0 / 0

طلقها زوجها تحت تهديد أهلها ثم ألغت المحكمة حكم الطلاق فماذا تفعل مع إصرار أهلها على الرفض؟

السؤال: 225974

تزوجت من رجل باختياري في عام 2009 ، ومنذ ذلك الحين وأنا أعيش مع أهلي وهو يعيش مع أهله بسبب معارضتهم لهذا الزواج ، ولا نزال نحاول إقناعهم بزواجنا ، وفي عام 2010 أجبرت عائلتي زوجي على التوقيع على أوراق الطلاق في المحكمة حيث هددوا بإيذاء زوجي وعائلته إن لم يرضخ للأمر ، وقد كانت أوراق الطلاق تنص على أنه طلقني ثلاث طلقات ، ولكنه أخبرني أنه لم يطلقني ، وأنّ فعله ذلك فقط لحمايتي وحماية عائلته من الأذى ، وبعد أن هدأت الأمور ذهب زوجي للمحكمة واعترض على حكم الطلاق محتجاً بقيامه بذلك تحت الإكراه ، ولذلك حكمت المحكمة بعدم وقوع الطلاق ، والسماح لنا بالعيش في منزل واحد ، ولكنّ أهلي لم يعترفوا بقرار المحكمة فهم يصرون على القول بأنني مطلقة ، وقد سببت لي هذه المشاكل الكثير من القلق واحتاج إلى التوجيه والنصيحة وأريد فتوى من عالم سني ، فما قولكم ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا ً :
ذهب جمهور العلماء إلى أن طلاق المكره لا يقع ، وهذا هو الصحيح ، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد ، وهو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ عَنْ الإمام أَحْمَدَ ، أَنَّ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ لَا يَقَعُ .
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ .
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ .
لقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ ، وَالنِّسْيَانَ ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ .
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (0 لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد . مَعْنَاهُ : فِي إكْرَاهٍ . لِأَنَّهُ إذَا أُكْرِهَ انْغَلَقَ عَلَيْهِ رَأْيُه ” .
انتهى من “المغني” (10/350) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” ولا يقع طلاق المكره ، والإكراه يحصل إما بالتهديد ، أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد ” .
انتهى من ” الاختيارات الفقهية ” (ص 366) .
وقال ابن القيم رحمه الله : “وَقَدْ أَفْتَى الصَّحَابَةُ بِعَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَإِقْرَارِهِ ، فَصَحَّ ذلك عَنْ عمر . وَكَانَ علي لَا يُجِيزُ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ، وَقَالَ ثابت الأعرج: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ وابن الزبير عَنْ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ، فَقَالَا جَمِيعًا: لَيْسَ بِشَيْءٍ” انتهى من “إعلام الموقعين” (5/189) .
فإذا كان الأمر كما ذكرت – من أن عائلتك هددت زوجك بإيذائه وإيذاء عائلته – فهذا الطلاق لا يقع ، ولا تزال الزوجية قائمة بينكما .
ثانيا :
يحرم على الولي أن يمنع موليته من الزواج برجل كفء لها إذا رضيته .
وفي الوقت ذاته فإن زواج الفتاة بدون إذن أهلها ينطوي على كثير من المشاكل التي تستمر سنوات ، وقد تستمر إلى نهاية العمر ، ولعل هذا من الأسباب التي من أجلها حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه (لا نكاح إلا بولي) .
ولا يمكننا توجيه نصيحة لك بالاستمرار في هذا الزواج أو عدمه ، لأننا لا نعلم تفاصيل القضية ، وما هو السبب الذي جعل أهلك يصرون على موقفهم المتشدد طيلة هذه السنوات حتى وصل الأمر إلى تهديد زوجك .
ولكن نضع أمامك بعض الأمور التي تساعدك في اتخاذ القرار ، فأنت أمامك خياران أحلاهما مُرٌّ : إما الاستمرار في هذا الزواج ، وهذا يعني أنك قد تخسرين أهلك وتفسدين ما بينكما من علاقة ، وقد يمتد ذلك إلى الممات ، وإما أن تخسري زوجك بعد كل هذه السنوات .
ومما يساعدك على الاختيار : طبيعة العلاقة بينك وبين أهلك هل هي مستقرة وودية ولم يعكر عليها إلا هذه المشكلة فقط ؟! بحيث إذا انتهت المشكلة فقد انتهى كل شيء ، أو أن العلاقات ليست على ما يرام بقطع النظر عن هذه المشكلة .
وهذا يعني : هل يمكن – إذا وافقت على مفارقة زوجك – أن يعود الحب والمودة والاستقرار بينك وبين عائلتك أم أن ذلك لن يكون ؟
وأيضا : هل إذا تم الطلاق ستكون أمامك فرصة كبيرة للزواج ، بمثل هذا الزوج أو أحسن منه ، أم أن الفرصة ستكون ضيقة للغاية ؟
وما هو سبب رفض أهلك بهذه الطريقة المتشددة ؟
وهل هذا الرفض سوف يتكرر مع كل من يتقدم لك أم أنه خاص بهذا الزوج فقط ؟
الإجابة على هذه الأسئلة سوف تساعدك في اتخاذ القرار .
وهذا كله مع استمرارك في محاولة إقناع أهلك وتوسيط من يكون له رأي مسموع عندهم من عقلاء عائلتك .
وقبل ذلك وبعده عليك بكثرة الدعاء والإلحاح على الله فإنه لا يخيب من رجاه .
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك وأن يلهمك رشدك وأن يلين قلوب عائلتك .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android