0 / 0

لم يثبت أن معاوية سب عليا رضي الله عنهما

السؤال: 219799

هل يجوز لنا أن نقول بأن معاوية سب رسول الله نفسه -صلى الله عليه وسلم- لأنه هو وأمراؤه من بعده سبوا عليا -كرم الله تعالى وجهه- لمدة خمسين سنة تقريبا ( ولم تتوقف في النهاية إلا بأمر من الخليفة عمر بن عبد العزيز -رضي الله تعالى عنه-)؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

لم يسب معاوية عليا رضي الله عنهما ولم يأمر بذلك ؛ لما يلي :

1- لم يثبت بسند صحيح سب معاوية  لعلي  رضي الله عنهما .

قال القرطبي رحمه الله تعالى : ” يبعد على معاوية أن يصرح بلعنه وسبّه ، لما كان معاوية موصوفاً به من العقل والدين ، والحلم وكرم الأخلاق ، وما يروى عنه من ذلك فأكثره كذب لا يصح ، وأصح ما فيها قوله لسعد بن أبي وقاص: ما يمنعك أن تسب أبا تراب ؟  

وهذا ليس بتصريح بالسب ، وإنما هو سؤال عن سبب امتناعه ليستخرج ما عنده من ذلك ، أو من نقيضه ، كما قد ظهر من جوابه ، ولما سمع ذلك معاوية سكت وأذعن ، وعرف الحق لمستحقه …

وأما التصريح باللّعن ، وركيك القول ، كما قد اقتحمه جهّال بني أمية وسفلتهم ، فحاش معاوية منه ، ومن كان على مثل حاله من الصحبة ، والدّين ، والفضل ، والحلم ، والعلم ، والله تعالى أعلم ”  انتهى من ” المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ” ( 6 / 278 – 279 ) .

وقال الألوسي رحمه الله تعالى : ”  وما يذكره المؤرخون من أن معاوية رضي الله تعالى عنه كان يقع في الأمير – علي –  كرم الله تعالى وجهه بعد وفاته ويظهر ما يظهر في حقه ، ويتكلم بما يتكلم في شأنه مما لا ينبغي أن يعول عليه أو يلتفت إليه ؛ لأن المؤرخين ينقلون ما خبث وطاب ، ولا يميزون بين الصحيح والموضوع والضعيف ، وأكثرهم حاطب ليل ، لا يدري ما يجمع ، فالاعتماد على مثل ذلك في مثل هذا المقام الخطر والطريق الوعر مما لا يليق بشأن عاقل ، فضلا عن فاضل  ”  انتهى من ” صب العذاب على من سب الأصحاب ” ( ص 421 ) .

2- المعروف عن معاوية أنه كان يحفظ فضل علي رضي الله عنه ولا ينكره .

فقد جاء أبو مسلم الخولاني وأناس إلى معاوية ، وقالوا : ” أنت تنازع عليا أم أنت مثلُه ؟ فقال: لا والله ، إني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر مني ، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما ، وأنا ابن عمه ،  والطالب بدمه ، فأتوه ، فقولوا له ، فليدفع إليّ قتلة عثمان ، وأُسَلِّم له . فأتوا عليا ، فكلموه ، فلم يدفعهم إليه ” انتهى من ” سير أعلام النبلاء ” ( 3/ 140 ).

ودخل أبو الدرداء وأبو أمامة رضي الله عنهما على معاوية : فقالا له: ” يا معاوية ، علام تقاتل هذا الرجل ؟ فو الله إنه لأقدم منك ومن أبيك سَلْماً ، وأقرب منك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحق بهذا الأمر منك . فقال : أقاتله على دم عثمان ، وأنه أوى قتلته ، فاذهبا إليه فقولا له فليُقِدنا من قتلة عثمان ، ثم أنا أول من يبايعه من أهل الشام ” انتهى من ” البداية والنهاية” ( 10/508 ) .

3- اشتهر معاوية رضي الله عنه بالحلم وعدم الغضب وأصبح مضرب المثل في ذلك .

فقد كان معاوية وهو ملك يعفو ويتجاوز عمن يسبه علانية ، فهل يعقل أن يقوم مَنْ هذا خُلُقُه بسب أفاضل الناس ؟!

ولمزيد الفائدة راجع مقالة الشيخ سليمان الخراشي في رد هذه الفرية على الرابط الآتي :

http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/79.htm

ثانيا :

الذين يسعون اليوم للقدح في معاوية رضي الله عنه هم الذين يسيئون إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى أصحابه رضي الله عنهم .

فهم يسيئون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه صلى الله عليه وسلم ائتمن معاوية وقربه منه وجعله كاتبا من كتاب الوحي ، وهم يضادون هذه التزكية النبوية بطعنهم في معاوية رضي الله عنه .

ويسيئون إلى الصحابة رضي الله عنهم ، فهذا الحسن بن علي رضي الله عنه وحفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تنازل عن الخلافة وبايع معاوية رضي الله عنه وبايع معه المسلمون وفيهم الصحابة ، فمن يطعن في معاوية يطعن في الحسن وفي الصحابة الذين بايعوا معاوية رضي الله عنهم أجمعين .

وللفائدة راجع الفتوى رقم ( 140984 ) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android