0 / 0
19,90820/10/2014

محبة الرجل لزوجاته في الجنة على أكمل وصف وأحسن حال

السؤال: 221930

إذا كان للرجل أكثر من زوجة ودخل الجنة فمن منهن ستكون أقرب إليه ؟ وماذا لو كان له زوجتان وأحب الصغرى أكثر من الكبرى في الدنيا ، فهل ستحظى الصغرى بقربه في الجنة أكثر من الكبرى ؟ أم أن كليهما سيقعن من نفسه الموقع ذاته ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

التفتيش في أمور الغيب ، وطلب مزيد التفصيل فيما لم تأت نصوص الشرع به ، من الفضول المذموم ، ومما لا ينبغي الانشغال به .
والواجب الإيمان بالغيب : إجمالا فيما أجمل ، وتفصيلا فيما فصل ، وما عدا ذلك ، فلا ينبغي للمرء أن ينشغل به .
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّاعَةِ ، فَقَالَ : مَتَى السَّاعَةُ ؟
قَالَ : ( وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا ) ؟
رواه البخاري (3485) ، ومسلم (2639) .
فعن جواب ذلك السؤال ينبغي أن يبحث العبد الناصح لنفسه : ماذا أعددت للساعة ؟ وماذا أعددت من سبيل يوصلك إلى الجنة ؟ وماذا أعددت من عمل تلقى الله به ، وتسأله به جنته ؟

وكون الرجل من أهل الجنة إذا كان له زوجتان في الدنيا : أيهما ستكون أقرب إليه في الجنة ؟ هل سيكونان منه بمنزلة واحدة ؟ أم إنه سيحب إحداهما أكثر من الأخرى ، كما كان يفعل في الدنيا ؟ فهذا ونحوه من فضول المسائل ، التي لا يحسن بالعبد أن يشغل نفسه بها .

ولكن هناك بعض الأصول التي دلت عليها النصوص الشرعية فيما يخص هذا الباب ، نذكر منها :
أولاً : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، فلا نصب فيها ، ولا تعب ، ولا تنغيص ، ولا بغض ، ولا حسد ، ولا شيء مما يعانيه أهل الدنيا من الكروب والهموم والغموم ، رجالا ونساء .
قال تعالى : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ) الحجر/ 45 – 48 .

ثانياً : مما يمن الله به على عبده المؤمن : أن يجمع بينه وبين أحبائه في الدنيا في دار كرامته إذا كانوا من الصالحين ؛ ليكون ذلك أقر لعينه وأشرح لصدره ، وإن لم يكونوا في الدنيا على درجة واحدة من الصلاح .
قال تعالى : ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ) الرعد/ 23 .

قال ابن كثير رحمه الله :
” أَيْ : يُجْمَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَحْبَابِهِمْ فِيهَا مِنَ الْآبَاءِ وَالْأَهْلِينَ وَالْأَبْنَاءِ ، مِمَّنْ هُوَ صَالِحٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ؛ لِتَقَرَّ أَعْيُنُهُمْ بِهِمْ ، حَتَّى إِنَّهُ تُرْفَعُ دَرَجَةُ الْأَدْنَى إِلَى دَرَجَةِ الْأَعْلَى ، مِنْ غَيْرِ تَنْقِيصٍ لِذَلِكَ الْأَعْلَى عَنْ دَرَجَتِهِ ، بَلِ امْتِنَانًا مِنَ اللَّهِ وَإِحْسَانًا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شِيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ )الطَّوْرِ/ 21 ” انتهى من ” تفسير ابن كثير ” (4/451) .

ثالثاً : ما كان في الدنيا بين الزوجين من تنافر وكراهية وتباغض ، فإن الله عز وجل يرفعه عن صدورهما ، إذا قدر اجتماعهما في الجنة .
وما كان من حب ووئام وألفة ، فإن الله تعالى يزيده في الجنة ، بما لا مزيد عليه .
قال تعالى : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ) الأعراف/ 43 ، وروى البخاري (3245) ، ومسلم (2834) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ، لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا ، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الحُسْنِ ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) .

رابعاً : لا يزداد الزوجان في الجنة إلا حسنا وجمالا .
روى مسلم (2833) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا ، يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ ، فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ ، فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا ، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ : وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا ، فَيَقُولُونَ : وَأَنْتُمْ ، وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا ) .

والحاصل :
أن تفاصيل أحوال الرجل مع زوجاته في الجنة لا يعلمها إلا الله ، والذي نعلمه من نصوص الكتاب والسنة أن الرجل يعيش مع زوجاته في الجنة في أرغد عيش وأحسن حال ، ولا يضر من كانت منزلته أدنى من صاحبه أن يرى صاحبه بالمحل الأعلى ، فإن الله تعالى يجعل في قلوب أهل الجنة تمام الرضا والغبطة والسرور بما هم فيه من النعيم المقيم ، دون أن يحقد أحد على أحد ، أو يحسد أحد أحدا ، أو يغار أحد من أحد ، رجالا ونساء .

وينظر للفائدة في جواب السؤال رقم : (129772) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android