تنزيل
0 / 0
53,32909/09/2014

من المقصود بقوله تعالى : ( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ .. ) ؟

السؤال: 222699

توجد آية تقول إن المشركين وما يعبدون سيكونون في النار ، فما بال الذين يعبدون المسيح وعليا ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

قال تعالى : ( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ
أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ
فِيهَا خَالِدُونَ * لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ
الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا
يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ) سورة
الأنبياء/98-102 .

فهذه الآية لا يؤخذ منها أن
كل المعبودين من دون الله ، يشملهم ذلك الوعيد الوارد في الآيات السابقات ، وذلك
لأمور :
1. أن الآية محمولة على الأصنام والأوثان ؛ ويدل على ذلك أنه جاء التعبير في الآية
بـ ” ما ” الدالة على غير العاقل .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : ” والآية المذكورة إنما عبر الله فيها
بلفظة ( مَا ) التي هي في الموضع العربي لغير العقلاء ؛ لأنه قال : ( إِنَّكُمْ
وَمَا تَعْبُدُونَ ) ، ولم يقل : ” ومن ” تعبدون ، وذلك صريح في أن المراد الأصنام
، وأنه لا يتناول عيسى ولا عزيرا ولا الملائكة ، كما أوضح تعالى أنه لم يرد ذلك
بقوله تعالى بعده : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى ) .
وإذا كانوا يعلمون من لغتهم أن الآية الكريمة ، لم تتناول عيسى بمقتضى لسانهم
العربي ، الذي نزل به القرآن ، تحققنا أنهم ما ضربوا عيسى مثلا ، إلا لأجل الجدل ،
والخصومة بالباطل ” انتهى من ” أضواء البيان ” (7/124) .

2. في الآيات ما يدل على أن
هناك استثناء ، فعيسى ابن مريم والملائكة ، وكل من عبد وهو غير راض ، فإنه لا يشمله
ذلك الوعيد ، وذلك في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا
الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ) .

قال ابن كثير رحمه الله : ”
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتِ اسْتِثْنَاءً مِنَ الْمَعْبُودِينَ ، وَخَرَجَ
مِنْهُمْ عُزَيْرٌ وَالْمَسِيحُ ، كَمَا قَالَ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرِ
، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ : ( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ) ،
ثُمَّ اسْتَثْنَى ، فَقَالَ : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى
) فَيُقَالُ : هُمُ الْمَلَائِكَةُ ، وَعِيسَى … ” انتهى من ” تفسير ابن كثير ”
(5/ 379) .
وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ما يؤيد القول بالاستثناء :
فعن ابن عباسٍ : لمَّا نزلت إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله حَصَبُ
جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ
[الانبياء:98] قالَ عبدُ الله بنُ الزبعرى :
أنا أخاصمُ لكُم محمدًا فقالَ : يا محمدُ ! أليسَ فيما أُنزل عليكَ : إِنَّكُمْ
وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله
الآية [الانبياء: 98]؟
قالَ : ( نعم ) . قال : فهذهِ النصارىَ تعبدُ عيسىَ ، وهذه اليهودُ تعبدُ عزيرًا ،
وهذه بنو تميمٍ تعبدُ الملائكةَ ، فهؤلاءِ في النارِ ، فأنزل الله تعالى إِنَّ
الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ

[الانبياء:101] .
رواه الطحاوي في “شرح مشكل الآثار” (985) ، وغيره ، وقال ابن كثير رحمه الله : ”
قول ابن الزبعرى هذا ، مشهور في كتب التفسير والسير والمغازي”. انتهى من ” تحفة
الطالب” (288) .
وذكره الألباني في “صحيح السيرة” (197) ، والوادعي في “الصحيح المسند من أسباب
النزول” (135) ، وينظر أيضا : ” الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور” ، د. حكمت
بشير ياسين (3/397) .
وينظر للفائدة : “تخريج أحاديث الكشاف” للزيلعي (2/369) .

وقال الشيخ السعدي رحمه الله
: ” ودخول آلهة المشركين النار : إنما هو الأصنام ، أو من عبد ، وهو راض بعبادته .
وأما المسيح ، وعزير، والملائكة ونحوهم ، ممن عبد من الأولياء ، فإنهم لا يعذبون
فيها ، ويدخلون في قوله : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى )
أي : سبقت لهم سابقة السعادة في علم الله ، وفي اللوح المحفوظ وفي تيسيرهم في
الدنيا لليسرى والأعمال الصالحة ، ( أُولَئِكَ عَنْهَا ) أي : عن النار ، (
مُبْعَدُونَ ) فلا يدخلونها ، ولا يكونون قريبا منها ، بل يبعدون عنها ، غاية البعد
، حتى لا يسمعوا حسيسها ، ولا يروا شخصها ” انتهى من ” تفسير السعدي ” (ص/531).
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android