تزوجت منذ 17 عاماً ، وأنجبت ولدين ، زوجي إيطالي الجنسية ، في البداية اعتنق الدين الإسلامي وبعد ذلك بدا له التراجع عن ذلك ، فانفصلت عنه منذ 4 سنوات ، والآن نحن بصدد القيام بإجراءات الطلاق المدني، للأمانة زواجي منه لم يكن بحضور ولي شرعي ، وهذا يعني أن زواجي منه لا يعتبر زواجا صحيحا ، لم أكن على درايةٍ بذلك ، وأسأل الله تعالى أن يغفر لي . فهل يحق لي أن أطلب تعويضاً مادياً من زوجي أثناء إجراءات الطلاق المدني ؟ وما هي صفة ابني في هذه العلاقة ، مع العلم أنهما مسلمان ويقومان بمناسك ديننا منذ صغر سنهما ؟
ارتد زوجها واتفقا على الطلاق المدني فهل يحل لها طلب تعويض ؟
السؤال: 310175
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا كان زوجك مسلما عند عقد النكاح ، وكان نكاحك بغير ولي، لكن في حضور شاهدين مسلمين، فهو نكاح مختلف فيه بين الفقهاء، والجمهور على أنه لا يصح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه أبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري، وصححه الألباني في “صحيح الترمذي”، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة، وصححه الألباني في “صحيح الجامع” برقم : (7557) .
ونسأل الله أن يغفر لك ويعفو عنك.
ثانيا:
هذا النكاح المختلف فيه لو حكم به قاض شرعي أو عقده قاض أو مأذون من قبله، فإنه لا يُنقض.
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (7/ 5) : ” النكاح لا يصح إلا بولي ، ولا تملك المرأة تزويج نفسها ولا غيرها ، ولا توكيل غير وليها في تزويجها ، فإن فعلت ، لم يصح النكاح ، روي هذا عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي هريرة ، وعائشة رضي الله عنهم ، وإليه ذهب سعيد بن المسيب ، والحسن ، وعمر بن عبد العزيز ، وجابر بن زيد ، والثوري ، وابن أبي ليلى وابن شبرمة ، وابن المبارك ، وعبيد الله العنبري ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو عبيد وروي عن ابن سيرين ، والقاسم بن محمد ، والحسن بن صالح ، وأبي يوسف : لا يجوز لها ذلك بغير إذن الولي ، فإن فعلت كان موقوفا على إجازته .
وقال أبو حنيفة : لها أن تزوج نفسها وغيرها ، وتوكل في النكاح “.
ثم قال ابن قدامة : ” فإن حكم بصحة هذا العقد حاكم ، أو كان المتولي لعقده حاكما ، لم يجز نقضه، وكذلك سائر الأنكحة الفاسدة ” انتهى.
وهكذا، لا ينقض عقد النكاح ونحوه من العقود المختلف في فسادها، إذا عقده متأولا، أو جاهلا، ومضى موجِب فساده. كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم : (222773) .
ثالثا:
الأولاد الناشئون عن هذا النكاح ينسبون إلى أبيهم، بل ينسبون إليه في كل نكاح يعتقد الزوجان صحته، ولو كان في حقيقة الأمر باطلا مجمعا على بطلانه ، كنكاح الأخت من الرضاع ، أو نكاح المعتدة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ ، إذا وطيء فيه: فإنه يلحقه فيه ولده، ويتوارثان ، باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين ، سواء كان الناكح كافرا أو مسلما . واليهودي إذا تزوج بنت أخيه ، كان ولده منه يلحقه نسبه ، ويرثه باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلا باتفاق المسلمين ، ومن استحله كان كافرا تجب استتابته .
وكذلك المسلم الجاهل لو تزوج امرأة في عدتها ، كما يفعل جهال الأعراب، ووطئها يعتقدها زوجة ، كان ولده منها يلحقه نسبه ، ويرثه باتفاق المسلمين ، ومثل هذا كثير؛ فإن ثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر، بل الولد للفراش كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش وللعاهر الحجر )…
ومن نكح امرأة نكاحا فاسدا متفقا على فساده ، أو مختلفا في فساده … فإنّ ولده منها يلحقه نسبه، ويتوارثان باتفاق المسلمين ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (34/13).
رابعا:
إذا عاد الزوج لدينه فقد ارتد عن الإسلام، ولا يحل له معاشرة زوجته ، وإذا انقضت عدتها ولم يرجع، فإنها تبين منه ، ولا تحتاج إلى طلاق شرعي؛ لأن نكاحهما قد انفسخ.
وينظر: جواب السؤال رقم : (134339) .
لكن ينبغي أن تحصل الزوجة على الطلاق المدني، لتدفع عن نفسها التهمة فيما لو تزوجت آخر، ولما يترتب على ذلك من أحكام التوارث وغيرها.
خامسا:
إن كان المقصود بالتعويض: أن الزوج لم يكن ينفق عليك في مدة الزوجية ، فلك المطالبة بذلك، فإن نفقة الزوجية لا تسقط بالتقادم .
وكذا لو كان لا ينفق على الأولاد ، واستدنت أو أنفقت عليهم بنية الرجوع عليه ومطالبته، فلك كذلك.
أو كنت اتفقت معه على أجرة الرضاع أو الحضانة ولم يوفك.
أو كان المقصود بالتعويض: مؤخر الصداق ، فهذا حق لك.
وأما إن كان التعويض لغير ذلك، كالضرر المعنوي، فهذا لا يحل.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة