0 / 0

معاملة الزوجة الكتابية

السؤال: 33862

الآية في سورة المائدة التي تحرم اتخاذ اليهود والنصارى أولياء ، هل تعني عدم اتخاذهم أصدقاء أو حماية لنا؟ لأن البعض يقول : إن الآية تعني فقط مساعدين ولكن في الترجمة الإنجليزية تعني أصدقاء وإذا لم تكن تعني أصدقاء فكيف نحب الزوجة غير المسلمة ونعاملها حسب الشريعة الإسلامية ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

التعامل مع اليهود والنصارى وسائر الكفار له ضوابط وحدود حددتها الشريعة الإسلامية ، ومن تلك الضوابط ما يلي :

أولا : أنه يجوز الحديث مع الكافر والتحدث إليه في الأمور المباحة .

ثانيا : لا يجوز اتخاذ الكافرين أولياء ، واتخاذهم أولياء له العديد من الصور والأشكال ، فمنها مخالطتهم مع الأنس بهم أو السكن معهم واتخاذهم أصدقاء وخلان ، أو محبتهم ، أو تقديمهم على المؤمنين أو مودتهم ونحو ذلك ، وقد قال الله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) المجادلة /22.

ثالثا : يجوز التعامل مع الكفار بالبيع والشراء والقرض ونحو ذلك ، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية سلاحاً، وصح أنه اشترى من اليهود طعاماً .

أما معاملة الزوجة الكتابية ، فإن الله تعالى قال في كتابه : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة /8 . فالعدل مع الزوجة الكتابية والإحسان إليها جائز ، ولا حرج في ذلك ، ولا يدخل ذلك في موالاتها .

قال الكاساني في “بدائع الصنائع” (2/270) :

“لا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَنْكِحَ الْمُشْرِكَةَ ; لقوله تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) , وَيَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ الْكِتَابِيَّةَ ; لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) . وَالْفَرْقُ أَنَّ الأَصْلَ أَنْ لا يَجُوزَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَنْكِحَ الْكَافِرَةَ ; لأَنَّ زواج الْكَافِرَةِ وَالْمُخَالَطَةِ مَعَهَا مَعَ قِيَامِ الْعَدَاوَةِ الدِّينِيَّةِ لا يَحْصُلُ السَّكَنُ وَالْمَوَدَّةُ الَّذِي هُوَ قِوَامُ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ إلا أَنَّهُ جَوَّزَ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ ; لِرَجَاءِ إسْلامِهَا ; لأَنَّهَا آمَنَتْ بِكُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ فِي الْجُمْلَةِ , وَإِنَّمَا لم تؤمن على سبيل التفصيل إيماناً صحيحاً بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أُخْبِرَتْ عَنْ الأَمْرِ عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهِ , فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مَتَى نُبِّهَتْ عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ تَنَبَّهَتْ , هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الَّتِي بُنِيَ أَمْرُهَا عَلَى الدَّلِيلِ دُونَ الْهَوَى وَالطَّبْعِ , وَالزَّوْجُ يَدْعُوهَا إلَى الإِسْلامِ وَيُنَبِّهُهَا عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ فَكَانَ فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِ إيَّاهَا رَجَاءُ إسْلامِهَا فَجَوَّزَ نِكَاحَهَا لِهَذِهِ الْعَاقِبَةِ الْحَمِيدَةِ بِخِلافِ الْمُشْرِكَةِ , فَإِنَّهَا فِي اخْتِيَارِهَا الشِّرْكَ بالله ، وعدم إيمانها بالأنبياء والرسل ما يدل على أنها أَنَّهَا لا تَنْظُرُ فِي الْحُجَّةِ والدليل وَلا تَلْتَفِتُ إلَيْهَا عِنْدَ الدَّعْوَةِ ، وإنما تبقى على تقليد الآباء ، واتباع الهوى ، فَيَبْقَى ازْدِوَاجِ الْكَافِرِ مَعَ قِيَامِ الْعَدَاوَةِ الدِّينِيَّةِ الْمَانِعَةِ عَنْ السَّكَنِ وَالْمَوَدَّةِ خَالِيًا عَنْ الْعَاقِبَةِ الْحَمِيدَةِ فَلَمْ يَجُزْ نْكَاحُهَا اهـ بتصرف .

وقال في “حاشية العدوي” (1/273) :

“قَوْلُهُ : (وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك) أَيْ : نَطْرَحُ مَوَدَّةَ الْعَابِدِ لِغَيْرِك ، وَلا نُحِبُّ دِينَهُ وَلا نَمِيلُ إلَيْهِ . وَلا يُعْتَرَضُ هَذَا بِإِبَاحَةِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ لأَنَّ فِي تَزَوُّجِهَا مَيْلًا لَهَا لأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَةِ وَالْمُرَادُ هُوَ بُغْضُ الدِّينِ اهـ .

وللمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على أرقام الأسئلة التالية : (34559 ،11793 ،10342 ،26721 ،23325 ) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android