تنزيل
0 / 0

الرجل سيد أهله ، والمرأة سيدة بيتها

السؤال: 220993

أشكل علي حديث : ( كل نفس من بني آدم سيد فالرجل سيد أهله والمرأة سيدة بيتها ) ، فهل هذا يعني أن الرجل سيد أهله خارج البيت وفي البيت تكون المرأة هي السيدة ؟ وهل سيادتها في البيت تكون حتى على الرجل ؟ وهل يتعارض هذا مع القوامة ؟ هل للقوامة ضوابط ؟
النصراني الذي يخاطبني بلفظ السيد ، هل يمكن أن أخاطبه بنفس اللفظ كأن أقول * السيد خوان * ويكون قصدي أنه سيد في بيته أو قومه أو عمله ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى ابن السني في ” عمل اليوم والليلة ” (388) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
كُلُّ نَفْسٍ مِنْ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ ، فَالرَّجُلُ سَيِّدُ أَهْلِهِ ،
وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا ) وصححه الألباني في ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ”
(2041) على شرط مسلم .

والرجل سيد أهله داخل البيت
وخارجه ، فله القوامة والولاية على البيت وأهله حاضرا وغائبا ، مسافرا ومقيما ،
صحيحا ومريضا .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
” قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : الزَّوْجُ سَيِّدٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ . وَقَرَأَ
قَوْله تَعَالَى : ( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ) . وَقَالَ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ : النِّكَاحُ رِقٌّ ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ
يُرِقُّ كَرِيمَتَهُ . وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا
فَإِنَّمَا هُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ [ يعني : أسيرات ] ) فَالْمَرْأَةُ عِنْدَ
زَوْجِهَا تُشْبِهُ الرَّقِيقَ وَالْأَسِيرَ ، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ
مَنْزِلِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ سَوَاءٌ أَمَرَهَا أَبُوهَا أَوْ أُمُّهَا أَوْ غَيْرُ
أَبَوَيْهَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (32/ 263) .

وقال ابن كثير رحمه الله :
” الرَّجُلُ قَيّم عَلَى الْمَرْأَةِ ، أَيْ هُوَ رَئِيسُهَا وَكَبِيرُهَا
وَالْحَاكِمُ عَلَيْهَا وَمُؤَدِّبُهَا إِذَا اعوجَّت ” انتهى من
” تفسير ابن كثير ” (2/292) .

أما قوله صلى الله عليه وسلم
في الحديث : ( وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا ) فهذه سيادة نسبية ، فهي سيدة
على أولادها ، وعلى خدمها ، فلها السمع والطاعة عليهم ، وليس لهم مخالفتها ، ما لم
تأمر بمعصية الله .
يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في أول الحديث : ( كُلُّ نَفْسٍ مِنْ بَنِي آدَمَ
سَيِّدٌ ) فهذه سيادة نسبية ، ولو لم يكن للرجل من يسوده ، فهو سيد نفسه وجوارحه
ومسئول عن ذلك ، كما قال تعالى : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ
أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/ 36 .

قال المناوي رحمه الله :
” ( كل نفس من بني آدم سيد فالرجل سيد أَهله ) أَي : عِيَاله من زَوْجَة وَولد
وخادم … وَمن لَا أهل لَهُ وَلَا زوج سيدٌ على جوارحه ” انتهى من ” فيض القدير ”
(5/47) .
وهذه السيادة هي مسئولية ، يسأل عنها الإنسان يوم القيامة ، كما قال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) رواه
البخاري (7138) ، ومسلم ( 1829 ) .

وهذه السيادة هي سيادة مقيدة
ببعض الأشخاص ، أم السيادة المطلقة التي تكون على عموم المخلوقات فهي لله تعالى
وحده .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
” لا يستحق أحد أن يوصف بالسيادة المطلقة إلا الله – عز وجل – فالله تعالى هو السيد
الكامل السؤدد ، أما غيره فيوصف بسيادة مقيدة مثل سيد ولد آدم ، لرسول الله صلى
الله عليه وسلم ، والسيادة قد تكون بالنسب ، وقد تكون بالعلم ، وقد تكون بالكرم،
وقد تكون بالشجاعة ، وقد تكون بالملك ، كسيد المملوك ، وقد تكون بغير ذلك من الأمور
التي يكون بها الإنسان سيدا ، وقد يقال للزوج : سيد بالنسبة لزوجته ، كما في قوله
تعالى : ( وألفيا سيدها لدى الباب ) ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن عثيمين ” (3/109)
.

ثانيا :
القوامة من الأمور التي خص الله بها الرجل دون المرأة ، والمقصود بها أن الزوج أمين
على زوجته ، يتولى أمرها ، ويقوم عليها آمراً ناهياً كما يقوم الوالي على رعيته ،
وليس للمرأة قوامة على الرجل ، ولو كانت هي التي تنفق عليه ، وانظر إجابة السؤال
رقم : (930) .

وسيادة المرأة في بيتها لا
تتعارض مع قوامة زوجها ، لأنها – كما سبق- إنما تسود أولادها وخادمتها فهي سيادة
مقيدة ببعض أمور البيت ، أما سيادة البيت على سبيل العموم فهي للزوج .

ثالثا :
لم يجعل الشارع القوامة بيد الرجل بصورة مطلقة ، بحيث يفعل الرجل بزوجته ما يشاء ،
وفق رغباته وهواه ، وإنما قيد هذه القوامة بضوابط وقيود ، فمن هذه الضوابط :
– وجوب أداء الزوج لواجباته تجاه زوجته ، من المهر والنفقة والكسوة والسكنى .
– وجوب معاملة الزوج لزوجته بالمعروف ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19
.
– أمرها بطاعة الله ، ونهيها عن معصية الله .
– تأديبها إذا نشزت كما أمر الله تعالى ، ولا يتعدى حدود الله معها ، فلا يقبح
الوجه ولا يضرب فيؤذي ، ولا يهجر إلا في البيت .
– ألا يستخدم قوامته عليها فيذلها ويقهرها ، ويسفه رأيها ، ويتعرض لأهلها بالسوء
بالفعال أو المقال ، ويؤذيها أمام أولادها ، فيسبها ويضربها أمامهم .

فهذه القوامة هي ولاية من
الولايات الشرعية للرجل على أهل بيته ، فتقيد بما تقيد به الولايات ، من وجوب إصلاح
من تحت ولايته والإحسان إليهم والرفق بهم وأداء حقوقهم ، والعمل على مصلحتهم ….
إلخ .

رابعا :
لا تجوز مخاطبة الكفار والمنافقين مخاطبة إجلال وإعظام ، كأن يقال لأحدهم : ” السيد
فلان ” أو ” سيدنا ” أو ” سيدي ” ونحو ذلك ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لاَ
تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ
أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه أبو داود ( 4977 ) ، وصححه الألباني
في ” صحيح سنن أبي داود ” .

ولكن إذا كان الشخص قريباً
من الإسلام ، فلا بأس بتأليفه على الإسلام ، ويتسامح في حقه في هذا وغيره ما لا
يتسامح في حق من سواه ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (131191).
فلا يجوز مخاطبة الكافر بلفظ : (السيد) ولو كان قصدك أنه سيد في بيته أو قومه ،
ولكن لا بأس أن تذكر ذلك مقيدا بمن له السيادة عليهم ، كما لو قلت : فلان سيد قومه
، أو : كبير قومه ونحو ذلك ، ولذلك لما كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتاب إلى هرقل
ملك الروم قال فيه : ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . مِنْ مُحَمَّدٍ
عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ) رواه البخاري (6) .

فلم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : (هرقل العظيم) وإنما أضاف ذلك إلى قومه ، وهي
إضافة صادقة ، لأن هرقل – فعلا – هو عظيم قومه ، وإن كانت عظمة هرقل لا قيمة لها
عند المسلم ، لأنه لا عظمة إلا لمن يؤمن بالله ويطيعه .

قال ابن حجر رحمه الله : ”
قَوْله صلى الله عليه وسلم ( عَظِيم الرُّوم ) فِيهِ عُدُول عَنْ ذِكْره
بِالْمُلْكِ أَوْ الْإِمْرَة ; لِأَنَّهُ مَعْزُول بِحُكْمِ الْإِسْلَام ,
لَكِنَّهُ لَمْ يُخْلِهِ مِنْ إِكْرَام لِمَصْلَحَةِ التَّأَلُّف” انتهى من ” فتح
الباري ” (1/38) .

فيؤخذ من هذا : أنه لا حرج
من نداء الكافر بمسماه الوظيفي كــ ” عميد الكلية ” أو ” مدير المستشفى ” ونحو ذلك
.

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android