0 / 0

هل توصف ترجمات القرآن والأحاديث القدسية والنبوية بأنها كلام الله؟

السؤال: 220937

أعلم أنّ القرآن كلام الله ، وأنه غير مخلوق . ولكن ما هو القول في تراجم القرآن إلى اللغات الأخرى ، والأحاديث القدسية ، والأحاديث التي تتضمن الأدعية ، أنا أعلم أنّ الأحاديث النبوية هي من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن كيف يمكننا أن نوفق بين ذلك والآية : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) ؟

ملخص الجواب

أن ترجمات معاني القرآن الكريم ، والأحاديث النبوية ، ليست من صفات الله تعالى بألفاظها ، وإنما معانيها تعبر عن مراد الله سبحانه . لذلك فهي مخلوقة . أما الأحاديث القدسية ففيها خلاف قائم بين العلماء .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
من الأصول المهمة هنا أن نعلم أن ترجمة القرآن الكريم لا يقال عنها إنها : كلام الله ، هكذا بإطلاق ، وإنما كلام الله ، هو ـ كما في وصف القرآن الكريم له ـ : كلام عربي مبين ، كما قال عز وجل : ( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) الشعراء/195؛ فما لم يكن بلسان عربي مبين ، من الكلام ؛ فليس هو القرآن ، قطعا ، وإن تضمن معاني القرآن أو تفسيره .

وقد اتفق العلماء على أن أي ترجمة لمعاني الكتاب الكريم لا تأخذ وصف " القرآنية "، ولا تجري عليها أحكام القرآن الكريم ، لأنها جهد بشري بلغة موضوعة من البشر ، يراد بها توضيح معنى كلام الله بلغة غير لغته ، كما أن كتب التفسير ومعاني القرآن ، لا يجوز وصفها بأنها من القرآن الكريم نفسه ، أو بأنها كلام الله ، بل هي أيضا : جهد بشري في نقل معاني كلام الله للناس ، حتى وإن كانت بلسان عربي مبين ؛ فالقرآن ـ فقط ـ هو الكلام المنزل من السماء ، بلفظه ومعناه ، المحفوظ بين دفتي المصحف ، على حاله التي تركها لنا نبي الله صلى الله عليه وسلم .

وإذا كان الأمر كذلك : فلا شك أن حكمها حكم كلام البشر ، فإذا كان كلام البشر مخلوقا ، فكذلك : كتب التفسير ، وترجمات القرآن : لا حرج في أن يقال : إنها مخلوقة ، وأما كلام الله ، الذي هو قرآن ، فهو صفة الله ، غير مخلوقة .

ثانيا :
الحديث النبوي الشريف ، لفظه ليس من كلام الله سبحانه ، بل هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن معناه وحي من الله عز وجل .
ولا يتعارض هذا مع قول الله تعالى : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم/3-4. فالسنة وحي من الله تعالى بمعناها ، فالنبي صلى الله عليه وسلم – في مقام التشريع – لا ينطق عن الهوى ، بل بما أوحي إليه مضمونه ومعناه ، فيعبر عنه بلفظه المعصوم عليه الصلاة والسلام .

ثالثا :
أما الحديث القدسي فقد وقع الاختلاف في لفظه : هل هو من الله سبحانه ، أو من النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك على قولين ، سبق تفصيل الكلام فيهما في الجواب رقم : (136658) .

فمن قال : إن الحديث القدسي لفظه ومعناه من الله سبحانه وتعالى ، فلازم ذلك : أنه غير مخلوق ؛ لأنه صفة من صفات الخالق جل وعلا .

ومن قال : إن الحديث القدسي لفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لزم منه : أنه مخلوق حادث ، لأنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .

وفي الجواب السابق ، المشار إليه : رجحنا أن لفظ الحديث القدسي من الله تعالى .
وهذا هو الذي يدلُّ عليه صنيعُ البخاريِّ رحمه الله حيثُ قالَ:" بابٌ قولُ الله تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ " ثمّ ساقَ ما يقربُ مِن عشرةِ أحاديثَ قُدْسيَّةٍ .
قال ابنُ حجرٍ مُعلِّقًا على ترجمةِ البابِ : " والذي يظهرُ : أنّ غرضهُ أنّ كلامَ الله لا يختصُّ بالقرآنِ ، فإنّه ليسَ نوعًا واحدًا ".

