كنت أنا من حوالي سنتين تقريباً على مذهب الإباضية والآن بفضل من الله انتقلت على المذهب السنة بعد إن اجتهدت بأن اقارن بين المذهبين والاختلافات بينهم والحمد لله ارتاح قلبي على مذهب السنة …وقد فادني هذا الموقع كثيراً…لكن أهلي ما زالوا على مذهب الإباضية ..وكلما حاولت أن أوضح إلى بعض إخوتي الاختلافات بين المذهبين .. رغم إنهم غير مقتنعين بكلامي.. كان أخي لي بالمرصاد ويوضح لهم بأن المذهب الإباضي على الحق ويغرس فيهم عقيدة الاباضية.
سؤالي : هو لماذا نسب المذهب إلى عبدالله بن اباض.. ومن جابر بن زيد الذين قالوا عنه الإباضية بأنه هو مؤسس الإباضية …وهل يوجد كتاب يتحدث عنهم بالتفصيل عن طريق رابط لكي أستطيع أن أنزله عن طريق هذا الموقع ..لكي أفهم الأحداث بالتفصيل…وجزاكم الله خير الجزاء
التعريف بعبد الله بن إباض .
السؤال: 266757
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
نحمد الله تعالى أن هداك للحق ، ونسأله سبحانه أن يزيدك هدى ، وأن يجعلك سببا لهداية إخوتك .
ثانيا :
شخصية عبد الله بن إباض هي شخصية شبه غامضة، لا يعلم عنها إلا القليل ، غير أن المتفق عليه أنه كان أحد رؤوس الخوارج في النصف الثاني من القرن الهجري الأول ، وأنه مؤسس المذهب الإباضي ، وإليه ينتسبون .
يقول الدكتور محمد عبد الفتاح عليان :
” وعلى الجملة، فإن معظم المؤرخين وكتاب الفرق من أهل السنة يذكرون أن اسم المذهب الإباضي اشتق من اسم عبد الله بن إباض، وتؤيدهم في ذلك جميع المصادر الإباضية ” انتهى، من ” نشأة الحركة الإباضية في البصرة” (ص 90).
إلا أن المعلومات المتوفرة عن عبد الله بن إباض هذا شحيحة جدا ولا يمكن من خلالها الإلمام بشخصيته، وقد لمس هذا الزركلي فحاول في كتابه “الأعلام” أن يطيل في ترجمته على غير العادة، حيث قال:
” أطلت في هذه الترجمة على غير ما اعتدته، لأني لم أجد لابن إباض ترجمة مستوفاة في جميع ما كتبه عنه المتقدمون والمتأخرون. ” انتهى. من ” الأعلام (4 / 62).
لكن رغم إطالته إلا أن ما ساقه لا يعطي تصورا كاملا لشخصية هذا الرجل، ومع قلة هذه الأخبار فهي غير متفق عليها وفيها اضطراب شديد.
والمشهور عنه :
أن اسمه ونسبه:
“عبد الله بن إباض التميمي الإباضي، رأس الإباضية من الخوارج ” انتهى. من “لسان الميزان” (4 / 418).
وهو من بني تميم من بني صريم بن مقاعس.
قال ابن حزم رحمه الله تعالى:
” وهؤلاء بنو صريم بن مقاعس:
منهم: عبد الله بن إباض الخارجي، رئيس الإباضية ” انتهى. من “جمهرة أنساب العرب” (ص 218).
والمشهور عنه أنه كان في زمن معاوية رضي الله عنه، وعاش إلى زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65 – 86 هـ) . ولا يعرف تاريخ ميلاده ولا تاريخ وفاته.
قال الشيخ ناصر العقل حفظه الله تعالى:
” وابن إباض يعد من طبقة التابعين، ولم تذكر المصادر الموثوقة تاريخ وفاته وولادته، لكنها تجمع أنه عاصر عبد الملك بن مروان المتوفى سنة (86 هــ ) وأنه أحد رؤوس الخوارج.
وقد أجمعت الإباضية قديما وحديثا: على إمامته فيهم ، وانتسابهم إليه ” انتهى. “الخوارج” (ص 47).
وكان من ضمن رؤوس الخوارج، وشاركهم في مساندة عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ضد جيش الشام بدافع حماية الحرم وجهاد أهل الشام على حسب معتقدهم .
قال البلاذري رحمه الله تعالى :
” وكان فِي سجنه – أي ابن زياد أمير البصرة – نافع بن الأزرق الحنفي، ونجدة بن عامر الحنفي، وعبد اللّه بن إباض، وعبيدة بن هلال العنزي، وعمرو القنا بن عميرة من بني ملادس بن عبشمس بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وكانوا غضبوا للبيت -أي لمكة- فقاتلوا مع ابن الزّبير وهم لا يرون نصره، ولكنهم احتسبوا فِي جهاد أهل الشام. ثمّ إنهم قدموا البصرة فالتقطهم ابن زياد وحبسهم، فيقال إنه كَانَ فِي سجنه من الخوارج مائة وأربعون ” انتهى. من “جمل من أنساب الأشراف” (6 / 12 – 13).
وقال الطبري رحمه الله تعالى :
” وفي هذه السنة – سنة 64 هـ – فارق عبد الله بن الزبير الخوارج الذين كانوا قدموا عليه مكة، فقاتلوا معه حصين بن نمير السكوني، فصاروا إلى البصرة، ثم افترقت كلمتهم فصاروا أحزابا ” انتهى. من “تاريخ الطبري” (5 / 563).
وهم قد فارقوا ابن الزبير بعد مدحه لعثمان بن عفان رضي الله عنه، وبعد مفارقتهم له سار فريق منهم إلى خراسان ، وسار بعضهم إلى العراق ، ومنهم عبد الله بن إباض حيث استقر بالبصرة مع طائفة من الخوارج.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
” وكان قد التف على عبد الله بن الزبير جماعة من الخوارج يدافعون عنه؛ منهم نافع بن الأزرق، وعبد الله بن إباض، وجماعة من رءوسهم، فلما استقر أمره في الخلافة قالوا فيما بينهم: إنكم قد أخطأتم؛ لأنكم قاتلتم مع هذا الرجل، ولم تعلموا رأيه في عثمان بن عفان، وكانوا ينتقصون عثمان، فاجتمعوا إليه فسألوه عن عثمان، فأجابهم فيه بما يسوؤهم، وذكر لهم ما كان متصفا به من الإيمان والتصديق، والعدل والإحسان والسيرة الحسنة، والرجوع إلى الحق إذا تبين له !!
فعند ذلك : نفروا عنه، وفارقوه، وقصدوا بلاد العراق وخراسان، فتفرقوا فيها بأبدانهم وأديانهم ومذاهبهم ومسالكهم المختلفة المنتشرة، التي لا تنضبط ولا تنحصر؛ لأنها مفرعة على الجهل وقوة النفوس، والاعتقاد الفاسد ” انتهى. من “البداية والنهاية” (11 / 667 – 668).
وبعد مفارقتهم لابن الزبير حصل بينهم نزاع عقدي، تفرقوا بسببه؛ حيث إن نافعا الأزرق راسل مَنْ بالبصرة من الخوارج يدعوهم إلى قتال مخالفيهم وتكفيرهم، فاختلف القوم في ذلك.
قال البلاذري رحمه الله تعالى :
” وكتب نافع إِلَى من بالبصرة من الحرورية (الخوارج) يدعوهم إِلَى الجهاد، ويرغبهم فيه، ويحذرهم الدنيا وغرورها، وينهاهم عَن القعود، فلما أتاهم الكتاب قَالَ أَبُو بيهس هيصم بْن جابر الضبعي بقوله فِي أن الدار دار كفر ، والاستعراض مباح ، وإن أصيب الأطفال فلا حرج عَلَى من أصابهم…
[ومعنى الاستعراض : أي قتال المخالفين لهم ، ومعاملتهم بأحكام المشركين] .
وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن إباض: القوم كفار بالنعم، وليسوا بمشركين .
فَقَالَ لَهُ ابْن بيهس أما نافع فغلا فِي الدين فكفر بغلوه، وأما أنت فقصرت فكفرت بتقصيرك ” انتهى. من “جمل من أنساب الأشراف” (7 / 146 – 147).
وعلى هذا استقر معتقد الإباضية؛ على أن عصاة المسلمين ومخالفيهم هم في الآخرة مخلدون في النار .
أما في الدنيا: فهم كفار نعمة ، وليسوا بمشركين .
وأجازوا مساكنتهم ومعاملتهم ، وأجازوا قتالهم ، من غير أسر لنسائهم ، ولا غنم لأموالهم ، ماعدا الخيل والسلاح.
قال الإسفراييني رحمه الله تعالى :
” أَجمعت الإباضية على القَوْل بإمامة عبد الله بن إباض ، وافترقت فِيمَا بَينهَا فرقا ، يجمعها القَوْل بِأَن : كفار هَذِه الأمة، يعنون بذلك مخالفيهم من هَذِه الأمة : برَاء من الشّرك وَالْإِيمَان ، وإنهم لَيْسُوا مُؤمنين ، وَلَا مُشْرِكين ، وَلَكنهُمْ كفار، وأجازوا شَهَادَتهم ، وحرموا دِمَاءَهُمْ فِي السِّرّ ، واستحلوها في الْعَلَانِيَة ، وصححوا مناكحتهم والتوارث مِنْهُم.
وَزَعَمُوا أنهم فِي ذَلِك محاربون لله وَلِرَسُولِهِ لَا يدينون دين الْحق ، وَقَالُوا باستحلال بعض أموالهم دون بعض ، والذى اسْتَحَلُّوهُ الْخَيل وَالسِّلَاح، فَأَما الذَّهَب وَالْفِضَّة فإنهم يردونهما على أصحابهما عِنْد الْغَنِيمَة ” انتهى. من “الفرق بين الفرق” (ص 82 – 83).
وقال الدكتور ناصر العقل:
” وأشهر مسألة اختلفوا فيها مع غيرهم من فرق الخوارج، بعد أن فارقوا ابن الزبير حيث لم يبرأ من عثمان رضي الله عنهما، وهي:
مسألة الموقف من المخالفين، أي حكمهم على بقية المسلمين :
فأغلب الخوارج يرون ما عداهم من المسلمين كفارا مشركين، يجب قتالهم، ولا يجوز مناكحتهم ولا إرثهم ولا أكل ذبائحهم ، ودارهم دار حرب.
أما الإباضية، فإنها وإن رأت جواز قتال المسلمين أحيانا، إلا أنها تقول : بأنهم كفار نعمة، ويُجْرون عليهم أحكام الموحدين من حيث النكاح والإرث والسبي والغنائم، وجواز معايشتهم والإقامة بينهم ” انتهى. من “الخوارج” (ص 52).
وبهذا انفصل عبد الله بن إباض بجماعته، ونسبوا إليه فلقبوا بـلقب “الإباضية ” .
ويقال : إنه ترك مذهبه الخارجي في آخر أمره ، والله أعلم بالحال.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
” عبد الله بن إباض التميمي الإباضي، رأس الإباضية من الخوارج، وهم فرقة كبيرة .
وكان هو فيما قيل: رجع عن بدعته، فتبرأ أصحابه منه، واستمرت نسبتهم إليه ” انتهى. ” لسان الميزان” (4 / 418).
وينظر ، حول جابر بن زيد جواب السؤال رقم (270673).
وينظر للفائدة ، جواب السؤال رقم (218735) ورقم (11529) .
ونسأل الله تعالى لنا ولكم الثبات على الحق حتى نلقاه وهو راض عنا ، ونسأل الله تعالى الكريم أن يهدي أهلك إلى الحق وأن يجنبهم طرق الضلال .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة