0 / 0

هل يجوز لهم هجر أختهم التي تزوجت بغير موافقتهم في المحكمة ؟

السؤال: 223494

امرأة مطلقة ، تزوجت من رجل غير كفء لها ، فهو أصغر منها بعشر سنوات ، وأقل في المستوى الاجتماعي منها ، وغلب على هدا الزوج استغلال ظروف الزوجة ، وتزوجت بغير رضى من إخوتها الرجال ، حيث إن والدها متوفى ، وعارض الإخوة والوالدة هذا الزواج ، ولكنها تزوجت في المحكمة ، بحكم أنها ثيب ، هل يجوز لإخوتها مقاطعتها ، وعدم صلتها ، لأنها ضربت برأيهم عرض الحائط ، أو يلحقهم إثم بقطع الرحم ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
يشترط لصحة النكاح أن يعقده ولي المرأة أو وكيله ، وأن يشهده شاهدان مسلمان عدلان ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه أبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ) رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة ، وصححه الألباني في ” صحيح الجامع ” برقم (7557) .

ولكن قد ذهب بعض الأئمة إلى أنه يجوز للمرأة أن تعقد النكاح لنفسها ، وقد أخذت بعض الدول الإسلامية بهذا القول ؛ وعلى ذلك : فإن كان النكاح قد تم في المحكمة ، أو على يد مأذون الأنكحة ، فهذا النكاح يحكم بصحته ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال : (132787) .
ثانيا :
ما فعلته هذه المرأة يختلف حكمه باختلاف الحال ، فإن كان هذا الذي تقدم للزواج منها كفؤا لها ، ونعني بالكفاءة هنا كفاءة الدين بمعنى أنه مسلم عفيف غير فاسق ، على الراجح من كلام أهل العلم في اعتبار الكفاءة ، كما بيناه في الفتوى رقم : (84306) ؛ فحينئذ لا يجوز لأهلها – ابتداء – أن يمنعوها من الزواج منه ، بحجة كون زوجها أصغر منها سنا ، أو أقل منها في المستوى الاجتماعي ، فهذا لا يقدح في كفاءته لها . فإن منعوها ولجأت إلى القضاء ليزوجها ، فلا تثريب عليها ، ولا حرج في فعلها ؛ لأنها لم تفعل إلا أن استوفت حقها في الزواج بمن تريده ، ومنع أهلها لها من ذلك ظلم لها ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (32580) ، وفي هذه الحالة لا يجوز لأهلها أن يهجروها ، وإلا كانوا يكررون الظلم لها مرة أخرى .
ويتأكد هذا الظلم إذا نظرنا إلى حال المرأة الثيب والمطلقة على وجه الخصوص ، وما تعانيه من ظلم اجتماعي ، وقلة فرص الزواج المناسب مرة أخرى ، بحيث يصبح كل أمل لها في الزواج ، والعفاف ، والاستقرار ، فرصة يصعب إضاعتها ، من غير سبب معتبر .
أما إن كان الذي تقدم لها غير كفء لها ؛ بمعنى أنه مبتدع أو فاسق ؛ فحينئذ يكون اعتراض أهلها في محله ؛ لأن الفاسق والمبتدع : ليس كفؤا لأن يزوج من المسلمة العفيفة .
قال النووي رحمه الله :
“وَالْفَاسِقُ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلْعَفِيفَةِ ، وَلَا تُعْتَبَرُ الشُّهْرَةُ ، بَلْ مَنْ لَا يُشْهَرُ بِالصَّلَاحِ كُفْءٌ لِلْمَشْهُورَةِ بِهِ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْفَاسِقُ كُفْئًا لِلْعَفِيفَةِ ، فَالْمُبْتَدِعِ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ كُفْئًا لِلنَّسِيبَةِ ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ – رَحِمَهُ اللَّهُ -.” .
انتهى من “روضة الطالبين” (7/81) .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى فسخ مثل هذا النكاح ، إذا وقع .
وينظر: “الشرح الكبير” الدردير ، و”حاشية الدسوقي : عليه (2 / 249) .
وحينئذ ؛ فإصرارها على الزواج منه ، مخالِفةً لأهلها ، وعاقَّة لأمها : يجعلها عاصية آثمة .
مع أن الذي نراه لأهلها ألا يهجروها ، حتى في هذه الحال ؛ لأن الزواج قد وقع وتم ، ومن الصعوبة بمكان : فسخه ورده مرة أخرى ، لا سيما مع الظروف الخاصة بأختكم ، والذي ننصحهم به : أن يحاولوا أن يستصلحوها هي وزوجها ، لعل الله سبحانه أن يصلحهما على أيديهم ، ويرزقهم العفاف ، ويكفيهم مؤنتها .
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android