تنزيل
0 / 0
3599331/01/2015

طلقت وهي حامل ثم وضعت سقطا لم تتبين فيه معالم التخلق فظنت انتهاء عدتها بذلك فتزوجت

السؤال: 216816

أنا فتاة اعتنقت الإسلام ، وقام زوجي بتطليقي قبل 3 سنوات ، وتزوجت من رجل آخر بعد مرور شهرين وأسبوع من تاريخ طلاقي؛ وذلك لأنه بعد مرور أربعة أسابيع من طلاقي اكتشفت بأنني حامل في الأسبوع الخامس ، وأنّ الحمل قد حصل خارج الرحم مما سبب لي نزيف شديد دفع الأطباء لإسقاط الجنين ، وفي ذلك الوقت ، أخبروني أنّ عدة المرأة تنتهي مع وضعها للطفل ، وذلك ما ظننت أنه ينطبق علي ولكن بعد اطلاعي على الفتاوى الموجودة في موقعكم اكتشفت أن عدتي يجب أن تكون 3 أشهر لأن الجنين لم تظهر معالمه حينها. المشكلة الأخرى هي أنه لم يكن هناك أي ولي يمثلني في زواجي الثاني ، حيث كان زواجي الثاني بترتيب من جماعة تتبع الطريقة النقشبندية ، ولم نكن نعلم حينها الانحرافات العقدية لديهم ، وإلا لعقدنا النكاح في مسجد يتبع لأهل السنة والجماعة ، فهل زواجي صحيح ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا طلقت المرأة المدخول بها من زوجها وجبت عليها العدة ، فإن كانت من ذوات الحيض : وجب عليها أن تعتد بثلاث حيضات كاملة بعد الطلاق , بمعنى أن يأتيها الحيض وتطهر ، ثم يأتيها وتطهر ، ثم يأتيها وتطهر ، فهذه ثلاث حيضات كاملة سواء طالت المدة بينهن أم لم تطل , وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم : (12667).

وهذا إذا لم تكن حاملا ، أما إذا كانت من ذوات الحمل : فعدتها وضع الحمل , كما سبق بيانه في الفتوى المحال عليها آنفا .
مع التنبيه على أن الحمل الذي تنقضي به العدة : هو ما تبين فيه خلق الإنسان – على الراجح – وأقل مدة يتبين فيها خلق الإنسان هي ثمانون يوما من ابتداء الحمل وغالبها تسعون , أما إذا أسقطت المرأة سقطا لا تتبين فيه صورة الخلق ، فإن العدة لا تنتهي به – على الراجح – بل يجب عليها حينئذ أن تعتد بثلاث حيضات ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (107051) .

وخالف في ذلك المالكية فذهبوا إلى أن المرأة إذا أسقطت دما مجتمعا ، فإن عدتها تنقضي بذلك ولو لم تتبين فيه ملامح الخلق .

جاء في " مختصر خليل " (1 / 130): " وَعِدَّةُ الْحَامِلِ فِي طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَضْعُ حملها كله وإن دما اجتمع " انتهى , وفسر فقهاء المالكية الدم المجتمع الذي تنقضي به العدة عندهم بأنه الذي لا يذوب إذا صب عليه الماء الحار , جاء في " شرح مختصر خليل " للخرشي (4 / 143): " المراد بالدم المجتمع الذي لا يذوب بصب الماء الحار عليه " انتهى.
وفي " الشرح الكبير " للشيخ الدردير (2 / 474): " وعلامة كونه حملا أنه إذا صب عليه الماء الحار لم يذب " انتهى.

وأنت أيتها السائلة قد ذكرت أن السقط لم تتبين فيه ملامح الخلق , فحينئذ لا تنقضي عدتك بوضعه – على الراجح – بل كان الواجب عليك أن تعتدي بثلاث حيضات .

لكن ما دام الزواج الثاني قد حصل بالفعل على ظن منك بانتهاء العدة , وقد وافق هذا الظن مذهبا معتبرا عند أهل العلم ، وهو مذهب فقهاء المالكية القائلين بانتهاء العدة بالدم المجتمع : فحينئذ يجوز ترك قول الجمهور وتقليد المالكية في انتهاء العدة بإلقاء هذا السقط ، وبالتالي يحكم بتصحيح النكاح الثاني .
وهذا – أي تقليد القول المرجوح بعد وقوع الحادثة – هو مذهب فريق من أهل العلم خصوصا إذا ترتب على الأخذ بالقول الراجح شدة أو حرج .

وفي ذلك يقول الشاطبي – رحمه الله – في " الموافقات " (5 / 190): " فمن واقع منهيا عنه ، فقد يكون فيما يترتب عليه من الأحكام زائد على ما ينبغي ، بحكم التبعية لا بحكم الأصالة ، أو مؤد إلى أمر أشد عليه من مقتضى النهي ، فيترك وما فعل من ذلك، أو نجيز ما وقع من الفساد على وجه يليق بالعدل ، نظرا إلى أن ذلك الواقع وافق المكلف فيه دليلا على الجملة ، وإن كان مرجوحا ، فهو راجح بالنسبة إلى إبقاء الحالة على ما وقعت عليه ؛ لأن ذلك أولى من إزالتها ، مع دخول ضرر على الفاعل أشد من مقتضى النهي .
فيرجع الأمر إلى أن النهي كان دليله أقوى قبل الوقوع ، ودليل الجواز أقوى بعد الوقوع ، لما اقترن به من القرائن المرجحة ، كما وقع التنبيه عليه في حديث تأسيس البيت على قواعد إبراهيم عليه السلام ، وحديث ترك قتل المنافقين ، وحديث البائل في المسجد ، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم -أمَر بتركه حتى يتم بوله ؛ لأنه لو قطع بوله لنجست ثيابه ، ولحَدَث عليه من ذلك داء في بدَنِه ، فترجح جانب تركه على ما فعل من المنهي عنه ، على قطعه بما يدخل عليه من الضرر، وبأنه ينجس موضعين , وإذا ترك ، فالذي ينجسه موضع واحد .
وفي الحديث: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل باطل باطل"، ثم قال: "فإن دخل بها، فلها المهر بما استحل منها", وهذا تصحيح للمنهي عنه من وجه ، ولذلك يقع فيه الميراث ، ويثبت النسب للولد، وإجراؤهم النكاح الفاسد مجرى الصحيح في هذه الأحكام ، وفي حرمة المصاهرة وغير ذلك : دليل على الحكم بصحته على الجملة ، وإلا كان في حكم الزنى ؛ وليس في حكمه باتفاق .
فالنكاح المختلف فيه قد يراعى فيه الخلاف ، فلا تقع فيه الفرقة إذا عثر عليه بعد الدخول ، مراعاة لما يقترن بالدخول من الأمور التي ترجح جانب التصحيح " انتهى.

وبناء على ذلك : فالذي يظهر – والعلم عند الله – تصحيح النكاح الثاني ، بناء على قول المالكية القائلين بانتهاء العدة بوضع السقط ، ولو لم تتبين فيه معالم التخلق .

لكن يبقى أمر آخر وهو ما ذكرتيه من ترتيبات الزواج التي جرت تحت رعاية فريق من المنتسبين إلى الطريقة النقشبندية , وأنت لم توضحي لنا طبيعة هذه الترتيبات ؛ فإن كان المقصود أن الزواج قد تم – فقط – في مسجدهم دون أمر آخر ، فهذا لا يضر : إذا توافر الولي المسلم والشاهدان العدلان .

أما إن كان المقصود أن الزواج قد تم دون ولي أصلا , أو تم بولاية شخص يتبع هذه الطريقة الضالة المبتدعة فهنا يكون عقد النكاح قد وقع باطلا , لأن النكاح دون ولي باطل كما بيناه في الفتوى رقم : (144712) .

وأتباع الطريقة النقشبندية على خطر عظيم , وبدع كبيرة في عقائدهم وأعمالهم .

ولذلك ؛ فالأحوط لكما أن تعيدا عقد نكاحكما من جديد ؛ فإن كان لك الآن ولي من المسلمين ، من أقاربك وعصبتك : تولى هو عقد نكاحك ، فإن لم يكن لك ولي من المسلمين ، تولى عقد نكاحك : القاضي الشرعي ، إن وجد ، أو مدير المركز الإسلامي ، أو إمام المسجد ، أو رجل عدل من المسلمين .

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android