0 / 0

كيفية توزيع الأرض الأميرية على الورثة وحق الأولاد فيما أنفقوه على عقار مورثهم

السؤال: 218132

توفي أب عام 2013م ، وقد كان متزوجا من ثلاثة نساء ، ز1 ، ز2 ، ز3.
عند وفاته كانت له : زوجة ( ز3) ، وأربع أبناء ، وخمس بنات .
تركته : عقاران .
في حياته أسكن ابنه الأكبر من ز1 في شقة ، وقام الابن بإتمام إكسائها على نفقة الابن ،
وأسكن في شقتين ابنيه ، وكساؤها على نفقتهما .
صرح الأب أمام أبنائه أن لكل منهم شقته ، وتقيّم على الهيكل بالإرث وليس الكساء ، وتبقى قيمة الكساء لكل شقة حقا للابن ، ويشهد بهذا أبناؤه وبناته ممن حضر الحديث .
وقام بتمليك مسجل لثلاثة أرباع عقار (3) أبناء ، وعرض على بنتيه من ز1، فلم تستحسنا الفكرة ، فتوقف التوزيع .
قد دفعت له الزوجة الثالثة مبلغا من المال على أن يملكها نصف شقة ، هذا بشهادة بعض أبنائه وإعلان الأب بما حصل ، ولكن قال بالنصف الآخر للشقة تؤول لها بحال وفاته وتعتبر إرثها .
العقار الأول بصفة أميري لدى الدولة ، ولدى السؤال عن توزيع الإرث القانوني قيل إنها مسجلة أرضا تزرع حبوبا أميرية ، ولو كان عليها أشجار ملك أو بناء ملك لأصبحت إرثا شرعيا ، وتوزع وفقا للمسألة : من 104 حصة على النحو : ( 13 للزوجة ز3 ) (14 لكل ذكر) (7 لكل انثى)
رغم أن الأب قد بنى عقارا عليها ، ولكنه غير مسجل قانونا كي يحسب إرثا شرعيا وليس قانونيا .
– كيف نتصرف بما وهبه الأب لأبنائه من ثلاثة أرباع العقار الثاني ، والأموال التي دفعت مقابل تمام التمليك ؟
– كيف نتمم حق الزوجة الثالثة بعقدها مع الأب بأنها دفعت نصف ثمن شقة ولم تستلمه ، ولم يتمم بناؤه بالكساء ، وبيان أن لا وصية لوارث ؟
– كيف نعامل كسوة الأبناء لشققهم الممنوحة من الأب والمبالغ التي صرفها الأبناء حينها بالكساء وبتمليك العقارات ؟
– شرعيا هل نأخذ بالقسمة الأميرية للعقار الأول رغم أن ما بني عليه من مال الأب ؟
– شرعيا كيف نقسم التركة بين الورثة للعقارين ( قانوني شرعي ) ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ما دفعه الأبناء الثلاثة من أموالهم الخاصة في تشطيب الشقق أو “كسوتها” على حد تعبير السؤال ، هو حق خاص لهم ، لا يدخل في التركة التي تركها والدهم والتي تقسم على الورثة .
ولكن ينبغي التنبه إلى أن الحق الذي يجب أن يحفظ لكل واحد منهم هو بحدود شقته وما أنفقه فحسب ، من غير سمائها ولا أرضها ، بل يبقى سقف البناء وأرضه المشتركة تركة تقسم بين الورثة القسمة الشرعية ، وقد سبق بيان هذا في عدد من الفتاوى ، ينظر منها : (131901) ، (182290) ، (184120) ، (193143).
ثانيا :
لا يجوز للوالد أن يخص بعض أولاده بالهبة ، بل الواجب عليه أن يعدل بين جميع أولاده ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ ) . رواه البخاري (2587) ، ومسلم (1623) .
فإن حصل تفضيل لبعض الأولاد فالواجب إبطال ذلك وإلغاؤه ، سواء كان ذلك في حياة الوالد أو بعد وفاته .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن فضل بعض أولاده على بعض :
” والصحيح من قولي العلماء أنه يجب عليه أن يرد ذلك في حياته ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن مات ولم يرده رُدَّ بعد موته على أصح القولين أيضا ، طاعة لله ولرسوله ، واتباعا للعدل الذي أمر به ، واقتداء بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل ، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به ، والله سبحانه وتعالى أعلم” انتهى من ” الفتاوى الكبرى ” (4/184) .
وعلى هذا ، فالشقق التي أخذها الأبناء الثلاثة يجب أن ترد إلى التركة وتقسم على جميع الورثة ، ولكنها ترد على أنها لم تكن جاهزة ، فيحفظ لكل ابن الأموال التي أنفقها لتجهيز الشقة .
وتحديد هذا بدقة قد يكون متعذرا أو صعبا للغاية ، ففي هذه الحالة لا بد من التفاهم والتراضي بين الورثة .
ثالثا:
أما الزوجة فلها نصف الشقة ملكا لها ، مقابل ما دفعته من مال لزوجها في حياته .
