في قوله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) سورة آل عمران/١٣٣ ، وقوله تعالى : ( سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ …) سورة الحديد/٢١ ، لماذا بالآية الأولى كلمة ( السماء ) كانت جمع ، وبالآيه الثانية كانت مفردة ، فمالحكمة من ذلك ؟ السؤال الثاني : قرأت بأن تفسير هذه الآيه أن الله جل وعلا أراد بذلك أوسع شيء رأيتموه أيها الناس ، حيث كانت العرب قديماً تستخدم نفس المصطلح كناية عن عظمة الشيء . فهل يعني ذلك بأن العرب كانوا يقولون : (عرض السماوات والأرض) ؟ هل كانوا يعلمون أن هناك أكثر من سماء ؟
لطائف في آيتي المسارعة والمسابقة
السؤال: 286351
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولًا:
للعلماء قولان في تفسير الآية :
قول الجمهور : أن المراد هنا العرض الحقيقي ، وفي ضمنه تنبيه على الطول .
والقول الثاني أن المراد بيان سعة الجنة ، دون خصوص ذكر الطول والعرض ، وإنما جرى التعبير على عادة العرب في مثل ذلك .
انظر جواب السؤال رقم : (201529).
ثانيًا:
قال الله تعالى ، في سورة آل عمران /133 ، قال سبحانه: (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ).
وقال في سورة الحديد/21 ، قال: (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) .
وقد ذكر بعض أهل العلم أن القصد في آية آل عمران : المبالغة، والمبالغة تقتضي الإيجاز، وقد وقع الإيجاز هنا بالحذف، فلم يُذكر فيها كعرض ، كما ذكر في الآية الأخرى .
ولما كان القصد المبالغة جاء اللفظ بالجمع (السماوات) .
وإنما قصد المبالغة في آية آل عمران دون آية الحديد، لأن سورة آل عمران في الحض على الجهاد وذكر عظيم فضله، بخلاف سورة الحديد .
انظر: "ملاك التأويل"(1/ 90 – 92).
وبعض أهل العلم ذكر أن " السماء" في آية "الحديد" ، يراد بها "الجنس" ، وهو صادق على "السموات" المجموعة في الآية الأخرى .
قال العلامة أحمد بن إسماعيل الكوراني :
" (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) إنما ذكر العرض؛ لأنه أقصر الامتدادين، فإذا كان حاله كذلك فما ظنك بالطول؟!
والمراد جنس السماء، لقوله: (عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ)" انتهى من "غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني" للكوراني (97) .
وقال العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله :
"قوله تعالى: وجنة عرضها السماوات والأرض يعني: عرضها كعرض السماوات والأرض ، كما بينه قوله تعالى في سورة الحديد: ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) . [57 /21] .
وآية آل عمران هذه تبين أن المراد بالسماء في آية الحديد : جنسها ، الصادق بجميع السماوات ، كما هو ظاهر، والعلم عند الله تعالى " انتهى من "أضواء البيان" (1/207) .
ثالثًا:
كانت العرب تعرف السماوات والأرض، ولعل هذا من بقايا دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولذلك لم يرد أن احدهم اعترض على ذكر السماوات والأرض في القرآن بالجمع، ومما ينسب لورقة بن نوفل قوله:
(وَمن عَرْشه فَوق السَّمَاوَات كلهَا … وأقضاؤه فِي خلقه لَا تبدّل)، "خزانة الأدب"(3/ 396).
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب