0 / 0

شرح حديث : ( عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمَا اللَّهُ مِنَ النَّارِ: عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَام ) .

السؤال: 235019

ذكرتم في الفتوى رقم : (148529) أنه قد يكون المراد بالحديث محمود الغزنوي والوليد بن عبدالملك ، وهنا أتساءل : هل يمكن أن يراد به أيضا أورنكزيب عالم كير؟ لأنه المسلم الوحيد الذي غز الهند كلها بما في ذلك بنجلادش وباكستان ، بينما الباقون غزوا مدنا بعينها وليس البلاد بكاملها ؟ وكذلك شير شاه سوري غزا أجزاءً من الهند وباكستان وبنجلادش .

ملخص الجواب

والخلاصة : أن حديث ثوبان رضي الله عنه في فضل هذه العصابة التي تغزو الهند لم ينص على جماعة بعينها ، ولا عيّن زمانها ، فلا نستطيع القطع بهذا الفضل لأحد من الناس ، جماعات أو أفرادا ، ولكننا نحسن الثناء على كل من جاهد في سبيل الله ، وأعان على رفع كلمة الله ، واجتهد في إقامة الدين والعدل بين الناس ، ونسأل الله له الفوز بالجنة ، والنجاة من النار . والأقرب إلى ظاهر الحديث ـ والله أعلم ـ أنه فيمن غزا الهند ابتداء ، فمن غزاها ابتداء كان أولى بهذا الفضل ممن عاش فيها ، ثم غزا بعض أقاليمها . والله يؤتي فضله من يشاء ، والله واسع عليم ، سبحانه ، وجل وعلا . والله تعالى أعلم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

روى النسائي (3175) ، وأحمد (22396) عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمَا اللَّهُ مِنَ النَّارِ: عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَام )وصححه الألباني في “صحيح النسائي” .

فأفاد هذا الحديث الصحيح أن هناك جماعتين من المسلمين ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنجاتهما من النار : جماعة تغزو الهند ، وجماعة تكون مع عيسى عليه السلام .
ولم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنهما إلا بالوصف المذكور ، فلا يُعرف عنهما إلا ذلك .

أما جماعة المسيح عليه السلام : فلا ينبغي الاختلاف عليها ، وأنها تكون زمان نزول المسيح عليه السلام .

وأما الجماعة التي تغزو الهند : فلم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها إلا أنها تغزو الهند ، فلا نتعدى في تعريفها ذلك .
وقد غزا المسلمون الهند ، مرة في عهد الوليد بن عبد الملك بقيادة القاسم بن محمد الثقفي ، ومرة في زمان العباسيين ، بقيادة محمود بن سُبُكتِكين .

أما السلطان ” أورنك زيب ” رحمه الله : فقد كان سلطان الهند ، وليس من فاتحيها الذين ابتدءوا فتحها، وغزاها من خارجها ، فقد ولد في الهند ، وأبوه السلطان ” شاه جيهان ” من سلاطين دولة المغول في الهند ، إلا أنه رحمه الله كان قائدا مجاهدا ، حرص على نشر الإسلام ، وتصحيح العقيدة ، ونبذ البدع ، ومحاربة أهلها ، فغزا كثيرا من أقاليم بلاد الهند ، حتى دانت له ، فنشر الدين ، وأخذ الجزية من كفار الهند ، وفتح الفتوحات العظيمة ، وأعزّ الله به الإسلام وأهله بتلك البلاد .
انظر جواب السؤال رقم : (174824) ، (148529) .

وأما شير شاه السوري: فهو أيضا سلطان من سلاطين الهند وملوكها .
وهو السلطان العادل شير شاه بن حسن خان بن إبراهيم السوري، وكان اسمه فريد خان. و”سور” قبيلة من الأفغان، وهم ينتسبون إلى الملوك الغورية .
قال عبد الحي الحسني في “نزهة الخواطر” (4/ 353):
” انتقل جده إبراهيم من جبال روه ، إلى أرض الهند ، وتوسل ولده حسن خان بالأمير جمال خان الأفغاني وأحسن الخدمة ، فأقطعه جمال خان سهسرام وخواص بور، وكان فريد خان أكبر أولاد أبيه ، وكان من خيار السلاطين ، عادلاً باذلاً ، كريماً رحيماً، شجاعاً مقداماً محظوظاً جداً، كان لا يقصد باباً مغلقاً إلا انفتح ، ولا يقدم على أمر مهم إلا اتضح ، وكان وزع أوقاته من يوم وليلة ، شطراً منها للعبادة ، وشطراً للعدل والقضاء، وبعضاً منها لإصلاح العسكر، فكان ينتبه من النوم في ثلث الليل الآخر ويغتسل ويتهجد ويشتغل بالأوراد إلى أربع ساعات نجومية ، ثم ينظر في حسابات الإدارات المختلفة ، ويرشد الأمراء فيما يهمهم من الأمور في ذلك اليوم ، ويهديهم إلى برنامج العمل اليومي لئلا يشوشوا أوقاته بعد ذلك بالأسئلة ، ثم يقوم ويتوضأ لصلاة الفجر ويصليها بالجماعة ، ثم يحضر لديه الأمراء فيسلمون عليه ، ثم يقوم ويصلي صلاة الإشراق ، ثم يسأل الناس عن حوائجهم ويعطيهم ما يحتاجون إليه من خيل وأقطاع وأموال وغير ذلك ، لئلا يسألوه في غير ذلك من الأوقات ، ثم يتوجه إلى المظلومين والمستغيثين ويجتهد في إغاثتهم ” انتهى باختصار .
وبالجملة : فقد كان محمود السيرة ، يقوم بالعدل بين الناس ، صاحب عبادة وصلاح ، إلا أنه كان يميل إلى التصوف ، ويحافظ على أورادهم ، كالمسبعات العشر وغيرها ، كما يعرف ذلك من ترجمته .
وهو أيضا ليس ممن غزا الهند ابتداء، لأنه مولود بها ، ولكنه غزا بعض أقاليمها.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android