نحن خمس أخوات وأخ واحد، وكان أبونا موظفًا حكوميًا نزيهًا، ولأن أبوينا كانا فقراء وكنا خمس بنات في مجتمع مضطرب، اشترى أبي بعض الأراضي من راتبه الخاص ولم يسمح لإحدانا أو لأمنا قط بالعمل في بيئة مختلطة بين الرجال والنساء من دون حجاب، لذلك أنفق أبي على تعليم أخي مالاً كثيرًا، وبعد تقاعده كان أخي يعطينا مالاً من راتبه الخاص بعد أن استلم وظيفته، ومع أن أبي كانت لديه بعض الأراضي التي يمكنه بيعها ليفي باحتياجات عائلته إلا أنه لم يفعل، خوفًا من أننا خمس بنات وأنني كنت صغيرة للغاية وأنه كان طاعنًا في السن مريضًا، لذلك احتاجت أمي للإنفاق على تعليمي من المبلغ الذي كان يعطيه لها أخي كل شهر، ولكن عندما حان وقت زواج أختي الكبيرة، طالب أخي باسترداد جميع أمواله التي أنفقها علينا من قبل، ووافق أبي ولكن أخواتي الكبار رفضوا قائلين إنه حصل على مال أكثر من ذلك صرف على تعليمه وسيحصل على ضعف ما ستحصل عليه كل واحدة عند توزيع الميراث، ولذلك فمن واجبه الإنفاق على أبويه وأخواته الصغار وليس له الحق في استرداد أمواله، وتنازع إخوتي أيضًا بشأن الفروقات بين ما أنفق على زواج أخي وأختي من مال، وقد توفى أبي في 20/1/2016 ولم أتزوج بعد، وتوقف أخي عن إعطاءنا المال شهريًا حيث بيعت قطعة من الأراضي التي اشتراها أبي للإنفاق على علاجه، وتم إيداع بقية المال في مصرف إسلامي.
توظف وصار يعطي مالا لوالديه ثم عاد فطالب به فأعطاه الأب فهل يلزم أن يعطي بقية أولاده ؟
السؤال: 294265
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ما كان يدفعه أخوك لوالديه يحتمل وجهين:
الأول : أن يكون على سبيل الهبة والتبرع ، فلا يجوز له الرجوع والمطالبة به ؛ لما روى أبو داود (3539) والترمذي (2132) والنسائي (3690) وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ . وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
الثاني : أن يكون على سبيل القرض ، فيجوز له المطالبة به في حياة والده وبعد موته .
وثمة احتمال ثالث لكنه لا يرد هنا، وهو أن يكون ذلك على سبيل النفقة الواجبة، فإن الابن الموسر يلزمه النفقة على والديه الفقراء.
لكنك ذكرت أن والدك كان لديه بعض الأراضي التي يمكن أن يبيعها، وينفق منها؛ ولذلك فلا تجب على الولد نفقة والديه، ما دام للوالد من المال، أو الملك ما يكفيه في نفقته.
وفي حال كون المال دفع على سبيل الهبة، فليس لأبيك أن يوافق على طلب ابنه المحرّم، باسترجاع ما وهبه.
فإن أعطاه المال، كان هذا هبة من الأب، يلزمه أن يعدل فيها، بأن يعطي كل بنت نصف ما أعطاه للابن، إلا أن توافق البنات على تفضيل الابن.
وإذا مات الأب دون أن يعدل في هبته، لزم الابن شرعا أن يرد المال إلى التركة، ليقسم على جميع الورثة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” والصحيح من قولي العلماء أن الذي خَصَّ بناته بالعطية دون حَمْلِهِ : يجب عليه أن يرد ذلك في حياته ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن مات ولم يرده رُدَّ بعد موته على أصح القولين أيضا ، طاعةً لله ولرسوله ، واتباعاً للعدل الذي أمر به ، واقتداءً بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما .
ولا يحل للذي فُضِّل أن يأخذ الفضل ، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به ” انتهى من ” الفتاوى الكبرى ” (4/184) .
وينظر: جواب السؤال رقم (225739).
ثانيا:
ما أنفقه الأب على تعليم ابنه، يدخل في باب النفقة، ولا يدخل في الهبة والعطية، ولهذا لا يلزمه العدل فيه، بل كل من احتاج إلى نفقةٍ لتعليمه: أعطاه ، إن كان معه مال.
وكذلك نفقة الزواج، فحيث أنفق على ابنه أو ابنته، لم يلزمه أن يعطي مثله لمن لم يتزوج، بل من تزوج في حياته واستطاع أن يعينه، أعانه بما يناسبه.
وعليه: فليس لك أو لأخواتك المقارنة بين نفقة زواج الابن والبنت، فلكلٍ ما يناسبه، وقد تزيد النفقة والتكاليف لأجل الغلاء ونحو ذلك.
وليس لك المطالبة بنفقة زواجك من ميراث أبيك، لأن ذلك من باب النفقة التي يدفعها في حياته لمن احتاج إليها.
ولا يخفى أن جميع ما تركه والدك من أراض وغيرها يدخل في التركة، ويجب تقسيمها القسمة الشرعية.
ثم إنك تنفقين على نفسك وعلى زواجك من نصيبك.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (254825).
ولا يحل أن تستأثر الزوجة أو أحد من الورثة بالمال المودع في البنك، الناتج عن بيع أرض والدك إلا بموافقة جميع الورثة.
والنصيحة لكم أن تراعوا ما بينكم من القرابة العظيمة، والرحم المؤكدة، وأن تتغافروا وتتسامحوا، ليدوم المعروف والصلة.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة