متزوجة منذ ٢٠ سنة، وكنت مقيمة مع زوجي بالخليج، ونزلت مصر لدراسة بنتي بالجامعة، رغم الخلاف مع زوجي، حيث إنه يريد أن تنزل ابنتنا لوحدها، وأنا أخاف عليها، وأنا أريد أن تدرس بأي كلية بالخليج؛ حتى لا نفترق، وخشية على بنتي، فتزوج زوجي علي بعد نزولي بشهر واحد، ولم يخبرني، وعلمت بعدها بشهرين نتيجة خلافات بيننا، وأردت العودة بعد استقرار وضع بنتي الدراسي، ولكن الكورونا حبستنا، وأنا على وشك العودة الآن، فهل لي الحق أن يقضي لي المدة التي بعدها عني، وهي حوالي ٨ شهور أم لا؟ وكيف يقضيها؟ ولو كان لي الحق فأنا متمسكة به، من أجل أن يقضي مع أولادي أكبر وقت، علما بأنه لم ينجب منها.
هل يجب على الزوج قضاء ليالي السفر للزوجة الأولى إذا سافرت لحاجتها أو بدون إذنه؟
السؤال: 382215
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يجب على الزوج العدل بين الزوجات في القسمة، بشرط عدم حصول نشوز منهن.
قال ابن حزم رحمه الله تعالى:
” وأجمعوا أن العدل في القسمة بين الزوجات واجب.
واختلفوا في كيفية العدل، إلا أنهم اتفقوا في المساواة بين الليالي في الحرائر المسلمات العاقلات غير الناشزات ” انتهى من “مراتب الإجماع” (ص65).
فإذا كانت الزوجة ناشزا بأن سافرت بغير إذن زوجها، فقد سقط حقها في القسمة وليس لها أن تطالب به بعد عودتها، وكذا لو خرجت بإذنه لحاجة لها، لا لحاجة له، كما هو مذهب الشافعية والحنابلة.
قال الخطيب الشربيني رحمه الله تعالى:
” (ومن سافرت) منهن (وحدها بغير إذنه) لحاجتها أو حاجته (فناشزة) فلا قسم…
(و) من سافرت بإذنه (لغرضها) كحج وعمرة وتجارة (لا) يقضي لها (في الجديد) [أي : الجديد من قولي الشافعي] ؛ لأنها ليست في قبضته، وفائدة الإذن رفع الإثم، والقديم [أي القول القديم للشافعي] : يقضي لوجود الإذن.
ولو سافرت لحاجة ثالث، قال الزركشي: فيظهر أنه كحاجة نفسها. اهـ.
وهو، كما قال غيره: ظاهر إذا لم يكن خروجها بسؤال الزوج لها فيه” انتهى. “مغني المحتاج” (4/ 422–423).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
” ( وإن سافرت بلا إذنه، أو بإذنه في حاجتها، أو أبت السفر معه، أو المبيت عنده في فراشه: فلا قسم لها، ولا نفقة).
الأولى: قوله: “إن سافرت بلا إذنه” إن سافرت بلا إذنه فليس لها قسم، وليس لها نفقة؛ لأنها عاصية وناشز، وفوتت عليه الاستمتاع، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه)، فكيف بمن تسافر؟!
فإذا قال قائل: قوله: “لا قسم لها” هذا تحصيل حاصل؛ لأنها إذا كانت مسافرة فكيف يقسم؟
نقول: أي: لا يلزمه القضاء إذا رجعت.
الثانية: قوله: “أو بإذنه في حاجتها” إذا سافرت بإذنه فإما أن يكون في حاجته، وإما أن يكون في حاجتها، فإن كان في حاجته فلها النفقة ولها القسم، مثلا له أم في المستشفى في بلد آخر، وسافرت بإذنه، فالحاجة له هو، ففي هذه الحال نقول: لها النفقة؛ لأن ذلك لحاجته، وجزاها الله خيرا أن ذهبت.
وأما إذا سافرت بإذنه لحاجتها، قالت له مثلا: إني أريد أن أزور أقاربي أو ما أشبه ذلك، فأذن لها، يقول المؤلف: ليس لها قسم، وليس لها نفقة.
أما كونها ليس لها قسم فلا شك في ذلك؛ لأنها اختارت ذلك بسفرها ” انتهى من”الشرح الممتع” (12/433).
وأما عند الحنفية والمالكية؛ فإن القسم يسقط بفوات وقته مطلقا، سواء سافرت بإذنه أو بغير إذنه، فليس للزوجة أن تطالب بقضاء ما فات؛ لأن القسم شرع لتحقيق مصلحة الأنس في الحال، فيفوت بفوات وقته، فلا معنى لقضاء ما قد فات.
قال صاحب “متن تنوير الأبصار” في الفقه الحنفي:
” ولو أقام عند واحدة شهرا في سفر، ثم خاصمته الأخرى يؤمر بالعدل بينهما في المستقبل، وهدر ما مضى وإن أثم به ” انتهى من “رد المحتار على الدر المختار”(4/383).
وفي “الشرح الصغير للدردير” في الفقه المالكي:
” ( وفات ) القسم ( بفوات زمنه )، سواء لعذر أم لا فلا يقضى، فليس للتي فاتت ليلتها ليلة بدلها.
( وإن ظلم ) فلا محاسبة للمظلومة بما مكثه عند ضرتها لفوات زمنه ” انتهى من “بلغة السالك لأقرب المسالك المعروف بحاشية الصاوي” (2/506).
فالحاصل؛ أنه ليس لك المطالبة بقضاء ما قد فات من الليالي والأيام، ما دمت قد سافرت وابتعدت عنه من غير أمره ولا إذنه، بل بإرادتك أنت واختيارك، حتى وإن كان في ذلك مصلحة في تقديرك. ويجب عليه القسمة فيما يستقبل بعد رجوعك إليه.
ولمزيد الفائدة تحسن مطالعة جواب السؤال قم: (99347)، ورقم: (145146).
ونسأل الله الكريم أن يجمع شملكم ويؤلف بين قلوبكم.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة