0 / 0

هل قول الزوج لزوجته بعد طلاقها \” إنه لا يريد الطلاق \” يعتبر إرجاعاً لها؟

السؤال: 151814

أنا آية من روسيا ؛ تزوجت من رجل مغربي لثلاث سنوات ، ثم طلقني الطلقة الأولى ، و بعد ذلك أعادني إليه قبل انتهاء العدة ، ثم طلقني الطلقة الثانية عبر الإنترنت ، لأنني كنت في حالة خصام معه ، ولم يعد يسكن معي ، وقال ما نصه : أنت مطلقة للأبد .
وخلال فترة العدة طردته الحكومة من روسيا لخمس سنوات ، وهو الآن ببلده المغرب ، ثم بعد ذلك كلمني عبر الإنترنت ، وقال : إنه لا يريد الطلاق . فهل يعني هذا أنه يريد إعادتي ؟ وهل تجب علي العودة إليه ؟ وإذا لم أعد إليه ، فهل أنا ناشز ؟ علما أنه لم يطلب مني العودة بقول صريح ، وأنا الآن لا أريد العودة إليه ، وهو لا يمكنه دخول روسيا لخمس سنوات . أريد تفصيلا لوضعيتي ؛ ما ذا يجب علي أن أعمل حتى أتحرر من هذا الرجل ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الطلقة الثانية التي أوقعها عليك زوجك عبر الإنترنت لازمة لك ، إذا كان قد تلفظ بها ، وكنت قد تأكدت أن الذي يحدثك فعلا هو زوجك .
وأما إذا كان طلاقه لك عن طريق الكتابة ، سواء كانت رسالة فورية ، أو عن طريق البريد الإلكتروني : فهي واقعة أيضا ، ، إذا نوى الطلاق ؛ وذلك أن كتابة الطلاق من كنايات الطلاق ، فلا يقع بها الطلاق إلا مع النية .
وينظر جواب السؤال رقم(72291).
ثانيا :
صيغة الطلاق التي ذكرها لك زوجك : أنت طالق إلى الأبد ؛ تقضي البينونة الكبرى ، عند جمهور أهل العلم ، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وغيره من أهل العلم ، أن الزوج لا يملك في كل مرة إلا طلقة واحدة ، فإن كانت الأولى فقد بقيت له اثنتان ، وإن كانت الثانية : فقد بقيت له واحدة ، وإن كانت الثالثة : بانت منه زوجته .
وينظر : جواب السؤال رقم (46561 )
وبناء على ذلك : فالطلقة الثانية التي أوقعها عليك زوجك ، هي طلقة رجعية ، وبإمكانه أن يردك إليه ما دمت في فترة العدة ، إذا كان راغبا في إصلاح ذات بينكما ، والعيش معك بالمعروف ؛ وحينئذ : لا يحل لك الامتناع عنه ، وتكونين ناشزا في حال امتناعك عن طاعته.
قال ابن المنذر رحمه الله :
” وأجمعوا على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة ، وكانت مدخولا بها ، تطليقة أو تطليقتين ، أنه أحق برجعتها حتى تنقضي العدة ، وأجمعوا أن الرجعة تكون بالإشهاد ، وأجمعوا أن الرجعة إلى الرجل ، ما دامت في العدة ، وإن كرهت ذلك المرأة ” انتهى من “الإجماع” ، لابن المنذر ص (126) .
وينظر : “تفسير القرطبي” (3/120) ، الشرح الممتع (13/181-183) .

ثالثا :
قول زوجك : إنه لا يريد الطلاق ، ليس له تأثير فيما مضى من الطلاق ؛ لأن النية في طلاق الكناية إنما ينظر فيها وقت التلفظ بالطلاق ، وليس في إرادته أو نيته بعد ما طلق .
وأما بالنسبة لرجعتك : فقول زوجك : إنه لا يريد الطلاق ، ليس صريحاً في الرجعة ، وإنما هو إخبار عن عدم رغبته في البينونة ، وذلك غير كاف ، فلا بد لرجعتك ، ، من أن يقول : راجعتك ، أو راجعت امرأتي ، أو نحو ذلك من الألفاظ التي تدل على أنه ردك إليه فعلا .
قال البهوتي رحمه الله :
” ( وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِلَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِهَا نَحْوَ رَاجَعْتُ امْرَأَتِي أَوْ ارْتَجَعْتُهَا أَوْ أَرْجَعْتُهَا أَوْ رَدَدْتُهَا أَوْ أَمْسَكْتُهَا ) وَ ( لَا ) تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ ( بِنَكَحْتُهَا أَوْ تَزَوَّجْتُهَا ) لِأَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ وَالرَّجْعَةُ اسْتِبَاحَةُ بُضْعٍ مَقْصُودٍ فَلَا تَحِلُّ بِالْكِنَايَةِ كَالنِّكَاحِ ( وَإِنْ خَاطَبَهَا ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ بِالرَّجْعَةِ ( فَ ) صِفَتُهَا أَنْ ( يَقُولَ : رَاجَعْتُكِ أَوْ أَرْتَجَعْتُكِ أَوْ أَرْجَعْتُكِ أَوْ رَدَدْتُكِ أَوْ أَمْسَكْتُكِ ) ” انتهى من “كشاف القناع”.
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
” وتحصل الرجعة بلفظ : “راجعت امرأتي”، ونحو ذلك ؛ مثل: رددتها، أمسكتها، أعدتها…وما أشبه ذلك .
وتحصل الرجعة أيضا بوطئها إذا نوي الرجعة ، على الصحيح .
وإذا راجعها ؛ فإنه يسن أن يشهد على ذلك ، وقيل: يجب الإشهاد؛ لقوله تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ، وهو رواية عن الإمام أحمد . وقال الشيخ تقي الدين: “لا تصح الرجعة مع الكتمان بحال” . انتهى من “الملخص الفقهي” (2/400) .
ولا يشترط لصحة الرجعة أن يواجهك بها مباشرة ، بل بإمكانه أن يراجعك وهو في بلده ، وأنت ـ أيضا ـ في بلدك ، لكنه إذا لم يواجهك بهذه الرجعة ، وجب عليه أن يُشهد رجلين عدلين ، ليتبين أنه راجعك فعلا ، قبل انتهاء عدتك منه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” إذا أراد الإنسان أن يراجع زوجته المطلقة ، فإنه يسن أن يُشْهِد على ذلك …
وقيل : إن الإشهاد واجب لقوله تعالى : وَأَشْهِدُوا ، فالأمر للوجوب ؛ ولأن الرجعة كابتداء النكاح ، فكما أن ابتداء النكاح لا بد فيه من الإشهاد ، فالرجعة لا بد فيها من الإشهاد .
ويحتمل أن يقال : في هذا تفصيل ، إن راجعها بحضرتها فلا حاجة للإشهاد ، وإن راجعها في غيبتها وجب الإشهاد ؛ لأنه إذا راجعها في غيبتها ولم يشهد ، ربما تنكر وتقول : أبداً ما راجعتني ، إذا أعلمها وأخبرها بالمراجعة بعد انتهاء العدة ، وحينئذٍ يقع الإشكال ؛ لأنه ليست المشكلة أنها تحرمه من المراجعة ، بل المشكلة أنها تحل لغيره ، وهي ما زالت في عصمته ، فالصواب هذا التفصيل. ” انتهى من “الشرح الممتع” (13/185-186) .
رابعا :
إذا راجعك زوجك قبل انتهاء عدتك ، فلا يحل لك أن تطلبي الطلاق منه ، ولا أن تسعي في الفرقة بينكما ، ما لم يوجد عذر شرعي يبيح ذلك ، كأن يكون تاركا للصلاة مطلقا ، أو كان لا يعطيك حقك من النفقة والسكنى والعشرة بالمعروف ، ونحو ذلك من الأعذار المعتبرة .
ويراجع جواب السؤال رقم ، ورقم (99870)، ورقم (101423)
ومن الأعذار التي تبيح لك طلب الفرقة من زوجك ، عند بعض أهل العلم ، وهو مذهب المالكية : أن يتغيب عنك زوجك ، أو يحبس مدة طويلة ، إذا كنت تتضررين بذلك .
وينظر : “الموسوعة الفقهية” (29/62-66) .
والمدة المذكورة : ( خمس سنوات ) مدة طويلة ، يشق على الزوجة ـ عادة ـ أن تستغني عن زوجها فيها ، فلها أن تطلب الطلاق حينئذ إن كان لا يمكنها الانتقال إلى بلد زوجها .
وينظر جواب السؤال رقم (12179)
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android