0 / 0

هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السكن في ” تهودة ” ولعنها ؟

السؤال: 218704

نحن من سكان مدينة سيدي عقبة بالجزائر بقربنا قرية تسمى ( تهودة ) ، وهو المكان الذي استشهد فيه عقبة بن نافع ، وقد وجدت هذا الأثر : وروى أبو المهاجر عن رجاله عن شهر بن حوشب أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سكنى هذه البقعة الملعونة الّتي يقال لها تهوذا ، ( ويقال إنّه قال ) : سوف يقتل بها رجال من أمّتي على الجهاد في سبيل الله ثوابهم ثواب أهل بدر وأهل أحد ، والله ما بدّلوا حتّى ماتوا .
وكان شهر بن حوشب يقول : وا شوقاه إليهم . وكان يقول : سألت بعض التابعين عن هذه العصابة ، فقال : ذلك عقبة بن نافع قتله البربر والنصارى بمدينة يقال لها تهوذا ، فمنها يحشرون يوم القيامة وسيوفهم على عواتقهم حتّى يقفوا بين يدي الله تعالى .
حيث يذكر أن هذا المكان ( تهودة ) مكانا ملعونا .
السؤال هو :
1. هل هذه الأحاديث صحيحة وما درجتها ؟
2. ما حكم السكن والاستقرار بهذه الأماكن الملعونة ؟
3 هل وردت في السنة أحاديث تبين أنه لا يجوز السكن بالأماكن الملعونة وما هي ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
هذا الحديث المذكور في السؤال حديث موضوع لا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وبيان ذلك :
قال أبو العرب محمد بن أحمد التميمي رحمه الله في كتاب ” طبقات علماء إفريقية ” (ص/9-10) :
قَرَأْتُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَلْشُونِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُقَاتِلٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، أَنَّ هَذِهِ الْبُقْعَةَ الْمَلْعُونَةَ، الَّتِي يُقَالُ لَهُا: تَهُودَهْ، كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنْ سُكْنَاهَا، وَقَالَ: ( سَوْفَ يُقْتَلُ بِهَا رِجَالٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثَوَابُهُمْ ثَوَابُ أَهْلِ بَدْرٍ، وَأَهْلِ أُحُدٍ، وَاللَّهِ مَا بَدَّلُوا حَتَّى مَاتُوا، وَاشَوْقَاهُ إِلَيْهِمْ ) .
وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ : سَأَلْتُ التَّابِعِينَ عَنْ هَذِهِ الْعِصَابَةِ ، فَقَالُوا : ذَلِكَ عُقْبَةُ وَأَصْحَابُهُ ، قَتَلَهُمُ الْبَرْبَرُ ، وَالنَّصَارَى بِتَهُودَهْ ، فَمِنْهَا يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَأَسْيَافُهُمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ ، حَتَّى يَقِفُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى .

وهذا خبر موضوع ، وفيه علل :
– إسحاق وأبوه ضعيفان في الحديث . قَالَ أَبُو الْعَرَبِ في ترجمتهما : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، وَحَدِيثُهُ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ ، مَا يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ حَالِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ رِوَايَتِهِ .
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ : وَحَدَّثَنِي أَبِي أَحْمَدُ بْنُ تَمِيمٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: كَانَ أُمَرَاءُ بَنِي الأَغْلَبِ يُرْسِلُونَ إِلَى إِسْحَاقَ ، فَيَكُونُ عِنْدَهُمْ مِنْ رَمَضَانَ فَيُحَدِّثُهُمْ بِتِلْكَ الْعَجَائِبِ ، حَتَّى يَقْطَعَ بِهِمْ طُولَ النَّهَارِ.
” طبقات علماء إفريقية ” (ص/98)
– مقاتل ، هو ابن سليمان ، كذبه وكيع والنسائي ، وقال الجوزجاني : كان دجالا جسورا ، وقال ابن حبان : كان يشبه الرب بالمخلوقات ، وكان يكذب في الحديث .
” ميزان الاعتدال ” (4/ 174-175) .
– وهب بن منبه ، وشهر بن حوشب – على ضعف فيه – تابعيان ، فالحديث – على شدة ضعف إسناده – مرسل .

فالحديث موضوع لا يصح الاستدلال به ولا نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا حرج في سكنى هذه البقعة ، ولا يجوز النهي عن سكناها ، كما لا يجوز لعنها .

ثانيا :
لا نعلم في السنة الصحيحة شيئا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن أرضا أو بلدا بعينها ، ونهى عن سكناها ، وغاية ما صح في ذلك ما رواه البخاري (4419) ، ومسلم (2980) عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : لَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحِجْرِ قَالَ : ( لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ ، إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ) ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الوَادِيَ .
وروى الذهبي في ” السير ” (6/ 657) عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ : مَرَّ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَسَلَّمَ بِوَادِي ثَمُوْدَ فَقَالَ : ( أَسْرِعُوا السَّيْرَ فَإِنَّ هَذَا واد ملعون ) ، قال الذهبي : ” هذا مرسل جيد ” .
وله شاهد يرويه البزار (3971) من طريق عَلِيّ بْن زَيْدٍ ، عن عَبْد اللَّهِ بْن قُدَامَةَ بْنِ صَخْرٍ عن أبي ذر مرفوعا بنحوه .
وعبد الله بن قدامة : قال في ” التهذيب ” (5/360) : ” لم أجد لعبد الله بن قدامة هذا ذكرا إلا في هذا الحديث ” .
وعلي بن زيد ، هو ابن جدعان ، وهو ضعيف ، له مناكير ، انظر ” التهذيب ” (7/323)
والأول أصح .

وأما ما رواه أبو داود (490) عن أبي صالح الغفاري أن عليا رضي الله عنه مر ببابل وهو يسير فجاءه المؤذن يؤذن بصلاة العصر ، فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة فلما فرغ قال : ( إن حبيبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي في المقبرة ، ونهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة ) فضعيف ، ضعفه الحافظ في ” الفتح ” (1/530) ، وكذا ضعفه الألباني في ” ضعيف أبي داود ”

فأماكن القوم المعذبين لا يسكن فيها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدخول عليهم ، ولما مر بهم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز واديهم .
فأي بقعة من الأرض نعلم – يقينا – أنها مقبرة القوم المكذبين : فهذه لا تسكن ، ولا يدخل على أهلها إلا أن نكون باكين ، خشية أن يصيبنا ما أصابهم من العذاب .
وانظر لمزيد الفائدة إلى جواب السؤال رقم : (112160) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android