وهذا هو الذي يُفهم مِن كلامِ شيخِ الإسلام ابن تيميةَ رحمه الله ، حيثُ قالَ في تعليقه على حديثٍ قُدْسيٍّ :" وهو مِن الأحاديثِ الإلهيّةِ التي رواها الرسولُ عن رَبِّهِ ، وأخبرَ أنّها مِن كلامِ الله تعالى ، وإنْ لم تكنْ قرآنًا "انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/157) .
انظر : " مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة " (35/ 321، بترقيم الشاملة آليا) ، مقال: " الأحاديث القدسية في الجرح والتعديل ومصادرها وأدوار تدوينها " بقلم : د. عبد الغفور عبد الحق البلوشي ، الباحث بمركز خدمة السنة والسيرة النبوية بالجامعة الإسلامية .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" أرجو أن تتفضلوا بإيضاح الفرق بين القرآن الكريم ، والحديث القدسي، وإذا كنت لا أحفظ نص الحديث القدسي ، فهل يجوز أن أقول: معنى ذلكم الحديث كذا وكذا ؟ وهل تجوز صلاة النافلة بالحديث القدسي ؟
فأجاب :
"القرآن هو كلام الله المعجز ، الذي جعله معجزة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وجعله دليلاً على صدق رسالته، وأنه على حق ، وأنه كلام الله ، جعله سبحانه وتعالى معجزةً لنبيه صلى الله عليه وسلم ، ودليلاً على أنه رسول الله حقا، يقرأ به المؤمن في صلاته وفي غيرها، يتعبد بذلك ، فهو كلام الله حروفه ومعانيه ، كلام الله حروفه ومعانيه ، كلام الله ، تكلم به سبحانه ونزل به جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، هذا قول أهل السنة والجماعة، هو كلام الله حقاً، ليس كلام غيره .
أما الحديث القدسي فهو الكلام المنسوب إلى الله ، الذي نسبه الرسول صلى الله عليه وسلم ، يقال: حديث قدسي، يعني حديث عن الله جل وعلا، فهو أيضاً يعتبر من كلام الله ، لفظه ومعناه، إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال الله كذا: فيعتبر من كلام الله ، هذا هو الصحيح لفظاً ومعنى ، كما في الحديث يقول الله جل وعلا: ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ) ، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل ، وهكذا ما جاء فيما معناه من الأحاديث التي ينقلها النبي عن الله ، يقول : هذا كلام الله ، هذا يسمى حديثاً قدسيا، ولكن ليس له لفظ القرآن ، ليس بمعجز، ولا يقرأ به في الصلاة ، الصلاة يقرأ فيها بالقرآن خاصة ، أما الأحاديث القدسية يقرأها الإنسان للفائدة ، في نفسه أو مع إخوانه للفائدة ، أما أنه يقرأ بالحديث القدسي في الصلاة لا ، ليس حكمه حكم القرآن في هذا، القرآن معجز ويقرأ في الصلوات فله حكم آخر، ولكن الحديث القدسي ينسب إلى الله ، ويقال : أنه كلام الله لفظه ومعناه، لكن ليس بمعجز، وليس له حكم القرآن في أن لا يمس الكتاب الذي فيه إلا طاهر، وليس له حكم القرآن في أن يقرأ به في الصلاة ، فهذا شيء، وهذا شيء." .
http://www.binbaz.org.sa/mat/10622

وقال ابن حجر الهيتمي الشافعي رحمه الله :
" فائدة يعم نفعها ، ويعظم وقعها ، في الفرق بين الوحي المتلو وهو القرآن ، والوحي المروي عنه صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل ، وهو ما ورد من الأحاديث الإلهية ، وتسمى القدسية .
اعلم أن الكلام المضاف إليه تعالى أقسام ثلاثة :
أولها – وهو أشرفها – : القرآن ، لتميزه عن البقية بإعجازه من أوجه قدمناها أول الكتاب ، وكونه معجزة باقية على ممر الدهر ، محفوظة من التغيير والتبديل ، وبحرمة مسه للمحدث ، وتلاوته لنحو الجنب ، وروايته بالمعنى ، وبتعينه في الصلاة ، وبتسميته قرآنا ، وبأن كل حرف منه بعشر حسنات ، وبتسمية الجملة منه آية وسورة .

وغيره من بقية الكتب والأحاديث القدسية لا يثبت لها شيء من ذلك ، فيجوز مسه ، وتلاوته لمن ذكر ، وروايته بالمعنى ، ولا يجزئ في الصلاة ، بل يبطلها ، ولا يسمى قرآنا ، ولا يعطى قارئه بكل حرف عشرا ، ولا يسمى بعضه آية ولا سورة اتفاقا أيضا .

ثانيها : كتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبل تغييرها وتبديلها .

ثالثها : بقية الأحاديث القدسية ، وهي ما نقل إلينا آحادا عنه صلى الله عليه وسلم ، مع إسناده لها عن ربه ، فهي من كلامه تعالى ، فتضاف إليه ، وهو الأغلب ، ونسبتها إليه حينئذ نسبة إنشاء ؛ لأنه المتكلم بها أولا ، وقد تضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه المخبر بها عن الله تعالى ، بخلاف القرآن ، فإنه لا يضاف إلا إليه تعالى ، فيقال فيه : قال الله تعالى ، وفيها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه " " انتهى من " الفتح المبين بشرح الأربعين " (ص432-433) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android