0 / 0

حول ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم بات في بيت أم هاني ليلة الإسراء والمعراج .

السؤال: 306287

هل أم هانئ ابنة عم الرسول صلى الله عليه وسلم تعد محرما للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه في ليلة الإسراء والمعراج ذكر أنه أسري به من بيت أم هانئ ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها ، لم تكن من محارم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كانت متزوجة من هبيرة بن عمرو ، ثم أسلمت ، ولم يسلم زوجها ، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها بعد ذلك ، إلا أنها قالت بأنها كبرت ، ولها عيال .

والحديث أخرجه مسلم في “صحيحه” (201) ، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، : ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، خَطَبَ أُمَّ هَانِئٍ ، بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ ، وَلِي عِيَالٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ  .

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (286601) .

وأما ما استشكله السائل الكريم من كون النبي صلى الله عليه وسلم كان ليلة الإسراء نائما في بيتها : فغير صحيح ، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نائما ليلة الإسراء في بيت أم هانئ ، وإنما كان في بيته صلى الله عليه وسلم .

ويدل على ذلك الحديث الذي أخرجه البخاري في “صحيحه” (349) ، ومسلم في “صحيحه” (163) ، من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: ” كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَفَرَجَ صَدْرِي ، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا ، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي ، ثُمَّ أَطْبَقَهُ ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي ، فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ..   ثم ساق الحديث .

أما الروايات التي فيها أنه كان صلى الله عليه وسلم نائما في بيت أم هانئ ليلة الإسراء والمعراج فإنها لا تثبت ، وبيان ذلك كما يلي :

الرواية الأولى :

أخرجها ابن أبي عاصم في “الآحاد والمثاني” (39) ، والطبراني في “المعجم الكبير” (24/432) ، من طريق عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي الْمُسَاوِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ ، يَقُولُ: ” أَخْبَرَتْنِي أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ: ” بَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ ، فَذَكَرَ أَمْرَهُ وَكَيْفَ أُسْرِيَ بِهِ قَالَ:  وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأُخْبِرَهُمْ  فَأَخْبَرَهُمْ فَكَذَّبُوهُ ، وَصَدَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَسُمِّيَ مِنْ يَوْمَئِذٍ الصِّدِّيقَ “.

وإسناده تالف ، فيه عبد الأعلى بن أبي المساور .

قال الذهبي في “تاريخ الإسلام” (4/428) :” ضَعَّفَهُ الْكُلُّ ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ “. انتهى

ولذا ضعف الهيثمي هذه الرواية في “مجمع الزوائد” (1/450) ، فقال :” رواه الطبراني في الكبير ، وفيه عبد الأعلى بن أبي المساور ، متروك كذاب “. انتهى

الرواية الثانية :

أخرجها الطبري في “تفسيره” (14/414) ، من طريق محمد بن إسحاق ، قَالَ: حدثني مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ بَاذَامَ ، عَنْ أُمِّ هَانِئِ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ ، فِي مَسْرَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: ” مَا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهُوَ فِي بَيْتِي نَائِمٌ عِنْدِي تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ، ثُمَّ نَامَ وَنِمْنَا ، فَلَمَّا كَانَ قُبَيْلَ الْفَجْرِ أَهَبَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ قَالَ:  يَا أُمَّ هَانِئٍ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَكُمُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ كَمَا رَأَيْتِ بِهَذَا الْوَادِي ، ثُمَّ جِئْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصَلَّيْتُ فِيهِ ، ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْغَدَاةِ مَعَكُمُ الْآنَ كَمَا تَرَيْنَ  “.

وإسناده تالف أيضا ، فيه محمد بن السائب الكلبي ، كذاب .

قال ابن أبي حاتم في “الجرح والتعديل” (7/271) :” سألت أبى عن محمد بن السائب الكلبى فقال : الناس مجتمعون على ترك حديثه ، لا يشتغل به ، هو ذاهب الحديث ”  انتهى .

ثم هذه الروايات مخالفة لما رُوي عن أم هانئ أيضا ، أنها ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد الحرام .

وهذه الرواية أخرجها أبو يعلى في “معجمه” (10) ، من طريق مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَسَاوِسِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ ، قَالَتْ: ” دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَلَسٍ ، وَأَنَا عَلَى فِرَاشِي ، فَقَالَ:  شَعَرْتُ أَنِّي نِمْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فَأَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَذَهَبَ بِي إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ…  ” ثم ساق الحديث .

وإسنادها ضعيف أيضا ، فيه أبو صالح مولى أم هانئ ، ومحمد بن إسماعيل الوساوسي ، وكلاهما ضعيف .

إلا أن هذا الطريق أمثل من سابقيه ، ولذا قال الحافظ ابن حجر في “الإصابة” (8/332) :” وهذا أصحّ من رواية الكلبيّ ، فإنّ في روايته من المنكر: أنه صلّى العشاء الآخرة والصبح معهم ، وإنما فرضت الصّلاة ليلة المعراج ، وكذا نومه الليلة في بيت أم هانئ ، وإنما نام في المسجد ” انتهى.

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (45696) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android