تنزيل
0 / 0

أوصى بمبلغ التأمين للفقراء فهل يجوز تغيير وصيته ليأخذه الورثة ؟

السؤال: 253297

لنا صديق يعمل في إحدى الشركات الأجنبية في مصر منذ عدة سنوات ، تلك الشركة تفرض على جميع الموظفين تأمينا إجباريا على الحياة ، من خلال إحدى شركات التأمين الأجنبية ، وهو تأمين تجاري وليس تكافلي ، ليس للموظف الاختيار بين التأمين من عدمه ، ولكنه تأمين إجباري على جميع الموظفين ، لرفع الحرج عن الشركة حال وفاة أحد موظفيها ، واشتراك التأمين بالكامل تدفعه الشركة ، ولا يساهم فيه الموظف بأي مبلغ من مرتبه ، للموظف أثناء التعيين تحديد الجهات التي يصرف لها مبلغ التأمين عند وفاته ، فيمكن أن يختار أحد أقاربه ، أو أن يكتب “الورثة الشرعيين” فيتم تقسيم المبلغ بينهم كتركة ، صديقي رأى أن التأمين التجاري كله حرام ، وبالتالي كتب في هذه الاستمارة أن يذهب المبلغ بأكمله بعد وفاته إلى جهات خيرية
، مرت الأعوام ، وتوفي صديقي بعد صراع لعدة أعوام مع المرض ، تاركاً خلفه ورثة هم زوجة حامل لا تعمل ، وطفلة صغيرة وأم وأب طاعنين في السن ، تواصلت الشركة معنا، وقالت : إن شركة التأمين ستقوم بدفع المبلغ في جميع الأحوال ، فإما أن يذهب المبلغ للجهات الخيرية ، أو أن تدفعه الشركة للورثة الشرعيين متجاهلين طلب المتوفي ـ رحمة الله عليه ـ
سمعنا بعض الآراء القائلة بأن التأمين التجاري طالما كان إجباريا ولا خيار فيه فيجوز التحصل على قيمته .
السؤال الأول:
هل يجوز قبض عائد التأمين التجاري في حالة ما إذا كان تأمينا إجباريا ؟
السؤال الثاني:
إن كانت الإجابة نعم ، فهل ما حدده المتوفي من مصارف يعتبر وصية شرعية ملزمة للورثة ؟ فإن كان نعم ـ فهل الوصية على المبلغ كله ، أم على ثلث المبلغ ، أم على ثلث التركة كلها ؟
السؤال الثالث:
هل يجوز تعديل هذه الرغبة بالتنسيق مع إدارة الشركة ؟
السؤال الأخير :
هل ينفع يصح أن يوصي الإنسان بمبلغ لا يملكه ولا يعرف مقداره وقت الوفاة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
التأمين التجاري محرم بجميع صوره ، سواء كان تأمينا صحيا أو تأمينا على الممتلكات ، أو على الحياة ، لكن التأمين على الحياة وعلى الممتلكات مشتمل على الربا والقمار ، لأنه مال بمال مع الغرر ، فلا يُدرى أيأخذ الإنسان مثل ما دفع أو أكثر أو أقل .

وقد سبق في جواب السؤال رقم : (180521) ، ورقم : (219023) ، أن من أمنت عليه شركته هذا التأمين ، فلا حرج عليه أن ينتفع بالمال الذي يدفع إليه عند التقاعد ، ولا حرج على ورثته في أخذ ما يأتيهم من هذا التأمين؛ لأنه مال رغب عنه أصحابه ، وبذلوه برضاهم ، فلا مانع من أخذه ، وهو مال محرم على كاسبه ( أي شركة التأمين ) دون من انتقل إليه بوجه مباح؛ ولأن هذا المبلغ يعتبر مكافأة أو تعويضا للموظف ولورثته من الشركة التي يعمل بها ، وقامت شركة التأمين بتحمل هذا المبلغ عن الشركة مقابل الاتفاق الذي تم بينهما.
ثانيا:
تصح الوصية بالمجهول والمعدوم ، كأن يوصي بما يحمل حيوانه ، أو بما سيحصل عليه من تأمين ونحوه.
قال في ” الروض المربع مع الحاشية ” (6/ 65): ” وتصح بالمعدوم كـوصية بما يحمل حيوانه وأَمته… وتصح بمجهول كعبد وشاة ، لأَنها إذا صحت بالمعدوم ، فالمجهول أَولي” انتهى.
ثالثا:
الوصية تقيد بالثلث ، والمراد: ثلث التركة، فإن كانت الوصية لا تخرج عن ثلث التركة ، لزمت. فإن زادت عن الثلث ، فلا تنفذ في الزائد إلا بإجازة الورثة.
وينظر: سؤال رقم : (174421) .
رابعا:
الظاهر أن صديقك إنما أوصى بذلك لظنه حرمة أخذ هذا المال، فلم يرد إدخاله على ورثته.
وهنا يقال: إن الراجح جواز تغيير الوصية لما هو أفضل وأنفع.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : “تغيير الوصية لما هو أفضل فيه خلاف بين أهل العلم : فمنهم من قال : إنه لا يجوز ؛ لعموم قوله تعالى : ( فمن بدله بعد ما سمعه ) البقرة/ 181 ، ولم يستثن إلا ما وقع في إثم ، فيبقى الأمر على ما هو عليه لا يغير .
ومنهم من قال : بل يجوز تغييرها إلى ما هو أفضل ؛ لأن الغرض من الوصية التقرب إلى الله عز وجل ، ونفع الموصى له ، فكل ما كان أقرب إلى الله ، وأنفع للموصى له ، كان أولى أيضاً ، والموصي بشر قد يخفى عليه ما هو الأفضل ، وقد يكون الأفضل في وقت ما غير الأفضل في وقت آخر ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز تحويل النذر إلى ما هو أفضل مع وجوب الوفاء به …

والذي أرى في هذه المسألة : أنه إذا كانت الوصية لمعين ، فإنه لا يجوز تغييرها ، كما لو كانت الوصية لزيد فقط ، أو وقف وقفاً على زيد ، فإنه لا يجوز أن تُغير، لتعلق حق الغير المعين بها.
أما إذا كانت لغير معين – كما لو كانت لمساجد ، أو لفقراء – فلا حرج أن يصرفها لما هو أفضل ” انتهى من “تفسير القرآن للعثيمين” (4 / 256) .

وعليه :
فإذا كان الورثة بحاجة لهذا المال، جاز تعديل الوصية، والإذن للشركة في إعطائه للورثة.
وأن أمضوا وصيته للجهات الخيرية ، فإن ذلك يتقيد بثلث تركته، فإن زاد هذا المال عن ثلث التركة ، فللورثة الخيار في الزائد : إن شاءوا أجازوه، وإن شاءوا منعوا، فكان من جملة التركة.
والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android