تنزيل
0 / 0

لا تناقض – بحمد الله – بين آيات الكتاب المجيد .

السؤال: 221775

هل هناك تناقض بين الآية 155 من سورة البقرة مع الآية الأخيرة من سورة المُلك ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ليس في كتاب ربنا – بحمده سبحانه – تناقض ، ولو كان فيه تناقض لسارع المنافقون
والكافرون بالنيل منه ، ولظفروا منه ببغيتهم ، وقد قال الله تعالى : ( أَفَلَا
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا
فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) النساء/ 82 .

قال السعدي رحمه الله :
” يأمر تعالى بتدبر كتابه ، وهو التأمل في معانيه ، وتحديق الفكر فيه …
ومن فوائد التدبر لكتاب الله : أنه بذلك يصل العبد إلى درجة اليقين والعلم بأنه
كلام الله ؛ لأنه يراه يصدق بعضه بعضا ، ويوافق بعضه بعضا . فترى الحكم والقصة
والإخبارات تعاد في القرآن في عدة مواضع ، كلها متوافقة متصادقة ، لا ينقض بعضها
بعضا ، فبذلك يعلم كمال القرآن وأنه من عند من أحاط علمه بجميع الأمور ، فلذلك قال
تعالى : ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) أي : فلما كان من
عند الله لم يكن فيه اختلاف أصلا ” انتهى من ” تفسير السعدي ” (ص/189) .

ثانيا :
الآية الأولى التي يسأل عنها السائل ، يقول الله عز وجل : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ
وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ
قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ
صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة/
155 – 157 .
فيخبر تَعَالَى أَنَّهُ يَبْتَلِي عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ : يَخْتَبِرُهُمْ
وَيَمْتَحِنُهُمْ ، فَتَارَةً بِالسَّرَّاءِ ، وَتَارَةً بِالضَّرَّاءِ مِنْ خَوْفٍ
وَجُوعٍ ، ( وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ ) أَيْ : ذَهَابُ بَعْضِهَا ( وَالأنْفُسِ )
كَمَوْتِ الْأَصْحَابِ وَالْأَقَارِبِ وَالْأَحْبَابِ ( وَالثَّمَرَاتِ ) أَيْ :
لَا تُغِلّ الْحَدَائِقُ وَالْمَزَارِعُ كَعَادَتِهَا . فيَخْتَبِرُ اللَّهُ
عِبَادَهُ ، فَمَنْ صَبَرَ أَثَابَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ قَنَطَ أَحَلَّ اللَّهُ بِهِ
عِقَابَهُ . وَلِهَذَا قَالَ : ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) .
انظر : ” تفسير ابن كثير ” (1/467-468) .
وانظر إجابة السؤال رقم : (159103) .

وأما الآية الثانية التي في
آخر سورة الملك فيقول الله عز وجل : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ
غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ) الملك/ 30 .
فيخبر سبحانه عن انفراده بالنعم ، لاسيما هذه النعمة العظيمة وهي نعمة الماء فقال :
( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا ) أي : غائرا ذاهبا في الأرض إلى أسفل . ( فمن
يأتيكم بماء معين ) تشربون منه ، وتسقون أنعامكم وأشجاركم وزروعكم ؟ وهذا استفهام
بمعنى النفي ، أي : لا يقدر أحد على ذلك غير الله تعالى .
انظر : ” تفسير ابن كثير ” (8/183) ، ” تفسير السعدي ” (ص/878) .

وبعد معرفة تفسير الآيتين
يتبين أنه لا تناقض بينهما ، فإن الآية الأولى تتحدث عما يقدره الله تعالى من
البلاء على عباده ، ليعلم الشاكر والصابر منهم من القانط اليائس ، فيجازي كلا بما
عمل .
والآية الثانية تتحدث عن حاجة العباد إلى الله ، وأنهم لا يمكنهم الاستغناء عنه في
أي شيء من أمورهم ، حتى هذا الماء الذي يحصل عليه كل أحد وهو في متناول الجميع
صغيرا وكبيرا إذا أغاره الله في الأرض ، لم يقدر على استخراجه أحد ، ولو اجتمع الجن
والإنس ؛ لأنه نعمة من الله ونعم الله لا يملكها أحد غيره .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android