب غير العرب ، وأنّ فيه أسماءً أعلاما لمن لسانه غير لسان العرب ، كإسرائيل ، وجبريل ، وعمران ، ونوح ، ولوط ” .
انتهى من ” الجامع لأحكام القرآن ” ( 1 / 110 ) .

ثانيا :
القول : إن أصل كلمة ” فرعون ” يوناني أو غيره لا يعتبر طعنا في القرآن الكريم ؛ والمعهود في تفسير مثل ذلك : أن هذا الاسم انتشر بين الأمم ، ووصل إلى العرب في الجاهلية ، وعرفوه وعرفوا المقصود منه ، فلمّا نزل القرآن خاطبهم بهذا اللفظ الذي يعرفونه . والمتعارف عليه عند الناس أن الإنسان إذا خاطب قوما بمصطلح منتشر بينهم لكي يفهموه لا يقولون له أنت سرقت منا هذا المصطلح .

ثالثا :
أن مثل هذه الشبهات أن القرآن الكريم أخذ هذه الكلمة من تلك اللغة وهذه القصة من ذلك الكتاب ونحو ذلك ، هي كلها أكاذيب ؛ لأنّ قولا مثل هذا يلزم منه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد عاش مع علماء من أمم مختلفة ، وامتلك مكتبة ثرية بالكتب ، وأن يكون قد ألمّ بعدة لغات ؛ وهذا كله مستحيل ؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم كان أميا ، ونشأ في مكة ، وهي بلدة خالية من العلم والكتب ، بعيدة جدا عن أماكن العلم في ذلك الزمن ، ولم يثبت لأحد من أهلها ، نوع معرفة بلسان اليونان ، أو السريان ، أو إلمام بتراثهم .
يقول د. عبد الرحمن بدوي :
” يؤكد كل هؤلاء الكتاب – يقصد المستشرقين – أن محمدا صلى الله عليه وسلم باعتباره مؤلفا للقرآن اقتبس أغلب القصص ، وعددا كبيرا من الصور البيانية ، وكذلك الحكم والأمثال ، من الكتب المقدسة ، أو شبه المقدسة لدى اليهود والنصارى .
ولكي نفترض صحة هذا الزعم ، فلا بد أن محمدا كان يعرف العبرية والسريانية واليونانية ، ولا بد أنه كان لديه مكتبة عظيمة اشتملت على كل نصوص التلمود والأناجيل المسيحية ، ومختلف كتب الصلوات ، وقرارات المجامع الكنسية ، وكذلك بعض أعمال الأدباء اليونانيين ، وكتب مختلف الكنائس والمذاهب المسيحية .
هل يمكن أن يعقل هذا الكلام الشاذ لهؤلاء الكتاب ، وهو كلام لا برهان عليه .
… إن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل ظهور رسالته وبعدها : معروفة للجميع ، على الأقل في مظاهرها الخارجية ، ولا أحد قديما أو حديثا يمكن أن يؤكد أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم كان يعرف غير العربية ؛ إذا كيف يمكن أن يستفيد من هذه المصادر كما يدعون ! ” انتهى من ” دفاع عن القرآن ضد منتقديه ” ( ص 24 ) .

رابعا :
ننبه إلى أنّ ما يسمى بالبحوث والتفسيرات التاريخية للعصور الموغلة في القدم ؛ ليست كلها صحيحة ، ولا هي نتائج أخيرة ، مبنية على براهين علمية ثابتة ؛ بل هي اجتهاد بشري لتفسير أمر وقع في الماضي البعيد ، ضاعت أكثر تفاصيله ومعالمه ؛ فلهذا ليس من الموضوعية في شيء أن نعتمد على كلام باحث ما ، في بيان أصل كلمة معين ، ونجعله حقيقة علمية ، ثم نحاكم إليها تاريخ الأمم وتراثها !!
ونحن نرى اليوم وقائع تاريخية في عصرنا الحاضر تتضارب فيها آراء المؤرخين رغم أنها في كثير من الأحيان أبطالها أحياء ، فكيف إذا بتفاصيل دقيقة جدا ترجع إلى عصور قديمة .
فهذا الذي يقول اسم فرعون أصله يوناني ، ما الذي يمنع أن اليونانيين أخذوا هذا الاسم عن غيرهم ؟! ثم قبل ذلك : ما البرهان القاطع الواضح على مثل ذلك ؟

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android