كم عدد الأحاديث الموجودة في صحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرهما؟ السبب في سؤالي أنني وجدت اختلافاً في أرقام الأحاديث عند بحثي عنها فعلى سبيل المثال أجد أنّ مصدر أحد الأحاديث في صحيح البخاري باللغة الإنجليزية هو الجزء السابع ، كتاب 72 ، رقم 852 من كتاب اللباس ولكن في النسخة المتوفرة بالأوردو هو: الجزء السابع ، حديث رقم 5666 ، الصفحة 271، فما سبب الاختلاف في الترقيم عند الإشارة إلى الحديث من لغة إلى أخرى؟ وكيف للعامي أن يرجع للحديث مع هذا الاختلاف في المصادر حيث حدث مؤخراً أنني سمعت في أحد الدروس أنّ عائشة رضي الله عنها قالت : رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول : وارأساه . فقال : ” بل أنا والله يا عائشة وارأساه ” . قالت : ثم قال : ” وما ضرك لو مت قبلي ، فقمت عليك ، ولقنتك ، وصليت عليك ، ودفنتك ” . قالت : قلت : والله لكأني بك لو قد فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك” وذكر الداعية أنّ الحديث في صحيح البخاري ، الجزء السابع حديث رقم 5666 ، صحفة 271 (النسخة التي باللغة الأوردو) ولكنني لم أتمكن من العثور على هذا الحديث ، فهل فعلاً هذا الحديث في صحيح البخاري وما درجة صحته؟
كيف للعامي أن يبحث عن الحديث مع اختلاف المصادر ، واختلاف الترقيم ؟
السؤال: 226241
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
يختلف عدد أحاديث كتب الحديث باختلاف طريقة العد والحصر ، فمن العلماء من يعد المكرر ، ومنهم من لا يعده ، ومنهم من يعد المرسل ، ومنهم من لا يعده ، ومنهم من يعد المعلق ومنهم من لا يعده ، ومنهم من يعد الموقوف والمقطوع ونحوه ، ومنهم من لا يعد إلا المرفوع .
وعلى ذلك : فالسبب في اختلاف العدد : هو الاختلاف في طريقة العد ، وليس بالضرورة أن يكون لأجل الاختلاف في الترجمة ، من لغة إلى لغة .
وأما اختلاف الأجزاء والصفحات : فهذا أمر مفهوم معتاد في الكتب التي تولى طباعتها أكثر من دار من دور النشر ، حيث يكون لكل دار طريقتها في تنسيق الصفحة وحجم الخط وحجم الصفحة نفسها مما يترتب عليه اختلاف الأجزاء والصفحات .
ثانيا :
أما ما ذكر من أعداد الأحاديث في الكتب المشهورة :
فعدد أحاديث صحيح البخاري بالمكرر (7397) حديثا ، وبحذف المكرر (2602) ، كما حرر ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله.
وعدد أحاديث صحيح مسلم بالمكرر (7275) حديثا ، وبحذف المكرر نحو (4000) حديث .
وعدد أحاديث سنن أبي داود (4800) حديث، – غير المراسيل – انتخبه مؤلفه من خمسمائة ألف حديث .
وعدد أحاديث سنن ابن ماجة (4341) حديثا .
وعدد أحاديث مسند الإمام أحمد بالمكرر نحو (40000) حديث، وبحذف المكرر نحو (30000) حديث.
انظر : “مصطلح الحديث” للشيخ ابن عثيمين (ص: 47-54)
وعدد أحاديث سنن النسائي (5720) حديث تقريبا .
وعدد أحاديث سنن الترمذي (3956) حديثا. عدا أحاديث كتاب العلل آخر الجامع.
ويقول أبو بكر الأبهري: جملة ما في “الموطأ” من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين (1720) حديثاً، المسند منها (600) ، والمرسل (222) ، والموقوف (613) ، ومن قول التابعين (285)
انظر: “تدوين السنة النبوية” (ص 92) ، “بحوث في تاريخ السنة المشرفة” (ص 249) ، “كيف نستفيد من الكتب الحديثية الستة؟” (ص 23) .
