تنزيل
0 / 0

كيف أعمل بمقتضى اسم الله تعالى ” الأول “.

السؤال: 254986

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : “الأول”؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

“الأول” من أسماء الله الحسنى .
قال تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ) الحديد/ 3 .

و”الأول” هو : الذي ليس قبله شيء .
روى مسلم في صحيحه (2713) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يَقُولُ: ” اللهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ
الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ
وَالنَّوَى ، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ ، أَعُوذُ
بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ ، اللهُمَّ أَنْتَ
الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْء
ٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ
دُونَكَ شَيْءٌ ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ ) .

والعمل بمقتضى هذا الاسم يكون بمعرفة سبق فضله سبحانه ورحمته، فيحسن العبد الظن
بربه ، ويلجأ إليه في كافة أمره ، ويقر بفقره وحاجته إلى ربه ، وغنى ربه ، مع واسع
كرمه وفضله ، فيتحقق للعبد فقر اختياري ، وعبودية خاصة ، قال ابن القيم رحمه الله:
” عبوديته باسمه (الأَول) : تقتضى التجرد من مطالعة الأسباب ، والوقوف عليها ،
والالتفات إِليها، وتجريد النظر إِلى مجرد سبق فضله ورحمته، وأَنه هو المبتدئ
بالإِحسان من غير وسيلة من العبد، إِذ لا وسيلة له فى العدم قبل وجوده ، وأَى وسيلة
كانت هناك ، وإِنما هو عدم محض، وقد أَتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً
؟!
فمنه سبحانه الإِعداد ، ومنه الإِمداد ، وفضله سابق على الوسائل ، والوسائل من مجرد
فضله وجوده ، لم تكن بوسائل أُخرى .
فمن نزَّل اسمه الأَول على هذا المعنى أَوجب له فقراً خاصاً ، وعبودية خاصة .
وعبوديته باسمه (الآخر) : تقتضي أيضا عدم ركونه ووثوقه بالأسباب ، والوقوف معها ؛
فإنها تنعدم لا محالة وتنقضي بالآخرية ، ويبقى الدائم الباقي بعدها ؛ فالتعلق بها
تعلق بعدم وينقضي، والتعلق بالآخر سبحانه تعلق بالحي الذي لا يموت ولا يزول ؛
فالمتعلق به حقيق أن لا يزول ولا ينقطع ، بخلاف التعلق بغيره مما له آخر يفنى به .

كذا نظر العارف إليه بسبق الأولية حيث كان قبل الأسباب كلها ، وكذلك نظره إليه
ببقاء الآخرية حيث يبقى بعد الأسباب كلها ؛ فكان الله ولم يكن شيء غيره ، وكل شيء
هالك إلا وجهه !!

فتأمل عبودية هذين الاسمين ، وما يوجبانه من صحة الاضطرار إلى الله وحده ، ودوام
الفقر إليه دون كل شيء سواه ، وأن الأمر ابتدأ منه ، وإليه يرجع ؛ فهو المبتدىء
بالفضل حيث لا سبب ولا وسيلة ، وإليه تنتهي الأسباب والوسائل ؛ فهو أول كل شيء
وآخره .
وكما أنه رب كل شيء وفاعله وخالقه وبارئه ، فهو إلهه وغايته التي لا صلاح له ولا
فلاح ولا كمال إلا بأن يكون وحده غايته ونهايته ومقصوده .
فهو الأول الذي ابتدأت منه المخلوقات ، والآخر الذي انتهت إليه عبوديتها وإرادتها
ومحبتها . فليس وراء الله شيء يقصد ويعبد ويُتأله ، كما أنه ليس قبله شيء يُخلق
ويُبرأ .
فكما كان واحدا في إيجادك ، فاجعله واحدا في تألهك إليه ؛ لتصح عبوديتك .
وكما ابتدأ وجودك ، وخلقك منه ؛ فاجعله نهاية حبك وإرادتك ، وتألهك إليه ، لتصح لك
عبوديته باسمه ( الأول والآخر ) .
وأكثر الخلق تعبدوا له باسمه الأول ؛ وإنما الشأن في التعبد له باسمه الآخر ؛ فهذه
عبودية الرسل وأتباعهم ، فهو رب العالمين ، وإله المرسلين ، سبحانه وبحمده” .
انتهى من ” طريق الهجرتين ” (ص 19-20) .

ومن أهم ما ينبغي العمل به ، بمقتضى أسمائه الحسنى سبحانه : سؤاله بها ، والتوسل
إليه بها ، كما قال تعالى : ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا
) الأعراف/180 .
وهذا من تمام عبوديته سبحانه ، وتمام الفقر إليه .
والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android