تنزيل
0 / 0

معنى “الوحي” و”النبوة” وطريقة نزول الوحي”

السؤال: 306935

لدي بعض الأسئلة التى لطالما حيرتني ، وأردت اجابة وافية كافية واضحة عنها ، الاسئلة هي: – ما معنى النبوة ؟ وما معنى الوحي ؟ وكيف كان الوحي ينزل؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا :

” النبي في لغة العرب مشتق من النبأ وهو الخبر ، قال تعالى:  عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيم  النبأ/ 1 – 2 .

وإنّما سمّي النبي نبيّاً لأنه مُخْبرٌ مُخْبَر ، فهو مُخْبَر ، أي : أنَّ الله أخبره ، وأوحى إليه :  قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ التحريم/ 3  .

وهو مُخْبرٌ عن الله تعالى أمره ووحيه   نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ   الحجر: 49] ،   وَنَبّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ  الحجر/ 51 .

وقيل: النبوة مشتقة من النَّبْوَة ، وهي ما ارتفع من الأرض ، وتطلق العرب لفظ النبي على علم من أعلام الأرض التي يهتدى بها.

والمناسبة بين لفظ النبي والمعنى اللغوي ، أنَّ النبي ذو رفعة وقدر عظيم في الدنيا والآخرة ، فالأنبياء هم أشرف الخلق ، وهم الأعلام التي يهتدي بها الناس فتصلح دنياهم وأخراهم “.

انظر : “الرسل والرسالات لعمر الأشقر” (13).

قال “ابن تيمية” : ” والنبوة مشتقّة من الإنباء.

والنبيّ فعيلٌ ، وفعيل قد يكون بمعنى فاعل ؛ أي منبئٌ ، وبمعنى مفعول ؛ أي مُنْبَأٌ .

وهما هنا متلازمان ؛ فالنبي الذي ينبئ بما أنبأه الله به، والنبي الذي نبّأه الله، وهو منبأ بما أنبأه الله به ” انظر : “النبوات” لابن تيمية (2/ 873).

فالحاصل أن ” النبوة واسطة بين الخالق والمخلوق في تبليغ شرعه، وسفارة بين الملك وعبيده، ودعوة من الرحمن الرحيم – تبارك وتعالى – لخلقه، ليُخرجهم من الظلمات إلى النور، وينقلهم من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة .

فهي نعمة مهداة من الله – تبارك وتعالى – إلى عبيده، وفضل إلهيّ يتفضّل بها عليهم .

هذا في حقّ المرسَل إليهم .

أما في حقّ المرسَل نفسه، فهي امتنان من الله يمنّ بها عليه ، واصطفاء من الربّ له من بين سائر النّاس ، وهبة ربانيّة يختصّه الله بها من بين الخلق كُلّهم .

والنبوة لا تُنال بعلم ولا رياضة ، ولا تدرك بكثرة طاعة أو عبادة ، ولا تأتي بتجويع النفس أو إظمائها كما يظنّ من في عقله بلادة .

وإنّما هي محض فضل إلهيّ ، ومجرّد اصطفاء ربانيّ ، وأمر اختياريّ ؛ فهو جلّ وعلا كما أخبر عن نفسه : ( يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) [البقرة، 105] .

فالنبوة إذاً لا تأتي باختيار النبيّ، ولا تنال بطلبه ” .

انتهى من “مقدمة تحقيق كتاب النبوات” (1/ 19).

ثانيًا :

يطلق الوحي في اللغة على الإعلام في خفاء وسرعة ، وهو بهذا المفهوم يشمل الوحي العام، والوحي الخاص .

وهو قسمان: عام، وخاص .

القسم الأول: الوحي العام .

فالوحي العام يشمل: الإشارة ، والإيماء ، والإلهام ، ويشمل أيضًا ما إذا كان الإعلام من الخير أو الشر.

فمن أنواع الوحي العام:

1- الإلهام، والمقصود به: الإلهام الفطري .

ومنه: ما وقع لأم موسى عليه السلام، قال تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ  القصص/7 .

ومنه: ما حصل للحواريين، كما قال تعالى:  وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ المائدة/ 111 .

وقد يقع الإلهام لبعض المخلوقات، كما أخبر الله عن النحل، قائلًا:  وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ  النحل: 68].

2- ما يلقيه الله تعالى لملائكته، قال تعالى:  إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ  الأنفال/12 .

3- ويطلق الوحي بهذا المفهوم على فعل بعض المخلوقين، كما قال سبحانه عن زكريا عليه السلام،  فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا  مريم/ 11 ، فالمعنى: أشار إليهم أن يسبحوا الله بكرة وعشيًا .

3- ويطلق الوحي بهذا المفهوم على ما يلقيه الشياطين إلى أوليائهم، قال تعالى:  وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ  الأنعام/ 112 .

القسم الثاني: الوحي بالمفهوم الخاص، (الاصطلاح الشرعي) :

أما الوحي بالمفهوم الشرعي، فيطلق على ” إعلام الله لنبي من أنبيائه، بكيفية معينة، بنبوته، وما يتبعها من أوامر ونواه وأخبار “.

وهذا الوحي بالمفهوم الشرعي له أنواع متعددة، ذكر الله تعالى أعلاها في قوله:  وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ  الشورى/51.

هذه مقامات الوحي بالنسبة إلى جناب الله عز وجل:

1- فتارة يقذف في روع النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، لا يتمارى فيه أنه من الله عز وجل، وهذا يقع يقظة ومنامًا.

2- وتارة يقع بتكليم الله عز وجل مباشرة من وراء حجاب، كما حصل لموسى عليه السلام .

3- وتارة يقع بتكليم المَلَك، وبهذه الطريقة وقع نزول القرآن، فقد نزل به جبريل عليه السلام .

وينظر تفاصيل مهمة حول ذلك في جواب السؤال رقم : (150936) .

ثالثًا :

ورد في بعض الأحاديث شيء من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، حين ينزل عليه الوحي ، ومن هذه الأحاديث :

1- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ” يا رسول الله ، كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول  قالت عائشة رضي الله عنها: “ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقًا”  البخاري (2) .

[(صلصلة) هي صوت الحديد إذا حرك وتطلق على كل صوت له طنين. والمشبه هنا صوت الملك بالوحي. (فيفصم) يُقْلِع، ويذهب. (وعيت) فهمت وحفظت. (ليتفصد) يسيل، مبالغة من كثرة عرقه].

2- عن ابن عباس في قوله تعالى: “لا تحرك به لسانك لتعجل به [القيامة: 16] قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه – فقال ابن عباس: فأنا أحركهما لكم، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما، وقال سعيد: أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما، فحرك شفتيه – فأنزل الله تعالى: لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه [القيامة: 17] . قال: جمعه لك في صدرك، وتقرؤه. فإذا قرأناه فاتبع قرآنه [القيامة: 18] قال: فاستمع له وأنصت. ثم إن علينا بيانه [القيامة: 19]: ثم إن علينا أن تقرأه.

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه” رواه البخاري (5) .

ينظر : “الدليل إلى القرآن”، للشيخ عمرو الشرقاوي (29 – 35) .

وينظر جواب السؤال رقم : (13488) ، ورقم : (10013) .

والله أعلم 

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android