تنزيل
0 / 0

إضمار القول في القرآن

السؤال: 315720

قبل سنة قررت أن أقرأ القرآن قراءة فهم وتدبر ، لا قراءة تلاوة فقط ، مثلما كنت أفعل ، فسجلت الآيات التي أشكلت علي ، وبحثت عن تفاسيرها حتى فهمت ، ولكن عندي القليل من المشاكل التي صادفتني ، وأريد أن أطرح واحدة منها : (الإضمار) : وهناك مواضع عدّد فيها الطبري الكثير من الآيات التي فيها إضمار ، وفهمت أنها من أساليب العرب ، ولكن ما لم أفهمه هو إضمار كلمة (قل) عند مخاطبة الله تعالى لسيدنا محمد . مثل : قوله تعالى : ( قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ ) الأنعام /104 . فمن الواضح أن الخطاب انتقل مباشرةً من الله للناس ، أو أن يكون الخطاب من أوله من رسول الله لإضمار كل قل يا محمد . وقوله تعالى 🙁 أَفَغيْرَ اللَّهِ أَبْتغِي حَكمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ )الأنعام/114 . وقال تعالى:( إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) الأعراف /196. وقال تعالى:(إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) النمل/91 . والآية 50 ، 51 من سورة الذاريات ، فقليلو العلم والجهلة ربما يستغلون مثل هذه الآيات ليقدحوا بكتاب ربي ، فما هو توضيح ما ذكرت .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا :

ما أجمل أن يتأمل المسلم كلام ربه تعالى ، فإن أشكل عليه أمر رده إلى العالم به ، فإن في ذلك خيرا كبيرا ، وفائدة عظيمة .

والقرآن بحمد لله لا يتطرق إليه الاختلاف بحال ، كما قال سبحانه :  أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا  النساء/82 .

ثانيًا :

من عادات القرآن الأسلوبية ، وطريقته المعهودة الجارية على سنن العرب في الكلام  حذف ما دل عليه الظاهر ، لأنه يصير حينئذٍ حشوًا لا حاجة إليه ، إلا إن كان لإظهاره فائدة أخرى من الفوائد البلاغة .

يقول الطبري : ” العرب ، من شأنها إذا عرفت مكان الكلمة ، ولم تشك أن سامعها يعرف بما أظهرت من منطقها ، ما حذفت : حَذْفُ ما كفى منه الظاهر من منطقها ، ولا سيما إن كانت تلك الكلمة التي حذفت قولا ، أو تأويل قول “، انتهى من “جامع البيان” (1/ 137).

قال أبو عبيدة في “مجاز القرآن” (1/ 111): “العرب تختصر الكلام ليخففوه ؛ لعلم المستمع بتمامه” انتهى .

وانظر للاستزادة : “الأساليب العربية الواردة في القرآن” (517 – 526)، “عادات القرآن الأسلوبية” (1/ 219).

قال “السمين الحلبي” في “الدر المصون” (1/ 370) : “وإضمارُ القولِ : كثيرٌ في لسانِهم “، انتهى .

والمفسرون ينبهون على ذلك ، ومنه قول “الواحدي” : “ومن كَسَرَ، أضمر القولَ؛ كأنه: (ناداه، فقال: إنَّ الله) فحذف القولَ.

وإضمار القول كثير في هذا النحو، كما قال: وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ [الرعد:23 – 24]، وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا [الأنعام: 93]، فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ [آل عمران: 106]، فأضمر القول في ذلك كلِّه “، انتهى من “التفسير البسيط” (5/ 221).

وقال : “وإضمار القول كثير كقوله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا [البقرة: 127] أي: يقولان: ربنا، وقوله تعالي: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ [الزمر: 3] معناه: يقولون ما نعبدهم “، انتهى من “التفسير البسيط”  (8/ 246).

وقول “أبي حيان” : ” … والخبر هنا محذوف للعلم به. والتقدير: فيقال لهم: أكفرتم؟

كما حذف القول في مواضع كثيرة ، كقوله: ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم ) الرعد ، أي يقولون: سلام عليكم ” انتهى من “البحر المحيط” (3/ 293).

 والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android