0 / 0

لو كان ابن صياد هو الدجال، كيف لم يقرأ النبي عليه الصلاة والسلام كلمة ” كافر ” بين عينيه ؟

السؤال: 286116

أريد أن أعرف كيف شك الرسول عليه الصلاة والسلام في ابن الصياد على أنه المسيح الدجال ، علما بأن هذا الأخير سيكون مكتوب على جبينه كافرا ؟ وهل هذا دليل على أن كلمة كافر ستكتب عند خروج المسيح ، أم هي مكتوبة منذ خلقه ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

فإن فتنة المسيح الدجال من أعظم الفتن ، وكان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله في صلاته من شر فتنته .

فروى البخاري في “صحيحه” (7129) ، ومسلم في “صحيحه” (587) ، من حديث عائشة رضي الله عنها ، قَالَتْ: ” سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ “.

إلا أن الله تعالى برحمته وفضله سيجعل أمر الدجال واضحا جليا ظاهرا ، ومن ذلك أن الله تعالى سيجعل بين عينيه كلمة ” كافر ” ، يقرؤها كل مؤمن ، كاتب أو غير كاتب .

فقد روى البخاري في “صحيحه” (7131) ، ومسلم في “صحيحه” (2933) ، من حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ ، أَلاَ إِنَّهُ أَعْوَرُ ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ ).

وفي حديث حذيفة رضي الله عنه ، الذي أخرجه مسلم في “صحيحه” (2934) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( لَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ ، مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ ، أَحَدُهُمَا رَأْيَ الْعَيْنِ ، مَاءٌ أَبْيَضُ ، وَالْآخَرُ رَأْيَ الْعَيْنِ ، نَارٌ تَأَجَّجُ ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ ، فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَلْيُغَمِّضْ ، ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ ، وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ ، عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ ) .

قال الإمام النووي في “شرح مسلم” (18/60) :” الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا ، وَأَنَّهَا كِتَابَةٌ حَقِيقَةٌ ، جَعَلَهَا اللَّهُ آيَةً وَعَلَامَةً مِنْ جُمْلَةِ الْعَلَامَاتِ الْقَاطِعَةِ بِكُفْرِهِ وَكَذِبِهِ وَإِبْطَالِهِ ، وَيُظْهِرُهَا اللَّهُ تَعَالَى لِكُلِّ مُسْلِمٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ وَيُخْفِيهَا عَمَّنْ أَرَادَ شقاوته وفتنته ” انتهى .

أما بخصوص ما ورد في ابن صياد ، وكيف أنه لو كان هو الدجال كيف لم يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم المكتوب بين عينيه ؟

فجواب ذلك ، من وجهين :

الأول : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجزم قط في حديث أن ابن صياد هو الدجال ، وإنما أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعض صفات الدجال ، ثم علم بابن صياد ، فوجد فيه بعض الصفات التي كانت عنده في الدجال ، ولما لم يكن قد أتاه وحي في كون ابن صياد هو الدجال ، أو لا ؛ توقف في أمره ، ولم يقطع فيه بشيء .

والذي يظهر أنه لم يكن قد أتاه صلى الله عليه وسلم وحي بشأن هذه العلامة، حينما كان يشك في أمر ابن صياد.

قال النووي في “شرح مسلم” (18/46) :” قَالَ الْعُلَمَاءُ وَقِصَّتُهُ مُشْكِلَةٌ وَأَمْرُهُ مُشْتَبَهٌ فِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ الْمَشْهُورُ أم غيره ؟

ولاشك فِي أَنَّهُ دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ . قَالَ الْعُلَمَاءُ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ ولا غيره ، وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ بِصِفَاتِ الدَّجَّالِ ، وَكَانَ فِي بن صَيَّادٍ قَرَائِنُ مُحْتَمِلَةٌ ، فَلِذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم لايقطع بأنه الدجال ولا غيره “. انتهى

الوجه الثاني : أن هذه العلامة وغيرها من العلامات التي جاءت في الدجال : إنما تظهر وقت فتنته ، عندما يخرج على الناس آخر الزمان ، فيدعي الألوهية .

فإذا افترضنا أن ابن صياد هو الدجال فعلا ، وهذا على خلاف القول الراجح ؛ فيقال فيه :

إن هذه العلامة لم تكن قد ظهرت وقت رؤية النبي صلى الله عليه وسلم له ، وإنما تظهر عند خروجه ، وظهور فتنته في الناس ، آخر الزمان.

قال القاضي عياض في “إكمال المعلم” (8/465) :” وأما احتجاجه هو ( أي ابن صياد ) بحجه البيت ودخوله المدينة ، فليس له فيه دليل ، إنما أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه لا يدخل مكة ولا المدينة وقت فتنته ” انتهى .

وقال القرطبي في “التذكرة” (784) :” واحتجاجه بأنه مسلم ، وولد له ، ودخل المدينة ، وهو يريد مكة تلبس منه ،  وأنه سيكفر إذا خرج ، و حينئذ لا يولد له ، ولا يدخل مكة ولمدينة ” انتهى .

وعلى ذلك نقول :

إنه لو صح أن ابن صياد هو الدجال : فلا يلزم كتابة كلمة ” كافر ” بين عينيه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأن وقت خروجه لم يكن قد حان بعد .

وإنما تظهر هذه العلامات ، وغيرها مما جاءت به الأحاديث الصحيحة ، وقت فتنته وعند خروجه على الناس ، وادعائه الألوهية . 

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (274431) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android