ثالثا :
قد يكون الحديث رواه البخاري وغيره ، ثم يأتي الداعية أو الخطيب بجملة من الحديث لم يروها البخاري وإنما رواها الإمام أحمد مثلا ، فيتساهل في عزو الحديث فيقول : رواه البخاري ، ويعني بذلك : أن أصل الحديث في البخاري ولا يقصد أن هذا اللفظ بعينه رواه البخاري .
وهذا الحديث المذكور في السؤال من هذا القبيل ، فقد رواه البخاري (5666) عن القَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَا رَأْسَاهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرَ لَكِ وَأَدْعُوَ لَكِ) فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَاثُكْلِيَاهْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ، لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهْ، لَقَدْ هَمَمْتُ – أَوْ أَرَدْتُ – أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ وَأَعْهَدَ: أَنْ يَقُولَ القَائِلُونَ – أَوْ يَتَمَنَّى المُتَمَنُّونَ – ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ المُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى المُؤْمِنُونَ )
ثم رواه برقم (7217) ولفظه : قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَارَأْسَاهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ) ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَاثُكْلِيَاهْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ، لَظَلَلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهْ، لَقَدْ هَمَمْتُ – أَوْ أَرَدْتُ – أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ فَأَعْهَدَ، أَنْ يَقُولَ: القَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى المُتَمَنُّونَ ، ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ المُؤْمِنُونَ ) – أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى المُؤْمِنُونَ – .
ورواه أحمد (25908) ومن طريقه ابن ماجة (1465) عنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَجَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ جَنَازَةٍ بِالْبَقِيعِ، وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأْسِي، وَأَنَا أَقُولُ: وَارَأْسَاهْ قَالَ: بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهْ ثم قَالَ: ( مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي، فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ، ثُمَّ صَلَّيْتُ عَلَيْكِ، وَدَفَنْتُكِ؟ ) قُلْتُ: لَكِنِّي أَوْ لَكَأَنِّي بِكَ، وَاللهِ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَقَدْ رَجَعْتَ إِلَى بَيْتِي فَأَعْرَسْتَ فِيهِ بِبَعْضِ نِسَائِكَ، قَالَتْ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ بُدِئَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ” .
ونجد ما يلي :
أولا : أن الحديث قد رواه البخاري في “كتاب المرضى” من صحيحه ،
بَابُ قَوْلِ المَرِيضِ: ” إِنِّي وَجِعٌ، أَوْ : وَارَأْسَاهْ، أَوِ اشْتَدَّ بِي الوَجَعُ ” برقم (5666) الجزء (7) الصفحة (119).
ثم رواه في “كتاب الأحكام” من صحيحه ، ” باب الاستخلاف ” برقم (7217) الجزء (9) الصفحة (80).
ثانيا : أن سياق الحديث كما ذكره السائل أشبه بسياق أحمد وابن ماجة منه بالبخاري ، والأولى في هذا أن يتم التنبيه على أن هذا اللفظ لم يروه البخاري فيقال مثلا : رواه البخاري وأحمد – واللفظ له – .
ثالثا : هذا الترقيم الذي ذكره في الطبعة الأردية هو ترقيم الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله ، وهو من مشاهير المحققين والمدققين ، وترقيمه من أضبط الترقيم ، أو هو أضبطه .
في حين أننا قد نجد الحديث برقم آخر في طبعة أخرى، وبرقم ثالث في طبعة ثالثة.
رابعا : قد يعول المحقق العربي على ترقيم طبعة معينة ، أو تحقيق معين ، ويعول المحقق الأوردي ، أو الإنجليزي .. على طبعة أو ترقيم غيره ، فينشأ الاختلاف ، وهو اختلاف غير مؤثر عادة ، إلا إذا كان اختلافا واضحا ، سببه عدم الدقة في التحقيق والمراجعة والمقابلة ، فحينئذ لا يعتمد إلا على النسخة الصحيحة ، ويعلم ذلك المتخصصون من أهل العلم وطلبته .
وأولى المهمات : التأكد من النص والتخريج ، وأنه لا يوجد تحريف أو تصحيف أو اختصار مخل ونحو ذلك ، فإن تم التأكد من ذلك ، فاختلاف الترقيم لا يضر .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب