0 / 0

حكم السّبّ باستعمال لفظة قسّام

السؤال: 223993

ما المقصود بلفظة قسام ؟

لأنه شائع في مجتمعنا هذا اللفظ وبعض الناس فينا يقر بأن معناها هو الله عز وجل ، وهو شائع بتوظيفه في عبارات مثل انزع منك قسامك ، واذهب تقسم بضم التاء وفتح القاف بشد السين وجرها.
فهل هذا كفر؟
وما حكم لعن الدين الاسلامي مثل قول لعن دينك ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

السّبّ باستعمال لفظة ” القسّام ” من العادات القبيحة التي اعتادها بعض السفهاء في بعض المناطق الجزائرية .
والظاهر أن المقصود بـ ” قسّام ” الله تعالى ، أي قسّام للأرزاق ، وهذا التركيب شائع في هذه المناطق فيقولون ” قسّام الأرزاق ” ويقصدون به الله تعالى .
ويؤيد هذا المعنى أنّ سفهاء هذه المناطق اعتادوا سبّ الله تعالى بألفاظ عدة .

وحكم هذا السّابّ فيه تفصيل :
فإن كان يعلم أنّ المقصود بهذه الكلمة : هو رب العالمين ، تبارك وتعالى ، ورغم ذلك تعمد السبَّ مختارا ، فهذا لا شكّ في كفره .
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى :
” لا خلاف أَنّ سابّ اللَّه تعالى من المسلمين كافر حلال الدّم ” .
انتهى من ” الشفا ” ( ص 832 ) .
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى :
” ومن سب الله تعالى ، كفر، سواء كان مازحا أو جادا ، وكذلك من استهزأ بالله تعالى ، أو بآياته أو برسله ، أو كتبه ، قال الله تعالى: ( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) ” انتهى من ” المغني ” ( 12 / 298 – 299 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” وقال الإمام إسحاق بن راهويه أحد الأئمة الأعلام : ” أجمع المسلمون على أن من سب الله ، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم ، أو دفع شيئا مما أنزل الله عز وجل ، أو قتل نبيا من أنبياء الله عز وجل أنه كافر بذلك ، وان كان مقرا بكل ما أنزل الله ” انتهى من ” الصارم المسلول ” ( 2 / 15 ) .

أما إن كان لا يدري أن المراد بها هو رب العالمين جل جلاله ، ولو علم ذلك لم يقدم على استعماله في السبّ ، وإنما هي صيغة في السب ، شاعت في بلده ، فتلقاها تقليدا لغيره ، دون معرفة بمعناها عندهم : فهذا يعذر بجهله لأن هذه الكلمات من الكلمات الخفية المدلول ، وكذلك إذا كان يفهمها بمعنى غير الذي ذكرناه سابقا.

ثانيا :
السّبّ باستعمال كلمة ( تقسّم ) لا يظهر لنا ما هو مدلوله ، فلا يحكم عليه حتى يستفصل قائل ذلك عن معناه .
وبكل حال ، فإن اللائق بالمسلم اجتناب مثل هذا السّب ؛ بل اجتناب السب والشتم مطلقا ؛ لأنه ليس من خلق المسلم السّبّ والشتم ،
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ ) رواه الترمذي (1977) وحسنه ، وصححه الألباني .
وليس من شأن المسلم ولا أدبه : أن يتكلم بكلام لا يعلم معناه ، ولو كان في الخير ؛ فكيف إذا كان في السب والشتم ، ومساوئ الأخلاق والأقوال ؟!

ثالثا :
لعن دين الإسلام كفر مخرج من الإسلام كما مرّ ذلك في أقوال أهل العلم السابق ذكرها .
وللفائدة راجع الفتاوى رقم : ( 42505 ) ، ورقم : ( 65551 ) ، ورقم : (149118 ) .

رابعا :
لعن دين الشخص أو دين أبيه أو أمه ونحو ذلك ، له حالات :
الحالة الأولى :
إذا كان الشخص الذي وجّه له السبّ مسلما ؛ فإن كان يقصد بدينه الإسلام فهذا لا شك في كفره ، أما إن كان قاصدا حالة الشخص وأنه متلاعب في تدينه ومتبع لشهواته وهواه ونحو هذا فقد صرح بعض العلماء بأنه لا يكفر في هذه الحالة ، لكن يؤدب حتى لا يرجع لمثل هذا الكلام .
جاء في ” فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ” ( 12 / 186 – 187 ) :
” من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة الأخ المكرم الشيخ عبد الملك بن إبراهيم رئيس عام هيئات الأمر بالمعروف في الحجاز.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته . وبعد:
فقد أطلعنا على المعاملة الواردة منكم برقم 47 وتاريخ 5/1/1381 الخاصة باعتراف سعد بن … بسب الدين ، والمثبت اعترافه لدى فضيلة رئيس المحكمة الكبرى بمكة المكرمة ، وأنه لم يثبت لدى فضيلته ما يوجب إقامه حد الردة بقتل سعد المذكور ، ويرى إحالته إلى القاضي المستعجلة الأولى للنظر في موضوع تعزير سعد . إلى أخرة ما ذكره .
ونفيدكم أننا باطلاعنا على أوراق المعاملة ، وعلى كتابة فضيلة رئيس المحكمة : لم يظهر لنا ما يوجب على سعد إقامه حد الردة ؛ إذ إنه لم يصرح بسب الإسلام ، وانما سب دين ذلك الرجل ، وهذا يحتمل أنه أراد أن تدين الرجل رديء ، والحدود تدرأ بالشبهات ، وبهذا تكون إحالة المذكور إلى القاضي المستعجلة لتقرير التعزير اللازم عليه وجيها . أما سجنه فانه يكتفيِ بما مضي له في السجن . والله يحفظكم ” .
وراجع للأهمية الفتوى رقم : ( 202699) .
الحالة الثانية :
إذا كان الشخص الذي وجّه له السبّ لا دين له أو مشركا ، فهذا لا بأس في لعنه لأنه لعن للكفر المحض ، إلا أن يتسبب ذلك السب ، في أن يسب المشرك دين الإسلام ، فيحرم حينئذ ؛ لقول الله تعالى : ( وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) الأنعام/108
الحالة الثالثة :
لعن دين النصراني واليهودي .
فإن كان يقصد بالنصرانية أو اليهودية : الدين الحق الذي أنزله الله من عنده ، أو ما بقي منه في أيدي الناس : فهذا كفر كذلك ، وأما إن كان يقصد لعن الباطل والمقولات الكفرية التي يتبعها ذلك النصراني أو اليهودي فهنا لا يكفر اللاعن .
سُئِلت ” اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ” :
” ما الحكم فيمن يقول : يلعن دين كارتر يقصد به الرئيس الأمريكي السابق ، أو ليس في هذا اللفظ سب لدين سماوي أنزل قبل نبينا محمد صلى الله على نبينا محمد وسلم ؟
فأجابت : اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله ، ولعن دين من الأديان السماوية كفر ويجب نصح من صدر منه ذلك وبيان أنه كفر ، فإن أصر على السب بعد بيان الحكم فهو كافر .
إلا أن يكون قصد بدين كارتر ما عليه النصارى اليوم من اعتقادهم أن عيسى هو ابن الله ، وأنه لا يلزمهم اتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، فهذا دين باطل وليس دينا سماويا ، بل هو دين محدث لا يكفر من سبه أو لعنه .
وننصحك بقراءة كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول ففيه من العلم في هذا الموضوع ما لا تكاد تجده في غيره .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز . ” .
انتهى من” فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء مج 1 ” ( 3 / 305 – 306 ) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android