تنزيل
0 / 0
107,21225/07/2017

حكم قتل الكلب الأسود البهيم

السؤال: 262092

هل يجوز لي قتل أي كلب أسود بهيم مع نقطتين على العينين ؟ أم هناك معيار معين علي اتباعه لقتلهم ، بدون أن أقترف ذنباً ؟
فلقد قرأت حديثاً في صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بالأسودِ البهيمِ ذي النقطتينِ . فإنَّهُ شيطانٌ ) .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :

الحديث الذي أورده السائل حديث صحيح ، أخرجه الإمام مسلم في “صحيحه” (1572) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ، حَتَّى إِنَّ الْمَرْأَةَ تَقْدَمُ مِنَ الْبَادِيَةِ بِكَلْبِهَا فَنَقْتُلُهُ ، ثُمَّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِهَا ، وَقَالَ: (عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ ذِي النُّقْطَتَيْنِ ، فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ ).

وتفسيره كما قال النووي في “شرح صحيح مسلم” (10/237) قال :” معنى البهيم : الخالص السواد ، وأما النقطتان فهما نقطتان معروفتان بيضاوان فوق عينيه ، وهذا مشاهد معروف “. انتهى

والحديث يبين أنه كان هناك أمر بقتل الكلاب ، ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن قتلها ، إلا الكلب الأسود الخالص الذي فوق عينيه نقطتان فقد أذن بقتله.

أما أصل السؤال عن حكم قتل الكلب ، وخاصة الأسود البهيم ذي النقطتين ، فجوابه كما يلي :

أولا : اتفق أهل العلم على جواز قتل الكلب العقور الذي يعتدي على الناس ، والكلب الكَلِب أي المصاب بداء الكلب . قال الإمام النووي في “شرح صحيح مسلم” (10/235) :” أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قتل الكلْب الكلِب والكلب العقور واختلفوا في قتل مالا ضَرَرَ فِيهِ “. انتهى .

وكذلك اتفق أهل العلم على حرمة قتل الكلب الذي أذن الشرع في اقتنائه مثل كلب الصيد والماشية . قال ابن قدامة في “المغني” (4/190) :” أَمَّا قَتْلُ الْمُعَلَّمِ فَحَرَامٌ ، وَفَاعِلُهُ مُسِيءٌ ظَالِمٌ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ كَلْبٍ مُبَاحٍ إمْسَاكُهُ ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ مُنْتَفَعٌ بِهِ يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ ، فَحُرِّمَ إتْلَافُهُ ، كَالشَّاةِ. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا “. انتهى

ثانيا : اختلف أهل العلم في حكم قتل ما سوى ذلك من الكلاب على عدة أقوال :

الأول : أن الأمر بقتل الكلاب منسوخ ، ولا يجوز قتل شيء منها سوى المؤذي فقط ، وهو قول الحنفية ، كما في “الدر المختار” (2/570) ، والمعتمد عند الشافعية ، انظر : “نهاية المطلب” (5/494) .

الثاني : جواز قتل الكلاب إلا كلب الصيد والماشية ، وهو قول الإمام مالك ، قال القاضي عياض في “إكمال المعلم” (5/242) :” ذهب كثير من العلماء إلى الأخذ بالحديث في قتل الكلاب ، إلا ما استثني من كلب الصيد وما ذكره معه ، وهو مذهب مالك وأصحابه “. انتهى

الثالث : أنه يجوز قتل الكلب الأسود البهيم ، وهو المعتمد عند الحنابلة ، قال ابن قدامة في المغني (4/191) : “فَأَمَّا قَتْلُ مَا لَا يُبَاحُ إمْسَاكُهُ ، فَإِنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ يُبَاحُ قَتْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ شَيْطَانٌ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ: سَأَلْت أَبَا ذَرٍّ فَقُلْت:” مَا بَالُ الْأَسْوَدِ مِنْ الْأَحْمَرِ مِنْ الْأَبْيَضِ؟ فَقَالَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَمَا سَأَلْتنِي، فَقَالَ: الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ ” . رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهُ قَالَ:” لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ لَأَمَرْت بِقَتْلِهَا ، فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ ” . انتهى

وسبب الخلاف بين أهل العلم في ذلك هو التعارض الظاهري بين النصوص الواردة في المسألة، فقد وردت أحاديث بالأمر بقتل الكلاب عامة دون تخصيص ، ومن ذلك ما أخرجه البخاري (3323) ، ومسلم (1570) من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الكِلاَبِ “.

ووردت أحاديث أخرى بالأمر بقتل الكلاب باستثناء كلب الصيد والماشية ، ومن ذلك ما أخرجه مسلم في “صحيحه” (1571) عَنِ ابْنِ عُمَرَ،” أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ، إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ ، أَوْ كَلْبَ غَنَمٍ ، أَوْ مَاشِيَةٍ “.

ووردت أحاديث تبين أن أول الأمرين كان الأمر بقتل الكلاب ، ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها بعد ذلك ، ومن ذلك ما أخرجه مسلم في “صحيحه” (280) من حديث عبد الله بْنِ الْمُغَفَّلِ ، قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ، ثُمَّ قَالَ:” مَا بَالُهُمْ وَبَالُ الْكِلَابِ؟” ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَكَلْبِ الْغَنَمِ، وَقَالَ: ” إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ فِي التُّرَابِ “.

ووردت أحاديث بالتنصيص على قتل نوعين من الكلاب خاصة ، وهما الكلب العقور ، والكلب الأسود البهيم ، وفي بعض هذه الأحاديث ما يفيد أنها كانت بعد النهي عن قتل الكلاب، كالحديث الوارد في السؤال في شأن قتل الكلب الأسود البهيم .

فأما الكلب العقور فقد ورد فيه ما أخرجه البخاري (1829) ومسلم (1198) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ ، كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: الغُرَابُ ، وَالحِدَأَةُ ، وَالعَقْرَبُ ، وَالفَأْرَةُ ، وَالكَلْبُ العَقُورُ) .

وأما الكلب الأسود البهيم فورد فيه الحديث الوراد في السؤال .

والراجح من هذه الأقوال : هو النهي عن قتل الكلاب إلا الكلب العقور والأسود البهيم .

وقد سبق بيان ذلك في الجواب رقم (171806) .

ثانيا :

الأمر بقتل الكلب الأسود ليس على سبيل الوجوب ، حتى عند من قال إن الأمر بقتله لم ينسخ.

قال ابن مفلح رحمه الله في “الفروع” (10/416) : “وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا صَرَّحَ بِوُجُوبِ قَتْلِهِ” انتهى .

وعلى ذلك : فلا إثم على من ترك قتله ، لا سيما إذا لم يكن مملوكا له .

ويتأكد هذا – أي : ترك قتله ، من غير حرج في ذلك – إذا كان في قتله ضرر على القاتل ، كملاحقة قانونية ، إذا كان ذلك في بلد غير إسلامي يعتبر قتل الكلب الأسود وغيره جريمة يعاقب عليها القانون .

وبناء على هذا يقال : إن من استطاع قتل الكلب الاسود ، بلا مفسدة راجحة : فقد أحسن .

ومن ترك قتله ، أو لم يستطع قتله لما في قتله من ضرر عليه : فلا حرج عليه ولا إثم .

وينظر لمزيد الفائدة السؤال رقم (225221) .

والله أعلم .

 

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android