أريد استشارتكم في أمري ، أنا عمري 24 سنة متخرجة ، -والحمد لله – على دين ، وأخشى الله ، مشكلتي أنه تقدم لخطبتي في رمضان الفارط جارنا الذي يفوقني بخمسة عشرة سنة ، ولم يكن بيننا أي علاقة في السابق ، هو إنسان محترم جداً ، وعلى خلق وملتزم أخلاقياً، ويخاف الله ، ومقيم لصلاة ، وفي علاقته معي محترم جداً، المشكلة الوحيدة أنه بخيل ، فنحن من عادة الخاطب أن يعين خطيبته ولو بالقليل والبسيط ، ورغم أن ظروفي المادية صعبة جداً ، فلا أجرؤ أن أطلب منه شيئا ، مع العلم أنه يعمل مهندسا وظروفه المادية جيدة جداً ، كل ليلة أنام وأنا أبكي ، أقول سبحان الله هل أتركه رغم تدينه لأنه بخيل ، أم أصبر .
فما نصيحتكم لي بخصوص هذا الأمر ؟
هل تترك خطيبها لأنه بخيل؟
السؤال: 220658
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
البخل صفة مذمومة ، وقد جاء ذمه في نصوص الكتاب والسنة .
حتى روى البخاري في ” الأدب المفرد ” (296) عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلِمَةَ ؟ ) قُلْنَا: جُدُّ بْنُ قَيْسٍ ، عَلَى أَنَّا نُبَخِّلُهُ ، قَالَ: ( وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ ؟ بَلْ سَيِّدُكُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ ) ، وصححه الألباني في ” صحيح الأدب المفرد ” .
ولكن ما ذكرتيه ليس كافيا في وصف الخاطب بالبخل فقد يكون غير منتبه إلى أنه ينبغي أن يقدم الخطيب لخطيبته بعض الهدايا والأموال مراعاة للعرف السائد في بلادكم ، أو يرى أنه لا ضير عليه من مخالفة هذا العرف ، ونحو ذلك من الأعذار ، فالحكم على الشخص بأنه بخيل لا يكون من موقف واحد ، بل لابد من تعدد المواقف حتى يمكن الحكم عليه حكما صحيحا .
ويمكنك – عن طريق وليك- السؤال عنه وعن علاقته مع أهله في البيت ومع أصحابه ، ويمكن مصارحته في هذا الأمر ولكن ليس عن طريقك أنت ، ثم بعد ذلك إن تبين لك أنه ليس بخيلاً فننصحك بقبوله وقد ذكرت أنه على خلق ودين .
أما إن ظهر لك أنه بخيل فالنصيحة لك أن تفسخي تلك الخطوبة ، لأن داء البخل من أسوأ الأدواء والصفات السيئة التي يوصف بها الإنسان وقد حذر العلماء والأئمة من معاشرة البخيل ومعاملته .
قَالَ حُبَيْشُ بْنُ مُبَشِّرٍ الثَّقَفِيُّ الْفَقِيهُ : ” قعدت مَعَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ ، وَالنَّاسُ مُتَوَافِرُونَ فَأَجْمَعُوا أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ رَجُلًا صَالِحًا بَخِيلًا ” .
وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ الْحَافِي – رَحِمَهُ اللَّهُ -: ” لَا تُزَوِّجْ الْبَخِيلَ وَلَا تُعَامِلُهُ “.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ : ” كَانَ ذَا عَقْلٍ وَدِينٍ وَلِسَانٍ وَبَيَانٍ وَفَهْمٍ وَذَكَاءٍ وَحَزْمٍ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُنْسَبُ إلَى الْبُخْلِ وَهُوَ دَاءٌ دَوِيٌّ يَقْدَحُ فِي الْمُرُوءَةِ “.
” الآداب الشرعية ” (3/ 313) .
وتراجع للفائدة الفتوى رقم : (197267) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة