تنزيل
0 / 0

حديث: أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، حديث منكر ، وأكثر الحفاظ على أنه موضوع.

السؤال: 202901

بعض الناس يكتبون : الإمام علي ، عليه السلام ، وإذا رددنا عليهم ، يقولون : إن منزلة علي ، كمنزلة الأنبياء ، وأنه باب مدينة العلم ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أولياء الله الصالحين ، ومن الأئمة المهديين ، وهو
رابع الخلفاء الراشدين ، لا يحبه – الحب المشروع – إلا مؤمن ، ولا يبغضه إلا منافق
.
والمغالاة فيه أو في غيره من أولياء الله لا تجوز ، والغلو في محبة الصالحين يوقع
في البدعة ويجر إلى الشرك – كما هو معلوم من أحوال الناس – .

ودعوى أن علي بن أبي
طالب ، أو أحدا من أهل بيته المكرمين ، رضي الله عنهم ، أنه في الفضل في مقام
النبوة : دعوى كاذبة باطلة ، بل هي ضلال مبين.
وقد روى النسائي (3057) وابن ماجة (3029) عن ابْن عَبَّاسٍ عن النبي صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا
أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ ) ، وصححه الألباني في
صحيح النسائي .
وينظر جواب السؤال رقم : (139054)

ثالثا :
تقدم في إجابة السؤال رقم (151400)
أنه لا ينبغي تخصيص علي رضي الله عنه أو أحد من الصحابة بالصلاة أو السلام عليه عند
ذكره ، وذلك لأمور :
الأول : عدم الدليل على التخصيص .
الثاني : أنه يوحي بأفضليته على غيره ، وقد يوجد من هو أفضل منه كما هو الحال مع
علي وأبي بكر وعمر ، فإنهما أفضل منه اتفاقا .
الثالث : أن التخصيص أصبح شعارا لأهل البدع ، فلا ينبغي مشابهتهم فيه .
لكن إذا دعت إلى ذلك مصلحة ، كدعوة من يرجى هدايته واستقامته ، أو كان شيئا قليلا ،
ولم يكن هديا متبعا ، ولا شعارا دائما : فلا حرج في ذلك .

رابعا :
روى الطبراني في “المعجم الكبير” (11061) والحاكم في “مستدركه” (4637) وابن المقرئ
في “معجمه” (175) والسهمي في “تاريخه” (ص65) والخطيب في “تاريخه” (3/655) وابن
المغازلي في “مناقب علي” (120) وابن حبان في “المجروحين” (1/130) وابن عدي في
“الكامل” (1/311) والعقيلي في “الضعفاء” (3/149) وأبو نعيم في “المعرفة” (1/88) من
طرق عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ
وَعَلِيٌّ بَابُهَا ، فَمَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيَأْتِهِ مِنْ بَابِهِ )
وهذا حديث لا يصح من جميع طرقه ، وقد نص غير واحد من أهل العلم على ذلك ، وأكثرهم
على أنه موضوع .
قال العقيلي رحمه الله :
” لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْمَتْنِ حَدِيثٌ ” انتهى .
“الضعفاء” (3/ 149)
وقال ابن القيسراني رحمه الله :
” هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا ابْتَكَرَهُ أَبُو الصَّلْتِ الهروي، وَالْكَذَبَةُ
عَلَى مِنْوَالِهِ نَسَجُوا ” انتهى.
“تذكرة الحفاظ” (ص: 137)
وقال أبو بكر بن العربي رحمه الله :
” هُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ، النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –
مَدِينَةُ عِلْمٍ وَأَبْوَابُهَا أَصْحَابُهَا؛ وَمِنْهُمْ الْبَابُ الْمُنْفَسِحُ،
وَمِنْهُمْ الْمُتَوَسِّطُ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ فِي الْعُلُومِ ” انتهى .
“أحكام القرآن” (3/ 86)
وقال الشوكاني رحمه الله :
” ذكر هذا الحديث ابن الجوزي في الموضوعات من طرق عدة، وجزم ببطلان الكل، وتابعه
الذهبي وغيره ” انتهى .
“الفوائد المجموعة” (ص 349)
وقال الألباني في “الضعيفة” (2955) : ” موضوع “
ورواه الترمذي في “سننه” (3723) عن علي رضي الله عنه مرفوعا بلفظ : ( أنا دار
الحكمة وعلي بابها ) وقال الترمذي عقبه : ” هذا حديث غريب منكر “
وقال في “العلل” (ص 375):
” سَأَلْتُ مُحَمَّدًا – يعني البخاري – عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ , وَأَنْكَرَ
هَذَا الْحَدِيثَ ” انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَأَمَّا حَدِيثُ ( أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ ) فَأَضْعَفُ وَأَوْهَى ،
وَلِهَذَا إنَّمَا يُعَدُّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ الْمَكْذُوبَاتِ وَإِنْ كَانَ
التِّرْمِذِيُّ قَدْ رَوَاهُ . وَلِهَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي
الْمَوْضُوعَاتِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ مِنْ سَائِرِ طُرُقِهِ . وَالْكَذِبُ
يُعْرَفُ مِنْ نَفْسِ مَتْنِهِ ؛ لَا يَحْتَاجُ إلَى النَّظَرِ فِي إسْنَادِهِ :
فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَانَ مَدِينَةَ
الْعِلْمِ ، لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْمَدِينَةِ إلَّا بَابٌ وَاحِدٌ ، وَلَا
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُبَلِّغُ عَنْهُ وَاحِدًا ؛ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ
الْمُبَلِّغُ عَنْهُ أَهْلَ التَّوَاتُرِ الَّذِينَ يَحْصُلُ الْعِلْمُ
بِخَبَرِهِمْ لِلْغَائِبِ ، وَرِوَايَةُ الْوَاحِدِ لَا تُفِيدُ الْعِلْمَ إلَّا
مَعَ قَرَائِنَ ، وَتِلْكَ الْقَرَائِنُ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُنْتَفِيَةً ،
وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ خَفِيَّةً عَنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ ، أَوْ أَكْثَرِهِمْ ؛
فَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ الْعِلْمُ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ ؛
بِخِلَافِ النَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ: الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ لِلْخَاصِّ
وَالْعَامِّ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ إنَّمَا افْتَرَاهُ زِنْدِيقٌ أَوْ جَاهِلٌ: ظَنَّهُ مَدْحًا؛
وَهُوَ مُطْرِقُ الزَّنَادِقَةِ إلَى الْقَدْحِ فِي عِلْمِ الدِّينِ – إذْ لَمْ
يُبَلِّغْهُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ .
ثُمَّ إنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَعْلُومِ بِالتَّوَاتُرِ؛ فَإِنَّ جَمِيعَ مَدَائِنِ
الْمُسْلِمِينَ : بَلَغَهُمْ الْعِلْمُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ” انتهى .
“مجموع الفتاوى” (4/ 410-411)

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android