عندما كنت في المرحلة الثانوية نذرت نذرا إن أخذت المركز الأول على دفعتي سوف أطيع أمي في كل شيء ما عدا ما يغضب الله ، مثل أن أناولها شيئاً ، ولا أتعبها في الأعمال المنزلية ، وغيره ، وفعلاً تحقق شرط نذري ، ولم أكن أعرف أن النذر مكروه ، والذي أعرفه الآن أن الله أمرنا ببر الوالدين وليس طاعتهما في كل شيء ، وأن الله أمرنا بطاعتهما في كل شيء ما عدا ما يغضبه ، ولكن أنا الآن بالجامعة وأعمل عملاً آخر بجانب دراستي ، وتعودت أن أتصدق بجزء من راتبي كل شهر ، ولكن أمي رفضت ، وقالت لي : إني أولى بهذا المال ، وهذا لا يغضب الله ؛ لأني غير مكلفة به ، ولكني أريد أن أتصدق بجزء من راتبي ، فهل هذا يتعارض مع نذري ؟
منعتها أمها من الصدقة ، وقد نذرت أن تطيع أمها ، فماذا تفعل ؟
السؤال: 230085
ملخص الجواب
وبناء على ما سبق : فالصدقة بشيء من راتبك لا تدخل فيما نذرتِ ؛ لأن طاعتها تكون بالمعروف ، وليس من المعروف طاعتها في ترك المستحبات إذا لم يكن لها غرض صحيح في منعك منها. لكن عليك مدارتها ، ولا تخبريها أو تظهري لها أنك تتصدقين بشيء من مالك . وقد عرضنا هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، فأفاد بأن الوالد إن أراد منع الولد من الصدقة : فلا يطاع ، وإن كان للوالد غرض وحاجة في نفس المال فتعطى الصدقة له . والله أعلم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
سبق الكلام في الموقع أن النذر في أصله ، مكروه ، وللفائدة في ذلك ينظر إلى جواب السؤال رقم : (196434) .
ثانياً :
طاعة الوالدين إنما تكون في المعروف ، فلا طاعة لهما في معصية الله ، ولا فيما فيه ضرر على الولد وليس للوالدين فيه مصلحة ولا منفعة .
قال عليه الصلاة والسلام : ( لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف ) رواه البخاري (7257) ، ومسلم (1840) .
وجاء في ” المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام ” (3/184) : ” ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية … ، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر عليه ، فإن شق عليه ولم يضره وجب ، وإلا فلا ” انتهى .
وللفائدة في ضوابط طاعة الوالدين ينظر جواب السؤال رقم : (214117) .
وإذا أمر الوالدان بترك المستحبات ، كالسنن الرواتب ، والصدقة ونحو ذلك ، فينظر لسبب المنع :
فإن كان للوالدين غرض صحيح في منع الولد من فعل تلك النافلة ، فإنهما يطاعان في هذه الحال ، وإن لم يكن لهما غرض صحيح في المنع ، فلا تلزم الطاعة ؛ لأن الطاعة الواجبة في حق الأبوين إنما هي في المعروف ، وحد المعروف كما ذكر أهل العلم : الأمر المشروع الذي لا معصية فيه ، والأمر المباح .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” الحد في طاعة الوالدين ، هو المعروف ، ويشمل ذلك : المشروع والمباح ” .
انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” لابن باز .
http://www.binbaz.org.sa/node/9528
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” طاعة الوالدين تجب في كل ما فيه منفعة لهما ولا ضرر عليك فيه ، فأما إذا أمراك بترك النوافل ، نظرنا : إذا كانا يحتاجان إلى عمل لا تقوم به إذا كنت مشتغلاً بهذه النافلة ، فأطعهما، مثل أن يقول لك أبوك : يا فلان انتظر الضيوف ، ولا تصل النافلة ، فهنا يجب عليك أن تطيعه ، لأن هذا لغرض له .
وأما إذا قال : لا تصل الضحى ؛ لأنه يكره مثل هذه الأمور ، يكره النوافل ، رجل ما عنده إيمان قوي ، فلا تطعه ، ولكن داره ما استطعت ، بمعنى أن تخفي عنه ما تفعله من الخير “.
انتهى من “مجموع فتاوى ابن عثيمين” (21/265).
وجاء في ” مجموع فتاوى ابن عثيمين ” ـ أيضاً ـ (24/149) :
” سئل الشيخ : أفضل أن أحلق رأسي للتحلل من العمرة اتباعاً للرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن والدي يعارض فهل أطيع والدي ، وحجته أن هذا يشوه شكلي ؟
فأجاب فضيلته بقوله ” لا تطعه في ترك الطاعة ، إلا إذا كان هناك ضرر عليه هو ، وهنا لا ضرر عليه ، فالطاعات إما واجبة أو مستحبة ، فالواجبة لابد من تنفيذها ، رضي أم لم يرض ، والمستحبة : انظر الذي ترى أنه أصلح ، ولكن لا يلزمك أن تطيع والديك في ترك المستحب ، إذا لم يكن عليه ضرر ” انتهى .
وينظر للفائدة في جواب السؤال رقم : (174831) ، وجواب السؤال رقم : (105430) .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة