0 / 0

ماذا يفعل من يرغب بالتعدد ويرفض ذلك أهله وزوجتاه ؟

السؤال: 180630

أنا متزوج منذ سنوات ، ولدي ولدان ، وأرغب بالزواج من امرأة على سنَّة الله ورسوله ، ولكن زوجتي الأولى ترفض الموضوع وكذلك أهلي ، حدثت العديد من المشاكل حيث طلبت زوجتي الطلاق فرفضتُ وعليه تم الاتفاق بيننا علي الانفصال لمصلحة الأولاد ، تم الاتفاق على إرجاع زوجتي وأولادي إلى ” عمَّان ” مع تكفلي بكافة المصاريف المتعلقة بالأولاد وزوجتي ، وتوفير مسكن ملائم جدّاً ببيت مستقل ، تم الاتفاق كذلك مع زوجتي على عدم المبيت ، كون العلاقة والمشاكل بيننا لا تسمح نفسيّاً بالقيام بالعشرة الزوجية ، كونها ستكون لا إنسانية ، الزوجة الثانية تصر على أنه في حالة طلب الزوجة الأولى بالمبيت مستقبلاً فإنها ستطلب الانفصال ! علماً بأنها ستعيش معي هنا في ” السعودية ” .
السؤال :
ما هي الأشياء الواجبة عليَّ لتجنب ظلم الزوجة الأولى ؟ وهل يحق لها طلب المبيت مستقبلا ، حتى ولو أننا لا نشعر بالود والرغبة لذلك ؟ وهل من حق الزوجة الثانية طلب الانفصال في حالة المبيت مع الأولى ؟ وهل يعتبر هذا الزواج عقوقا للوالدين اللذين يرفضون هذا الزواج فقط لمصلحة الأولاد ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
أوجب الله تعالى على المعدِّد العدل بين نسائه في المبيت والنفقة والسكنى ، وهو عدل ظاهر مستطاع ، ومن لم يكن قادراً على تحقيقه واقعاً في حياته فيصير التعدد في حقه محرَّماً .
وغيرة النساء من التعدد أمر لا خلاص منه ، والعاقل من الأزواج من يُحسن تدبير بيوته ليقيمها على العدل وينشر فيها المودة والرحمة ، وطلب الزوجة أن تكون بعيدة عن زوجها أو طلبها أن تطلَّق لا ينبغي للزوج أن يسارع في الاستجابة له ؛ لأنها أوراق أخيرة تحاول الزوجة استثمارها للضغط عليه ليكف عن التزوج عليها أو ليطلِّق ضرَّتها ، وعليه : فلا تتعجل فتطلق الأولى لاختيارها البعد عنك بأولادها ، ولا تستجب للأخرى بتطليقها في حال رجوعك للأولى بحقوقها كاملة ، ومن تصرُّ منهما بعد صبرك وتحملك وحسن حكمتك ، فلا تيأس عليها وهي من اختارت مصيرها بنفسها .

ثانياً:
أما بخصوص زوجتك الأولى فلا يخرج ما فعلته معها من كونه هبة منها لحقها في المبيت لك أو لضرتها ، أو يكون من باب الصلح ، فإن كان الأول فلها الرجوع عنه ومطالبتك بحقها في القسم لها كضرتها ويجب عليك الاستجابة لها ، وإن كان ما حصل معها هو من باب الصلح مقابل عدم تطليقك لها : ففعلها جائز ولا شك أنه خير من الفرقة ؛ لتبقى زوجاً لها تدخل بيتها من غير حرج وتراها وتراك ، وأصل الجواز هو قوله تعالى : ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) النساء/ 128 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – : ” أي : إذا خافت المرأة نشوز زوجها أي : ترفعه عنها وعدم رغبته فيها وإعراضه عنها : فالأحسن في هذه الحالة أن يصلحا بينهما صلحاً ، بأن تسمح المرأة عن بعض حقوقها اللازمة لزوجها على وجه تبقى مع زوجها ، إما أن ترضى بأقل من الواجب لها من النفقة أو الكسوة أو المسكن أو القسم بأن تسقط حقها منه ، أو تهب يومها وليلتها لزوجها أو لضرتها .
فإذا اتفقا على هذه الحالة : فلا جناح ولا بأس عليهما فيها ، لا عليها ولا على الزوج ، فيجوز حينئذ لزوجها البقاء معها على هذه الحال ، وهي خير من الفرقة ، ولهذا قال ( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) ” انتهى من ” تفسير السعدي ” ( ص 206 ) .
وهل للزوجة الرجوع عن الصلح ونقضه ؟ والجواب : ليس لها الرجوع عنه ولا يُلزم الزوج بالاستجابة لها ، بل هو مخيَّر في فعلها أو عدمها ، والجمهور على خلاف ذلك ويرون أن لها أن تنقض الصلح ويُلزم زوجُها بقبوله .
قال ابن بطَّال – رحمه الله – : ” واختلفوا هل ينتقض هذا الصلح ، فقال عبيدة : هما على ما اصطلحا عليه فإن انتقضت : فعليه أن يعدل عليها أو يفارقها وبه قال النخعي ومجاهد وعطاء ، وحكى ابن المنذر : أنه قول الثوري والشافعي وأحمد ، وقال الكوفيون : الصلح فى ذلك جائز ، وقال ابن المنذر : لا أحفظ عنهم في الرجوع شيئاً ، وقال الحسن البصري : ليس لها أن تنقض وهما على ما اصطلحا عليه ، وقول الحسن : هو قياس قول مالك فيمن أنظره بالديْن أو أعاره عارية إلى مدة أنه لا يرجع فى ذلك ، وقول عبيدة هو قياس قول أبي حنيفة والشافعي ؛ لأنها هبة منافع طارئة لم تقبض فجاز فيها الرجوع ” انتهى من ” شرح صحيح البخاري ” ( 7 / 328 ) .
ولا شك أن قول الجمهور أحوط وإن كان القول الآخر أرجح .
وقد ذكرنا الفرق بين الهبة والصلح وذكرنا فتاوى العلماء في المسألة في جواب السؤال رقم ( 161302 ) فانظره .

ثالثاً:
لا يجوز للزوجة الأخرى أن تطلب الطلاق إذا رجعتَ إلى زوجتك الأولى وإلاَّ عرضت نفسها للوعيد ، فعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ ) رواه الترمذي ( 1187 ) وأبو داود ( 2226 ) وابن ماجه ( 2055 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
وانظر جواب السؤال رقم (127145 ) .
فإذا جرَّبت الزوجة الثانية حياتها مع زوجته الأولى ولم تطق صبراً ، وخشيت عدم القيام بحق زوجها : فلا بأس بطلب المخالعة ، كما بينَّاه في جواب السؤال رقم ( 452 ) .
وينظر تفصيل ” الخلع ” في جواب السؤال رقم (26247 ) ، وينظر في عدة الخلع ورجوع المختلعة لزوجها جوابا السؤالين (5163 ) و (14569 ) ، وينظر في الفرق بين الخلع والطلاق جواب السؤال رقم (175765 ) .

رابعاً:
إذا كان الزوج محتاجاً للتزوج بزوجة ثانية فلا ينبغي لوالديه منعه من تحقيق ذلك ، فإن فعل من غير رضاهم فلا يعد فعله عقوقاً من حيث الأصل ، وينظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم ( 98768 ) .
غير أننا لا ننصحك في الإقدام على زواج ثاني ، يجعل زواجك الأول في محل الخطورة أو مهب الرياح ؛ فليس العاقل من يبني قصرا ويهدم مصرا !! وإذا قدر أنك احتجت إلى ذلك ، ورغبت فيه ، فهنا يأتي الدور الأهم في حسن اختيارك ؛ فما الذي يدفعك إلى اختيار زوجة ثانية تهدد لك بيتك الأول ، وتلزمك بأمر لا يلزمك ؛ الذي يجب عليك أن تختار ما يناسب ظرفك ، فتختار الزوجة التي تقبل بوضع أنها زوجة ثانية ، وأنك لست مستعدا لهدم بيتك الأول لأجلها ؛ فإن استقامت العشرة مع الزوجتين ، فهذا هو المطلوب ؛ وإلا ، فأنت بالخيار ، ترى ما يصلح لك ، ويصلح شأنك ، ولا تكون ملزما بأمر لا يلزمك من الأصل .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android