0 / 0

طلقها الثالثة ويريدها أن ترجع إليه ويدعي أن النكاح لم يكن صحيحا

السؤال: 220695

أخت أسلمت وتزوجت من مسلم وفي عقد النكاح حضر شخصان واحد بصفة شاهد وآخر كولي وشاهد وقاضي ، المشكل أنها طلقت ثلاث مرات ، لكن طليقها أقنعها بالرجوع معها مرة أخرى باعتبار الزواج الأول باطل ، فما رأيكم من فضلكم من ناحية العقد الاول و الرجوع إليه بعد الطلاق ثلاث مرات.
تزوج وحضر العقد شخصان أحدهما بصفته شاهد والآخر ولي وشاهد ، ثم طلق ثلاثا ويقنع زوجته بالرجوع بحجة أن الزواج الأول باطل .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
المرأة التي ليس لها ولي – كالتي أسلمت دون أهلها – يتولى عقد نكاحها القاضي الشرعي ، فإذا كانت المرأة في موضع ليس فيه قاضٍ شرعي ، فيجوز لها أن تولي أمرها رجلاً عدلاً من المسلمين ليكون وليها ويعقد نكاحها . وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم : (212323).
ولا نعلم ما السبب الذي جعل الزوج يحكم على النكاح بأنه كان باطلاً . فلعل سبب ذلك أن الولي كان أحد الشاهدين ، وقد نص بعض العلماء على المنع من ذلك .
قال النووي رحمه الله : ” ……. وَأَمَّا أَبُوهَا فَوَلِيٌّ عَاقِدٌ ، فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا ” . انتهى من “روضة الطالبين وعمدة المفتين” (7 / 46).
والجواب على هذا ؛ بأنه إذا كان قد تم إعلان النكاح وإشهاره بين الناس فإنه يكون صحيحا ، وهذا الإعلان يغني عن الشهادة ، بل هو أقوى منها . وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (112112) .
ثانيا :
على فرض أن النكاح لم يكن صحيحاً ، فقد عقد الرجل وكذلك المرأة وهما يعتقدان صحة هذا النكاح فإذا طلق وقع الطلاق وحسب عليه ، وقد نص العلماء على أن الطلاق يقع في النكاح الفاسد ، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَكَانَ وَلِيُّ نِكَاحِهَا فَاسِقًا : فَهَلْ يَصِحُّ عَقْدُ الْفَاسِقِ ؛ بِحَيْثُ إذَا طَلَقَتْ ثَلَاثًا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ نِكَاحِ غَيْرِهِ ؟ أَوْ لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِعَقْدِ جَدِيدٍ وَوَلِيٍّ مُرْشِدٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْكِحَهَا غَيْرَهُ ؟
فَأَجَابَ : ” الْحَمْدُ لِلَّهِ ، إنْ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ ؟ وَلَيْسَ لِأَحَدِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْوَلِيِّ : هَلْ كَانَ عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا ؛ لِيَجْعَلَ فِسْقَ الْوَلِيِّ ذَرِيعَةً إلَى عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ ؛ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ يُصَحِّحُونَ وِلَايَةَ الْفَاسِقِ وَأَكْثَرَهُمْ يُوقِعُونَ الطَّلَاقَ فِي مِثْلِ هَذَا النِّكَاحِ ؛ بَلْ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ …
وَهَذَا الزَّوْجُ كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَلَوْ مَاتَتْ لَوَرِثَهَا : فَهُوَ عَامِلٌ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ فَكَيْفَ يَعْمَلُ بَعْدَ الطَّلَاقِ عَلَى فَسَادِهِ فَيَكُونُ النِّكَاحُ صَحِيحًا إذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي صِحَّتِهِ ، فَاسِدًا إذْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي فَسَادِهِ ؟ وَهَذَا الْقَوْلُ يُخَالِفُ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ الشَّيْءِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَافَقَ غَرَضَهُ أَوْ خَالَفَهُ ، وَمَنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَ ذَلِكَ فِي الْحَالَيْنِ . وَهَؤُلَاءِ الْمُطَلِّقُونَ لَا يُفَكِّرُونَ فِي فَسَادِ النِّكَاحِ بِفِسْقِ الْوَلِيِّ إلَّا عِنْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ، لَا عِنْدَ الِاسْتِمْتَاعِ وَالتَّوَارُثِ فَيَكُونُونَ فِي وَقْتٍ يُقَلِّدُونَ مَنْ يُفْسِدُهُ ، وَفِي وَقْتٍ يُقَلِّدُونَ مَنْ يُصَحِّحُهُ بِحَسَبِ الْغَرَضِ وَالْهَوَى ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (32 / 100).
وقال أيضا رحمه الله : ” وَمَنْ أَخَذَ يَنْظُرُ بَعْدَ الطَّلَاقِ فِي صِفَةِ الْعَقْدِ ، وَلَمْ يَنْظُرْ فِي صِفَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ : فَهُوَ مِنْ الْمُتَعَدِّينَ لِحُدُودِ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَحِلَّ مَحَارِمَ اللَّهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَبَعْدَهُ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (32 / 101).
وقال البهوتي رحمه الله : “ويقع الطلاق في النكاح المختلف في صحته كالنكاح بولاية فاسق ، أو النكاح بشهادة فاسقين ، أو بنكاح الأخت في عدة أختها البائن ، أو نكاح الشغار ، أو نكاح المحلل ، أو بلا شهود ، أو بلا ولي وما أشبه ذلك ، كنكاح الزانية في عدتها أو قبل توبتها ” انتهى من “كشاف القناع” (5/237) ، ويراجع في ذلك الفتوى رقم : (116575).
وخلاصة الجواب : أن الطلاق واقع سواء قلنا بصحة النكاح أو بفساده ، فلا يجوز لهذه المرأة أن تعود إلى مطلقها حتى تنكح زوجا غيره .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android