0 / 0
32,69310/12/2014

زوجته تتهاون في الصلاة ، ويسأل في حال تطليقها هل يجب عليه أن يوفيها مؤخر الصداق؟

السؤال: 214779

حاولت مع زوجتي بأن تصلي أكثر من مرة ، فهي تقطّع الصلاة ، وأحياناً لا تصلي لفترة ، وأقوم بتنبيهها أكثر من مرة ؟ وفي حال الطلاق هل يكون المؤخّر واجبا علي؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
الواجب على الزوج أن يأمر زوجته بالمعروف وينهاها عن المنكر ، ويدعوها إلى الخير ، ويحذرها من الشر ، قياماً بالمسئولية التي حمّله الله إياها ، قال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) التحريم/6 .
جاء في ” تفسير ابن كثير” (8 / 167): ” عن علي ، رضي الله عنه، في قوله تعالى: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا يقول: أدبوهم وعَلموهم. وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: ( قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ) يقول: اعملوا بطاعة الله ، واتقوا معاصي الله، ومُروا أهليكم بالذكر ، يُنْجِكم اللهُ من النار ، وقال مجاهد: ( قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ) قال: اتقوا الله، وأوصوا أهليكم بتقوى الله ، وقال قتادة: يأمرهم بطاعة الله ، وينهاهم عن معصية الله ، ويقومَ عليهم بأمر الله، ويأمرهم به ويساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصية ، رَدعتهم عنها ، وزجرتهم عنها ، وهكذا قال الضحاك ومقاتل: حق على المسلم أن يعلم أهله ، من قرابته وإمائه وعبيده : ما فرض الله عليهم ، وما نهاهم الله عنه” انتهى.
وقد أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر أهله بالصلاة قال تعالى : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ) طه/ 132 .
جاء في ” تفسير القرطبي “(11 / 263): ” أمره تعالى بأن يأمر أهله بالصلاة ، ويمتثلها معهم، ويصطبر عليها ، ويلازمها .
وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، ويدخل في عمومه جميع أمته ، وأهل بيته على التخصيص. وكان عليه السلام بعد نزول هذه الآية : يذهب كل صباح إلى بيت فاطمة وعلي رضوان الله عليهما فيقول : ” الصلاة” ، ويروى أن عروة بن الزبير رضي الله عنه كان إذا رأى شيئا من أخبار السلاطين وأحوالهم بادر إلى منزله فدخله ، وهو يقرأ ” ولا تمدن عينيك ” الآية إلى قوله:” وأبقى ” ، ثم ينادي بـ : الصلاة ؛ الصلاة يرحمكم الله ، ويصلي ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلي وهو يتمثل بالآية ” انتهى.
وقد حكى الله سبحانه عن نبيه إسماعيل عليه السلام أنه كان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ، قال تعالى : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ، وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ) مريم/ 54، 55 .
جاء في ” تفسير السعدي ” (1 / 496) :” أي : كان مقيما لأمر الله على أهله ، فيأمرهم بالصلاة المتضمنة للإخلاص للمعبود ، وبالزكاة المتضمنة للإحسان إلى العبيد ، فكمل نفسه ، وكمل غيره ، وخصوصا أخص الناس عنده وهم أهله ، لأنهم أحق بدعوته من غيرهم” انتهى .

وأداء الصلاة في أوقاتها من أعظم البر والمعروف ، كما أن التهاون والتفريط فيها بتركها ، أو تضييع مواقيتها : من أعظم المنكرات ، وقد جاء في ذم من فعل ذلك قوله تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) مريم/59 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ ) رواه مسلم (82)، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ( رواه البخاري (553) .
فإذا كانت زوجتك لا تصلي أبداً ، فقد جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ترك الصلاة كفر ، فلا يجوز لك إمساكها لأنها ليست مسلمة ، وحينئذ يجب عليك أن تبين لها أن إصرارها على ترك الصلاة يعني أنها ليست زوجة لك ، فإما أن تتوب وتقيم الصلاة ، وإما أن تفارقها .

وأما إن كانت تصلي أحيانا ، وتضيع الصلاة أحيانا أخرى – وهذا هو الظاهر من سؤالك – فلا تخرج من الإسلام بذلك – على ما رجحه بعض أهل العلم – وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم :(95077) .

ولكن عليك أن تقوم بنصحها ، والبحث عن أسباب تقصيرها لمعالجتها ، وليكن ذلك برفق ولين ، فتبين لها عظمة الصلاة وأهميتها ، وإثم التقصير فيها ، وتعمل على تقوية إيمانها ، وزيادة يقينها ، بترغيبها في الخيرات ، وتشجيعها على الطاعات ، وربطها ببعض النساء الصالحات ، وتزويدها بشيء من الكتب والأشرطة النافعة التي تحبب إليها الخير ، وتزين لها البر ، مع سؤالها دوما عن الصلاة .

ثانيا :
فإن أصرت زوجتك على عدم الانتظام في الصلاة فيجوز لك أن تطلقها ، فإن طلقتها فالواجب عليك أن توفيها جميع حقوقها بما في ذلك مؤخر الصداق ، لأن مؤخر الصداق حق للمرأة ، تستحقه عند حلول الأجل الذي اتفقا على تسليمه لها فيه ، أو حسب ما جرت به العادة المتبعة إذا لم يكن هناك اتفاق ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (145955).
ويجوز لك أيضا أن تمتنع عن طلاقها ، وتعضلها ، حتى تتنازل لك عن المهر كله ، أو مؤخره ، وإنما كان ذلك جائزا لأنها فعلت ما يبيح لك عضلها واسترجاع مالك منها ، وبرهان ذلك قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) النساء/ 19.
وقد سبق بيان تفسير هذه الآية الكريمة وكلام أهل العلم عليها ، في الفتوى رقم : (146100) ، وفيها أيضا : أن الزوجة إذا تركت فرضا من فرائض الله : فهذا يبيح للزوج أن يعضلها حتى تختلع منه .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android