وأما النصف الآخر للشقة فليس هذا بوصية حتى يقال : (لا وصية لوارث) . وإنما هو تحديد لنصيبها من الإرث ، وهو الثمن ، فإن رضيت هي وجميع الورثة أن تأخذ نصف الشقة مقابل حقها من التركة فلا حرج في ذلك ، وإن تنازعوا فإنها يكون لها ثمن التركة ، وهذا النصف المتنازع عليه يدخل في التركة ويقسم على جميع الورثة .
رابعا :
إذا كان بالإمكان تسجيل البناء بوجه رسمي ليصار إلى قسمته القسمة الشرعية ، فهو أولى وأوجب ، وذلك أن البناء من مال الوالد الخاص وتركته ، ولا ينطبق عليه وصف ( الأميري )، فالواجب تقسيمه القسمة الشرعية ، فإن لم يتحقق ذلك إلا بالتسجيل الرسمي وجب ، كي لا تضيع الحقوق .
أما إذا لم يكن التسجيل الرسمي متاحا بعد وفاة الوالد ، فلا مفر من قبول التقسيم ( الأميري )، ثم بعد ذلك يقوم الأبناء فيما بينهم بتقسيم العقار الذي بناه الوالد من ماله فقط ، بحيث يقسم قسمة التركة ، وليس القسمة ( الأميرية ).
أما الأرض المسجلة ( أميرية ) فلا بأس بقبول التقسيم القانوني لها ، وذلك أن معنى كونها ( أميرية ) أنها ليست ملكا متمحضا لأحد ، وإنما هي مخصصة من قبل الدولة لهذا الإنسان لينتفع بها طيلة حياته ، وتبقى ملكيتها للدولة ، وبعد وفاته تفعل بها الدولة ما تشاء ، سواء بقسمتها بين الورثة بالطريقة التي تراها ، أو بتخصيص بعض الورثة بها دون الآخرين ، أو باسترجاعها ومنحها لجهة أخرى ، فتقسيم ( الأراضي الأميرية ) بين الذكور والإناث بالتساوي جائز لا بأس به ؛ لأنه يقع على وجه الهبة من الدولة ، وليس على وجه ” تقسيم التركة “، وهذا أمر معلوم ومشهور في بلاد الشام .
قال الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله :
” الأراضي الأميرية الزِّراعية التي لم يَصل إليها العُمران ، قد أَوْجَب فيها قانون انتقالات الأموال غير المنقولة الصادر في العهد العثماني ، أن يُعطَى وليُّ الأمر فيها بمقتضى هذا القانون حقًّا في التصرف بها ( بدون مِلكية الرَّقبة )، ويَنتقل حق التصرف هذا إذا تُوفِّيَ المتصرِّف ذو اليَدِ إلى الأولاد ، وأحد الزوجين ، بنسبة تختلف عن الإرْث ، فالأولاد يَتساوَى الذكور والإناث .
وقد خَرَّجت المشيخة الإسلامية هذا القانون تخريجًا شرعيًّا ، باعتبار أنَّ هذا الانتقال ليس إرْثًا ؛ ليكون مخالفًا للإرث الشرعي ، وإنما هو انتقال التصرف في أرض لا تزال رقبتها ملكًا للدولة ، ولم تَدخل في ملك الأفراد ، وطريقة انتقال هذا التصرف يَعود ترتيبها إلى وليّ الأمر ( الخليفة ). وقد رأى ولي الأمر بهذا القانون أنْ يَتساوى الأولاد ذكورًا وإناثًا ؛ لأنهم يعملون مع آبائهم وأمهاتهم في الأراضي الزراعية بصورة متساوية . فرأي ولي الأمر في ذلك مقبولٌ شرعًا ، وهو مَبنيٌّ على المصلحة العامة التي يُعود إليه تقديرها وَفقًا للقاعدة الشرعية : إنَّ التصرُّف على الرَّعيَّة مَنُوطٌ بالمصلحة ، وليس تغييرًا لنظام الإرث في الأملاك الخاصة ” .
انتهى من ” فتاوى الزرقا ” (ص/146، بترقيم الشاملة آليا) .
وقد سبق لكل من دور الإفتاء المصرية والفلسطينية والأردنية ، وكثير من علماء الشام ، إصدار الفتاوى التي تشرح هذه القضية ، وتبين صحة العمل بالتقسيم ( الأميري ) أو باللغة العامية (المِيري)، بناء على التخريج السابق . للمراجعة ، ينظر على سبيل المثال :
http://www.aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=2899#.U272YoGSzng

هذا وقد مر قانون الأراضي الأميرية بمراحل كثيرة في الدولة العثمانية ، تفاوتت فيها القسمة ما بين زمان وزمان ، ثم بعد انتهاء الخلافة ، آل الأمر إلى الدول الإسلامية المتفرقة التي ورثت هذا القانون وتطبيقاته ، فاستمرت بعض الدول على ما استقر عليه القانون العثماني ، وبعضهم غير وبدل .
وللاطلاع على تفاصيل مراحل التقسيم ( الأميري ) يمكن الرجوع إلى كتاب ” الفريدة في حساب الفريضة ” (172-206) للشيخ محمد نسيب البيطار رحمه الله ، قاضي القدس الشرعي الأسبق .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android