ما صحة حديث: (إن وجدت رجل صالح فتزوجي)، مع شرح الحديث؟
التعليق على حديث: ( إِنْ وَجَدْتِ زَوْجًا صَالِحًا فَتَزَوَّجِي ).
السؤال: 349514
ملخص الجواب
1. حديث (إِن وجدت زوجا صالحا فتزوجي) هذا الحديث رواه ابن أبي شيبة في “المصنف” وقال الألباني: “وإسناده صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه هو والبخاري وغيرهما من طرق أخرى عن سبيعة وغيرها من الصحابة مختصرا ومطولا 2. الحديث يدل على مدة عدة المرأة التي توفي زوجها، فالأصل في عدتها، أنها تنتظر بعد وفاة زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام، ثم يجوز لها بعد هذا أن تتزوج إن أرادت إلا أن المرأة إذا توفي زوجها وهي حامل فهي مستثناة من هذا الحكم، كما بيّن هذا الحديث، فبيّن أن عدتها في هذه الحال تنتهي بوضع حملها، فيجوز لها عندئذ النكاح.
Table Of Contents
بيان درجة حديث (إِن وجدت زوجا صالحا فتزوجي)
هذا الحديث رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 459) وابن ماجه (2028) وغيرهما: عن عَلِيّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، وَعَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّهُمَا كَتَبَا إِلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ يَسْأَلَانِهَا عَنْ أَمْرِهَا، فَكَتَبَتْ إِلَيْهِمَا:
" إِنَّهَا وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، فَتَهَيَّأَتْ تَطْلُبُ الْخَيْرَ، فَمَرَّ بِهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، فَقَالَ: قَدْ أَسْرَعْتِ، اعْتَدِّي آخِرَ الْأَجَلَيْنِ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَغْفِرْ لِي!
قَالَ: وَفِيمَ ذَاكَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ.
فَقَالَ: إِنْ وَجَدْتِ زَوْجًا صَالِحًا فَتَزَوَّجِي .
وهذا إسناد رواته ثقات.
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:
"وإسناده صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه هو والبخاري وغيرهما من طرق أخرى عن سبيعة وغيرها من الصحابة مختصرا ومطولا، وخرجت أحدها في " الإرواء " (2113).
وإنما آثرت هذه الرواية بالتخريج لأنها تفردت عن سائر الطرق بهذه الفائدة التي فوق هذا التخريج، حيث أمرها صلى الله عليه وسلم بأن تتزوج بالرجل الصالح إن وجدته." انتهى من "السلسلة الصحيحة" (6 / 494).
عدة الحامل المتوفى عنها زوجها تنتهي بوضع حملها
وهذا الحديث يدل على مدة عدة المرأة التي توفي زوجها، فالأصل في عدتها، أنها تنتظر بعد وفاة زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام، ثم يجوز لها بعد هذا أن تتزوج إن أرادت.
قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ البقرة /234.
إلا أن المرأة إذا توفي زوجها وهي حامل فهي مستثناة من هذا الحكم، كما بيّن هذا الحديث، فبيّن أن عدتها في هذه الحال تنتهي بوضع حملها، فيجوز لها عندئذ النكاح، وقد ورد هذا الحديث عند البخاري (5319) عن عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: "أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ أَنْ يَسْأَلَ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ، كَيْفَ أَفْتَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: أَفْتَانِي إِذَا وَضَعْتُ أَنْ أَنْكِحَ".
وهذا كما في قوله تعالى: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ الطلاق/4.
وتفردت رواية ابن ماجة التي سألت عنها بنصيحة النبي صلى الله عليه وسلم لسبيعة رضي الله عنها لما انتهت عدتها بوضع حملها، بأن تحرص على الزواج بالرجل الصالح.
قال الشيخ محمد الأمين الهرري رحمه الله تعالى:
"(إن وجدت زوجًا صالحًا) أي: رجلا صالحا في دينه ودنياه؛ سمّاه (زوجا) نظرا إلى ما يَؤُول إليه. (فتزوجي) إياه." انتهى من "شرح سنن ابن ماجة" (12 / 47).
وهذا كوصية النبي صلى الله عليه وسلم للرجال بالحرص على الزواج بالمرأة الصالحة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ رواه البخاري (5090)، ومسلم (1466).
وقد جاءت قصة سبيعة رضي الله عنها بشيء من التفصيل عند البخاري (3991)، ومسلم (1484) عن عُبَيْد اللَّهِ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ "أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ: يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ، فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا، وَعَنْ مَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ. فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ، إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ ابْنِ خَوْلَةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا، تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ، تُرَجِّينَ النِّكَاحَ؟ فَإِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ؟
فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي".
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة